بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهل و هشت
قال السيد الخوئي(قدس سره) في تقريب القسم الثالث:
«القسم الثالث:
ان يكون ما يحتمل دخله في الواجب مقوما له بان تكون نسبته إليه نسبة الفصل إلى الجنس، كما إذا تردد التيمم الواجب بين تعلقه بالتراب أو مطلق الأرض الشامل له وللرمل والحجر وغيرهما.
وكما إذا أمر المولى عبده باتيان حيوان فشك في أنه أراد خصوص الفرس أو مطلق الحيوان، ففي مثله ذهب صاحب الكفاية ( ره ) والمحقق النائيني ( ره ) إلى عدم جريان البراءة.
أما صاحب الكفاية: فقد تقدم وجه اشكاله والجواب عنه، فلا نحتاج إلى الإعادة.
وأما المحقق النائيني ( ره ): فذكر ان الجنس لا تحصل له في الخارج الا في ضمن الفصل، فلا يعقل تعلق التكليف به، إلا مع أخده متميزا بفصل فيدور امر الجنس المتعلق للتكليف بين كونه متميزا بفصل معين أو بفصل ما من فصوله.
وعليه فيكون المقام من موارد دوران الأمر بين التعيين والتخيير، لا من دوران الامر بين الأقل والأكثر، لأنه لا معنى للقول بأن تعلق التكليف بالجنس متيقن، إنما الشك في تقيده بفصل.
بل نقول:
تقيده بالفصل متيقن إنما الشك والترديد في تقيده بفصل معين أو فصل من فصوله، لما ذكرناه من عدم معقولية كون الجنس متعلقا للتكليف إلا مع اخذه متميزا بفصل، فيدور الامر بين التخيير والتعيين. والعقل يحكم بالتعيين، فلا مجال للرجوع إلى البراءة عن كلفة التعيين.
ثم إنه ( ره ) قسم دوران الامر بين التخيير والتعيين إلي اقسام ثلاثة، واختار في جميعها الحكم بالتعيين.»[1]
هذا وظاهره (قدس سره) ان وجود خصوصيته في مثل دوران الامر بين الجنس والفصل اوجب زيادة قسم في المقام وهو كون ما يحتمل دخله في المأمور به مقوماً له.
وفي الحقيقة انه قسّم القسم الثاني الى قسمين، لان المقسم عنده في مقام التقسيم؛ دخل ما يحتمل دخله في المأمور به على نحو الشرطية.
وهذا تارة يكون ما يحتمل دخله موجوداً مستقلاً عنه وتارة موجوداً غير مستقل عنه خارجاً.
وعليه فان ما قرره قسماً ثالثاً يكون من اقسام القسم الثاني وفي الحقيقة يقسّم القسم الثاني وهو كون ما يحتمل دخله وجوداً غير مستقل عن المأمور به الى قسمين.
1 ـ عدم كون ما يحتمل دخله، المفروض عدم استقلاله عن المأمور به غير مقوم للمامور به.
2 ـ كونه مقوماً للمامور به.
واساس حيثية هذا الانقسام الى انقسام القسم الثاني الى قسمين قضية دخل ما يحتمل دخله على نحو المقومية للمامور به وعدم مقوميته.
وافاد السید الاستاذ (قدس سره):
«يبقى الكلام في موارد: المورد الأول: في دوران الامر بين العام والخاص.
ولا يخفى انهما بحسب اللغة لا يختلفان عن المطلق والمقيد، وانما الفرق بينهما اصطلاحي بحسب مقام الدال، فإذا كان الدال على العموم وضعيا سمي عاما، وإذا كان الدال عليه بمقدمات الحكمة سمي مطلقا.
والذي يبدو من المحقق العراقي ( قدس سره ) انه جمع بين المطلق والمقيد وبين العام والخاص في الحكم ولم يفرز لكل منهما بحثا خاصا به.
وقد ذهب البعض في مقام بيان الفرق موضوعا فيما نحن فيه إلى: ان المراد بالعام والخاص هو ثبوت الحكم لعنوان عام، ثم ثبوته لعنوان خاص من حيث الصدق مباين من حيث المفهوم، نظير مفهوم الصلاة ومفهوم الجمعة. فيختلف عن المقيد، لأنه ما أخذ فيه نفس العنوان المطلق بإضافة القيد الزائد، نظير الصلاة وصلاة الجمعة.
وهذا الوجه لا يهمنا التعرض إلى تفنيده وبيان انه يرتبط بمقام الاثبات لا مقام الثبوت كما لا يخفى جدا.
وإنما المهم بيان الفرق الصحيح بين الموردين - أعني: مورد العام والخاص. ومورد المطلق والمقيد -، بحيث يصحح افراد كل منهما بالبحث والكلام فيه على حدة.
فنقول:
ان المراد بالخاص ما كانت الخصوصية فيه متحدة في الوجود مع ذي الخصوصية بمعنى ان وجودها بعين وجوده واقعا ولا تعدد في وجودهما، نظير الجنس والفصل، فأن وجود الجنس والفصل واحد. فالحيوان عام والانسان خاص.
وبذلك يختلف عن المطلق والمقيد، إذ الخصوصية في المقيد ليست موجودة بنفس وجود ذي الخصوصية وإن كانت متقومة به تقوم العارض بالمعروض، لكن وجودها مغاير لوجود ذي الخصوصية، فان وجود الايمان غير وجود الرقبة ووجود العدالة غير وجود العالم، كما أن الربط بينهما موجود بوجود انتزاعي غير وجود ذي الربط وان تقوم به.
وإذا اتضح المراد بالخاص يتضح حكمه من حيث الانحلال وعدمه، مع الشك في اعتبار الخصوصية، فإنه لا مجال لدعوى الانحلال، إذ لا انبساط للتكليف على تقدير اعتبار الخصوصية بعد فرض وحدة الوجود دقة وعدم تعدده، فليس الدوران بين العام والخاص من الدوران بين الأقل والأكثر في متعلق التكليف.
فلا وجه للانحلال فيه حتى إذا قيل بالانحلال في مورد الشك في القيد ودوران الامر بين المطلق والمقيد.
إذن، لا بد من الاحتياط لمن يذهب إلى البراءة من باب الانحلال الحقيقي في حكم الشرع.
نعم، على مسلكنا في اجراء البراءة لا مانع من جريانها ههنا، إذ التكليف من جهة الخصوصية الزائدة المشكوكة غير منجز، لعدم العلم، فيكون مجرى البراءة العقلية والشرعية الراجعة إلى عدم وجوب الاحتياط - كما أشرنا إليه -.
هذا، ولكن لا يذهب عليك ان هذا البحث فرضي بحت، إذ الخصوصيات المأخوذة في متعلقات التكاليف ليست من قبيل الفصل إلى الجنس، لان المتعلقات أفعال المكلفين، وهي من الاعراض، وهي بسائط لا تركب فيها كي يجري فيها حديث العام والخاص والجنس والفصل.
[1] . البهسودي، مصباح الاصول تقرير البحث السيد الخوئي، ج2، ص447-448.