بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه سي و شش
وإن ما كان لنا دليل اليه طريق في الظاهر، لا يصدق في حقه الحجب قطعاً والا لدلت هذه الرواية علي عدم حجية الادلة الظنية كخبر الواحد وشهادة العدلين وغيرهما.
ولو التزم تخصيصها بما دل علي حجية تلك الطرق تعين تخصيصها ايضاً بما دل علي حجية اصالة الاشتغال من عمومات ادلة الاستصحاب ووجوب المقدمة العلمية...
ويمكن ان يقال:
ان المراد من دليل العقل المقتضي للاحتياط، لزوم دفع الضرر المحتمل، بتقريب: ان العقاب ضرر فيلزم الاجتناب من العقاب المحتمل، وعليه ففي مثل المقام يلزم الاتيان بالاكثر دفعاً للعقاب المحتمل.
ويمكن النظر فيه:
بأن الاستدلال بهذه القاعدة علي فرض ثبوته يتوقف علي شمول الضرر للضرر الاخروي وهو العقاب، فإن العقاب في مثل المقام اذا كان محتملاً يلزم الاجتناب عنه بمقتضي هذه القاعدة.
وهذا ولكن العقاب امر اخروي كان امره بيد الشارع فإذا صرح الشارع بنفسه بأنه رفع العقاب برفع موجبه وهو الحكم، فإنه ليس هنا عقاب محتمل ليلزم الاجتناب عنه.
وعليه فإن مثل حديث الرفع او حديث الحجب انما رفع الحكم في ظرف الجهل وعدم العلم بالحكم، ولا موجب للعقاب غير العصيان المتحقق بعصيان الحكم، فالحديث انما يرفع موضوع القاعدة وهو احتمال العقاب فكيف يمكن تصوير جريان القاعدة.
والقول بأن حكم العقل في المقام بلزوم دفع الضرر المحتمل بيان فلا يصدق عدم العلم او الحجب يندفع، بأن حد بيانيته ـ علي فرض ثبوته ـ التحفظ علي احتمال العقاب واحتمال الحكم، فإن حديث الرفع ومثله بما انه يرفع هذا الاحتمال فكيف يمكن ان تكون القاعدة بياناً في مورده.
وإذا كان المراد ان لنا في المقام العلم الاجمالي بوجوب الاقل والاكثر والعلم انما يؤثر في النتجيز عقلاً بلا فرق فيه بين العلم الاجمالي والعلم التفصيلي. وفي مثل المقام لا يمكن جريان حديث الرفع او الحجب لعدم تحقق الموضوع لهما لان العلم الاجمالي انما تعلق بالحكم فكيف يمكن تصوير الحجب او عدم العلم مما هو موضوع حديث الرفع.
ففيه:
ان الحجب وعدم العلم في الحديثين لا يصدق مع حصول العلم الاجمالي المنجز للتكليف بلا شبهة، لأن العلم منجز للتكليف علة لوجوب الامتثال، ولكن العلم الاجمالي في المقام انما ينحل بالعلم التفصيلي بالاقل والشك في الزائد والاكثر وليس لنا بالنسبة الي الجزء المشكوك غير الشك والاحتمال وهذا هو الموضوع لحديث الرفع والحجب.
نعم من لا يلتزم بانحلال العلم الاجمالي في المقام لا يمكنه الالتزام بالبرائة الشرعية في مثل المقام. ولذا قيل بأن الالتزام بالبرائة العقلية في المقام يستلزم القول بالبرائة الشرعية، او ان الالتزام بالبرائة الشرعية يتوقف علي جريان البرائة العقلية. فتمام النظر فيه الي هذه الجهة.
ثم ان القول بأن ادلة الاحتياط في الشرع ربما تكون حاكمة علي قاعدة قبح العقاب في المقام فقد مر في مباحث الاحتياط بانها مضافاً الي كونها ارشاداً الي حكم العقل من لزوم التحفظ علي اغراض المولي انها لا تقتضي اكثر من احتمال العقاب في موارد عدم العلم، ومثل حديث الرفع وغيره من ادلة البرائة انما يدفع احتمال العقاب وأنه رفع الشارع الحكم المجهول في موارد الشك والاحتمال، ومعه ينتفي الموضوع لادلة الاحتياط.
فظهر ان في مثل المقام الذي ينحل العلم الاجمالي بالتكليف المردد بين الاقل والاكثر وأنه لا يبقي لنا في مورد الجزء المشكوك اكثر من الشك، فليس لنا العلم بالتكليف الفعلي، وليس التكليف الفعلي معلوماً به علي ما افاده في حاشية الكفاية.
نعم، يتم ذلك علي ما اختاره من المبني من عدم انحلال العلم الاجمالي المذكور وأنه ايراد في محله حسب ما اختاره في الكفاية.
وقد افاد السيد الخوئي (قدس سره) في دفع ما التزم صاحب الكفاية في المتن والمحقق النائيني من التفصيل بين البرائة العقلية والبرائة الشرعية بجريان الاخير في المقام دون الاول، وما افاده المحقق النائيني من التفريق بينهما بأن مفاد حديث الرفع ونحوه عدم التقييد في مرحلة الظاهر فيثبت به الاطلاق ظاهراً، لأن عدم التقييد هو عين الاطلاق باعتبار ان التقابل بينهما هو تقابل العدم والملكة، فالاطلاق عدم التقييد في مورد كان صالحاً للتقييد، فبضميمة مثل حديث الرفع الي ادلة الاجزاء والشرائط يثبت الاطلاق في مرحلة الظاهر.
قال (قدس سره):