بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هشتاد و چهار
ومن طرف آخر:
انه يمکن ان يقال:
ان اعتبار الاستطاعة فی الحج بخلاف سائر الواجبات، ان هذه العبادة بالنسبة الی اکثر الناس بل غالبهم دون اهل مکة تحتاج الی قطع المسافة والسفر وهو غير مقدور عرفاً بالنسبة الی من ليس له تمکن السفر وقطع المسافة اليه خصوصاً من البلاد النائية والتعبير عن الاستطاعة بالزاد والراحلة انما يکون من هذه الجهة لانهما من لوازم السفر، والمراد من الزاد زاد الطريق والا فان مثل اهل مکة قد مرّ عدم اعتبار هذه الجهة اي الزاد والراحلة بالنسبة اليه، لانه فی منزله ويأتی بالعبادة فی موطنه فالحج بالنسبة اليه کالصلاة. يتمکن من الإتيان به بغير ای[S1] راحلة او زاد اکثر من متعارفه فی بلده.
ولذلک کان النظر فی الاستطاعة الی هذه الجهة اي قطع المسافة واما من وصل الی الميقات باي وجه فکأنه صار مثل اهل مکة فی عدم اعتبار شيء من ذلک له.
ولهذه الجهة کان نظر جماعة اعتبارها فی خصوص قطع المسافة واما من وصل الی الميقات، فان وجوب الحج عليه لا تتوقف علی الاستطاعة کما عرفت فی کلمات سيدنا الاستاذ.
ويمکن الاستشهاد لذلک:
بما ورد فی حج الصبي اذا بلغ فی اثناء الحج ومر فيه انه لو بلغ فی عرفات او المشعر بل فی منی[S2] ، فانه يکفي حجه عن حجة الاسلام، وکذا لو بلغ الصبی فی الميقات بحيث وقع حجه عن بلوغ فانه يکفی عنها.
ووجه الاستشهاد ثبوت الوجه للحج بالنسبة اليه بتحقق شرط البلوغ فی الميقات. بل تحققه فی اثناء الحج.
وکذا ان الصبی اذا بلغ فی الاثناء فانه غير واجد لشرط الاستطاعة بنفسه، وانما المتحقق فی حقه التمکن من اتمام الحج بالغاً.
وعليه فان مع تحقق شرط الاستطاعة وهی التمکن من اتيان الحج فی الميقات لوجب الحج.
نعم، يتم ما افاده من عدم تمامية التشبيه من حيث ما قيل من عدم دخل البلوغ فی تحصيل الملاک لان رفع التکليف عنه لاجل الامتنان والتسهيل.
هذا.
واما ما افاده (قدس سره) بان لمن وصل الی الميقات يمکن الالتزام بتحقق الاستطاعة له اذا کان واجداً للراحلة لمسير عرفات، فانه وان افاد ذلک بناءً علی اعتبار الراحلة، الا انه لا يتم الالتزام به لتعارف طي المسير الی عرفات بالمشی، وهو ليس بغير متعارف لإهل مکة.
والحاصل:
ان من يری نفسه متمکناً من الاتيان بالحج عند الميقات يجب عليه الحج ويثبت له الامر بالحج، وان کان فی وصوله الی الميقات تسکع.
والتمکن من الحج بالنسبة اليه هو التمکن من اتيان الحج مثل اهل مکة
وعليه:
فان التسکع فی الکلمات الموجب لعدم کفاية ما اتی به من الحج عن حجة الاسلام بالنسبة الی مثله هو التسکع فی الاتيان بالمناسک.
وهو ينحصر فی تحمل البرد ـ لو اتفق ـ او الرجوع دون ساير الجهات.
ولو فرض بلوغ هذا التحمل الی حد الحرج فهل يمنع ذلک عن کفاية ما اتی به عن حجة الاسلام؟
وقد مرّ ان فی جريان الحرج فی المقام مانعان[S3] :
الاول:
ما ذکره جماعة من ان وجوب الحج بنفسه حرجي کالجهاد خصوصاً بالنسبة الی النائي وهو غالب المکلفين، لان فی ترک الشغل وترک العائلة وطي المسير للنائي ومشقّات السفر حرج ومشقة فی الجملة. ويتأکد ذلک بالنسبة الی الغالب خصوصاً فی الاعصار السابقة من ان الاستطاعة المالية انما تحصل الغالب فی اواخر عمرهم دون الاوائل وايام الشباب وعليه فلا يجری الحرج فی الحج کما هو الحال فی الجهاد.
الثانی: وهو العمرة.
ان دليل الحرج دليل امتناني، وانما يجري فيما اذا لزم منه خلاف الامتنان وما يلزم منه الحرج الالزام علی المکلفين. ولولا الالزام فلا يلزم خلاف الامتنان، وعليه فان مصب ادلة الحرج ونقطة حکومتها علی الادلة الاولية الالزام، فتقدم هذه الادلة يوجب رفع الالزام.
واما بالنسبة الی الملاک فانه لا تعارض ادلة الحج الملاک فان الملاک هو المصلحة الباعثة للجعل، فاذا لزم الحرج فان المصلحة لا تکون باعثة للجعل، واما انتفائها بالنسبة الی مورد الحرج فلا وجه له ولا اقتضاء فی ادلة الحرج بالنسبة اليه.
وبعبارة اخری: ان المصلحة والملاک فی موارد لزوم الحرج لا تقتضي الجعل والحکم الفعلي وان شئت قلت لا يوجب الجعل الفعلي.
ومع عدم تنافی ادلة الحرج للملاک، فان من اتی بالفعل الواجب عليه لولا الحرج، عند لزوم الحرج، فانه اتی بالفعل الواجد للملاک، وباتيانه يسقط الفرض من الجعل، وهذا لا تختص بالحج، بل يجری ذلک فی جميع الموارد کابواب الطهارة والصلاة وغيرها وکذا الکلام فی ادلة الضرر.
اذا عرفت ذلک:
فقد ظهر ان الالتزام بکفاية حج غير المستطيع عن حجة الاسلام مما ليس فيه بعد.
وعليه فان جميع ما مرّ فی اعتبار الاستطاعة، انما يعتبر فی التمکن الفعلی الباعث لثبوت الوجوب للمکلف فی بلده ومکانه من وجود الزيادة عنده مضافاً الی ما يحتاج اليه فی معاشه الضرورية، لا بالنسبة الی من وصل الی الميقات بای وجه وتمکن من الاتيان بالمناسک ولو بما دون المتعارف له من التمکن العرفی.