بسم الله الرحمن الرحیم
جلسه هشتاد و پنج
قال صاحب العروة:
«مسألة 57:
يشترط في الاستطاعة ـ مضافا إلى مئونة الذهاب و الإياب ـ وجود ما يمون به عياله حتى يرجعفمع عدمه لا يكون مستطيعا و المراد بهم من يلزمه نفقته لزوما عرفيا و إن لم يكن ممن يجب عليه نفقته شرعا على الأقوى فإذا كان له أخ صغير أو كبير فقير لا يقدر على التكسب و هو ملتزم بالإنفاق عليه أو كان متكفلا لإنفاق يتيم في حجره و لو أجنبي يعد عيالا له فالمدار على العيال العرفي«[1].
قال المحقق فی الشرائع:
«الرابع: ان يکون له ما يمون به عياله حتی يرجع، فاضلاً عما يحتاج اليه، فلو قصر ماله لم يجب عليه.»
وقال صاحب الجواهر فی شرحه:
«بلا خلاف أجده، بل ربما ظهر من بعضهم الإجماع عليه، للأصل و عدم تحقق الاستطاعة بدونه. خصوصا بعد أن اعتبر الشارع فيها ما هو أسهل منه، ضرورة وجوب الإنفاق عليه، فهو حينئذ سابق على وجوب الحج، فلا استطاعة مع عدمه. و لخبر أبي الربيع الشامي الذي رواه المشايخ الثلاثة:
«سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل «وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ»- إلى آخره- فقال:
ما يقول الناس؟ قال:فقيل: الزاد و الراحلة، قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): قد سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن هذا فقال: هلك الناس إذا لئن كان لمن كان له زاد و راحلة قدر ما يقوت به عياله و يستغني به عن الناس ينطلق إليهم فيسلبهم إياه لقد هلكوا إذا، فقيل له:فما السبيل؟ فقال: السعة في المال إذا كان يحج ببعض و يبقى بعضا يقوت به عياله أ ليس قد فرض الله الزكاة فلم يجعلها إلا على من يملك مائتي درهم»
بل رواه المفيد في المقنعة أيضا إلا انه زاد بعد قوله: و يستغنون به عن الناس «يجب عليه أن يحج بذلك ثم يرجع فيسأل الناس بكفه لقد هلك إذا»ثم ذكر تمام الحديث، و قال فيه: «يقوت به نفسه و عياله»[2]
و خبر الأعمش المروي عن الخصال بسنده اليه عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) في حديث شرائع الدين:
قال: «و حج البيت واجب على من استطاع اليه سبيلا، و هو الزاد و الراحلة مع صحة البدن، و أن يكون للإنسان ما يخلفه على عياله و ما يرجع اليه بعد حجه»[3]
بل عنالطبرسي في مجمع البيان أنه قال في قوله:
«وَ لِلّهِ» إلى آخره المروي عن أئمتنا (عليهم السلام): «إنه الزاد و الراحلة و نفقة من يلزمه نفقته، و الرجوع إلى كفاية إما من مال أو ضياع أو حرفة مع صحة في النفس و تخلية الدرب من الموانع و إمكان المسير»[4]
المؤيد ذلك كله بخبر عبد الرحيم القصير عن أبي عبد الله (عليه السلام):
قال: «سأله حفص الأعور و أنا أسمع عن قول الله عز و جل «وَ لِلّهِ»- إلى آخره- فقال:
ذلك القوة في المال و اليسار، قال: فان كانوا موسرين فهم ممن يستطيع قال: نعم» إلى غير ذلك.
ثم افاد بعد ذلك بالنسبة الى المراد مما يمون به عياله:
لكن في المنتهى و المدارك:
«أن المراد من وجبت نفقته عليه من العيال و بالمئونة ما يتناول الكسوة و غيرها حيث يحتاجون إليها، أما من يستحب فلا، لأن الحج فرض، فلا يسقط بالنفل»
قلت:
قد يشكل ذلك بظهور النص فيمن يعول به عرفا، و ليس هو من معارضة المستحب للواجب، بل من توقف حصول الخطاب بالواجب عليه، و فرق واضح بين المقامين.
بل الظاهر استثناء ما يحتاج اليه من مئونة أضيافه و مصانعاته و غيرها من مؤنة له، ضرورة كون المراد بالاستطاعة على ما يظهر من هذه النصوص و ما تقدم في المسكن و الخادم و نحوهما وجدان ما يزيد على ما يحتاجه من أمثال ذلك اللازمة له أولا و بالذات أو ثانيا و بالعرض، كالحفظ لعرضه و دفع النقص عنه أو ظلم الجائر أو نحو ذلك، و هو الذي رمز إليه الإمام (عليه السلام) بقوله: «اليسار في المال» بل قد يندرج التكليف بالحج مع عدم ملاحظة ذلك في الحرج و الضرر و العسر المنفية عقلا و آية و رواية، فهي حينئذ الدليل له كنظائره مما تقدم سابقا في استثناء المسكن و الخادم و نحوهما فلاحظ و تأمل..[5].
[1] . العروۀ الوثقی (المحشی)، ج4، ص413
[2] . الوسائل- الباب- 9- من أبواب وجوب الحج- الحديث 1
[3] . الوسائل- الباب- 9- من أبواب وجوب الحج- الحديث 4
[4] . الوسائل- الباب- 9- من أبواب وجوب الحج- الحديث 5
[5] . جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج17، ص: 274ـ 275