بسم الله الرحمن الرحیم
جلسه هشتاد و یک
اما الصورة الثانية:
وهو ما اذا حج لنفسه مع عدم كونه مستطيعاً، فقد مر من صاحب العروة (قدس سره): لا يكفيه عن حجة الاسلام، فيجب عليه الحج اذا استطاع بعد ذلك.
واساس نظره ان الاستطاعة شرط لوجوب الحج، وما لم يتحقق الشرط، لا يصير الحج واجباً، فلا ثبوت للامر بالحج بالنسبة الي غير المستطيع، فلا يمكن الاتيان بالحج في الفرض بداعي امره.
وهذا الوجه تام، لعدم ثبوت الامر بالحج في فرض عدم الاستطاعة.
اللهم الا ان يقال:
انه لا شبهة في عدم ثبوت الامر عند فقد الاستطاعة ومعه فان حج غير المستطيع ليس بمأمور به.
ولكن غير المستطيع لا ينحصر بالمتسكع، لان في فرض عدم تحقق الرجوع الي الكفايه، او عدم تأمين اهله في حال سفره وامثاله، ليس الاتي بالحج متسكعاً مع انه غير مستطيع.
ولكن الكلام والبحث انما يكون في ان حج غير المستطيع وان كان غير مأمور به الا انه هل يمكن تصوير كونه مسقطاً للامر في حال عدم كونه مأموراً به كما في موارد العلم بالغرض مع ثبوت المانع عن الامر بالمكلف به، ومع امكان ذلك فما المانع عن كفايته عن حجة الاسلام؟
توضيح ذلك:
انه لا شبهة في مطلوبية الحج بذاته ولو لغير المستطيع، ويمكن استظهار استحبابه له في جميع الشرائط.
كما لا شبهة في التاكيد علي الاتيان بالحج والحث عليه في الاخبار ويشهد له ما ورد في مثل اخبار البذل من الحث علي اتيانه ولو علي حمار اجدع ابتر.
والمستفاد من مجموعها ان الاتيان به مطلوب للمولي في جميع الاحوال.
واما الاتيان به بما يلزم الضرر او الحرج، فان مثلهما انما يرفع الوجوب والالزام امتناناً فيسقط به الامر، ولا وجه لسقوط الملاك بعد تحقق الامتنان علي العباد بسقوط الالزام.
ومعه فما المانع في تصوير واجدية حج غير المستطيع للملاك الموجب لكفايته عن حجة الاسلام.
فان حجة الاسلام واجبة علي المكلف مرة في عمره مع تحقق الاستطاعة ومع امكان تصوير واجدية حج غير المستطيع لملاك الامر فلم لا يكفي ما اتي به في ظرف عدم استطاعته عن الامر المتوجه اليه بعد حصول الاستطاعة. وبعبارة اخري اوجب سقوط الحج عنه ولو بعد تحقق الاستطاعة له.
وهذا خصوصاً بعد ما مر من عدم حصر المورد في المتسكع، فان علي مبني مثل السيد الخوئي (قدس سره) الملتزم بتحقق الاستطاعة بوجود الزاد و الراحلة فقط دون غيرهما مما يعتبر عنه غيره في تحققها كالرجوع الي الكفاية وامثاله فان ملاك الاعتبار فيه عنده لزوم الحرج عند فقده، وقد مر ان الحرج انما ينفي اللزوم دون المشروعية والملاك ولذا لا شبهة في ثبوت الاستحباب في مورده.
هذا وعليه فان في عدم كفاية حج غير المستطيع، نحو تأمل ربما يظهر من الدقة في الاخبار.
نعم، ان ما يسهل الخطب تسالم الاصحاب علي عدم كفايته فلو ثبت منهم اجماع او شهرة خصوصاً من القدماء علي عدم الكفايۀ فلا وجه للتأمل المذكور، والا فان فيما افادوا يمكن تصوير نحو تأمل.