بسم الله الرحمن الرحیم
جلسه هشتاد و هفت
وذكر الشيخ (قدس سره) في هذا المقام مرسلة سفيان ايضاً.
وهو ما رواه الشيخ (قدس سره) في التهذيبين بإسناده عن احمد بن محمد بن عيسي عن الحسين بن سعيد عن ابن ابي عمير عن بعض اصحابنا عن سفيان بن السمط عن ابي عبدالله عليه السلام قال:
تسجد سجدتي السهو في كل زيادة تدخل عليك او نقصان.[1]
اما جهة الدلالة فيها:
عدم وجوب اعادة الصلاة في كل زيادة ونقصان وجبر الاخلال بهما بسجدتي السهو.
ومدلولها وإن كان عدم وجوب الاعادة مطلقا الا انه يرفع اليد عنها في مثل الاجزاء الاركانية، وفي الزيادة العمدية ونقصانها بمقتضي غيرها مما ورد في المقام.
اما جهة السند فيها:
فرواه الشيخ بإسناده عن احمد بن محمد بن عيسي، واسناده اليه صحيح في المشيخة.
وأما احمد بن محمد بن عيسي ابن عبدالله بن سعد الأشعري، فقد مر توثيق الشيخ له في الرجال وكذا العلامة، وهو من الطبقة السابعة.
وهو رواه عن الحسين بن سعيد، وهو الحسين بن سعيد الاهوازي وقد مر وثاقته، بتوثيقه من الشيخ في كتابيه، وهو من الطبقة السادسة.
وهو رواه عن ابن ابي عمير، وهو محمد بن ابي عمير اسمه زياد، وثقه الشيخ في كتابيه وقال في الفهرست: «كان من اوثق الناس».
وقال فيه النجاشي: «اصحابنا يسكنون الي مراسيله».
وعده الكشي ممن اجمع اصحابنا علي تصحيح ما يصح عنه وتصديقهم. وهو من الطبقة السادسة.
وهو رواه عن بعض اصحابنا، وقد مر الفرق بين هذا التعبير وتعبير عن رجل او عمن رواه، مع خصوصية ان المرسل هو محمد بن ابي عمير.
ورواه البعض عن سفيان بن السمط، وهو سفيان بن السمط البجلي الكوفي. لا تنصيص علي وثاقته في اصول الرجال.
فالرواية وإن يوهم ضعفها سنداً من ناحية الإرسال، ومن ناحية عدم ثبوت وثاقة سفيان بن السمط، الا انها من مرسلات ابن ابي عمير وبنقله صحيحاً عن البعض عن سفيان يتم اعتبار الرواية سنداً، فيحكم بكونها موثقة.
وقد ذكر الشيخ (قدس سره) بعنوان المستند ايضاً:
ما رواه الكليني عن محمد بن يحيي عن احمد بن محمد عن ابن فضال عن يونس بن يعقوب عن منصور بن حازم قال:
قلت لأبي عبدالله (علیه السلام): اني صليت المكتوبة، فنسيت ان أقرأ في صلاة كلها، فقال: اليس قد اتممت الركوع والسجود؟ قلت: بلي، قال: قد تمت صلاتك اذا كان نسياناً. (في نسخة اذا كنت ناسياً.)[2]
اما جهة الدلالة فيها:
فإن الموضوع للسؤال فيها نسيان القرائة، فآتي بالصلاة الفاقدة للقرائة نسياناً فسئل عن الامام (علیه السلام) عن صحة ما اتي به او بطلانه فأجاب الامام (علیه السلام) بأنه لو اتم الركوع والسجود بمعني ان اتي بالركوع في جميع ركعاته وكذا السجدتين تمت صلاته ولا تحتاج الي الاعادة في ظرف النسيان.
وهذا المضمون وإن يقيد باتمام غير الركوع والسجود من الاجزاء الاركانية تعبيرها من الروايات الا ان المستفاد منها اكتفاء الشارع بالصلاة الفاقدة للقرائة في ظرف النسيان بالحكم بتماميتها.
اما جهة السند فيها:
فرواه الكليني عن محمد بن يحيي، وهو محمد بن يحيي العطار ابو جعفر القمي، وثقه النجاشي والعلامة، وهو من الطبقة الثامنة.
وهو رواه عن احمد بن محمد، وهو اما احمد بن محمد بن عيسي وإما احمد بن محمد بن خالد، لاشتراك روايتهما عن ابن فضال، وهما ثقتان ومن الطبقة السابعة.
وهو رواه عن ابن فضال، وهو الحسن بن علي الفضال التيمي.
قال فيه الشيخ في الفهرست: ابو محمد روي عن الرضا (عليه السلام) وكان خصيصا به جليل القدر عظيم المنزلة زاهداً ورعاً ثقة في رواياته.
ووثقه في الرجال، وقال النجاشي: ورع ثقة في الحديث وفي رواياته، وقال العلامة في الخلاصة: «ورع ثقة في رواياته».
وقال الكشي: «كان الحسن بن علي فطحياً يقول بإمامة عبدالله بن جعفر فرجع»
وقال ايضاً: «اجمعت العصابة علي تصحيح ما يصح عن الحسن بن محبوب وقال بعضهم مكان الحسن بن محبوب الحسن بن علي بن فضال.»
وبالجملة انه لا شبهة في تمامية وثاقة الرجل لولا صحته، وهو من الطبقة السادسة.
وهو رواه عن يونس بن يعقوب، وهو يونس بن يعقوب بن قيس ابو علي الجلاب البجلي، وثقه الشيخ في الرجال وقال: انه ثقة مولي وعد له في عدة مواضع. وقال النجاشي: «كان موثقاً عند الائمة»، وقال العلامة: «اعتمد علي روايته». وقال ابو جعفر بن بابويه: «انه فطحي».
وقال العلامة (قدس سره): وقال الكشي: حدثني حمدويه عن بعض اصحابه: ان يونس بن يعقوب فطحي كوفي مات بالمدينة، وكفنه الرضا (علیه السلام)، وروي الكشي احاديث حسنة تدل علي صحة عقيدة هذا الرجل، والذي اعتمد عليه قبول روايته وبالجملة، انه تتم وثاقة الرجل لولا صحته، وهو من الطبقة الخامسة.
فالرواية موثقة.
والمستفاد من مجموع هذه الاخبار وغيرها مما لا يذكره الشيخ (قدس سره) ـ في باب 29 وما قبله وما بعده من ابواب القرائة وغيرها ـ
الحكم بصحة صلاة ناسي الجزء اذا لم يكن من الاجزاء الاركانية، ومقتضاه علي ما مر اكتفاء الشارع بما اتي به تارك الجزء نسياناً عن المأمور به التام بحسب الاجزاء في خصوص الصلاة.
وقد ظهر من ذلك انه يمكن تصوير ما افاده المحقق الاصفهاني قدس سره من تقييد الاجزاء بالالتفات، ولكنه بمقتضي هذه الاخبار انما يختص ذلك بالصلاة دون غيرها من المركبات الا ان يلتزم احد بتنقيح المناط واسراء الحكم منها الي سائر المركبات.
نعم:
مع تمامية جريان حديث الرفع علي ما مر تقريبه فإنما يثبت التقييد في جميع المركبات، وقد مرت تمامية هذه المقالة علي المبني. هذا تمام الكلام في نقصان الجزء نسياناً.
[1]. الشیخ الطوسی، تهذیب الاحکام، ج2، ص155.
[2]. الشيخ الكليني، الكافي، ج3، الباب السهو فی القرائۀ، ص348، الحديث3؛ وسائل الشیعة (آل البیت)، ج6، الباب
29 من أبواب النیۀ ص90، الحدیث7424/2.