بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه بيست و نه
واأما الثاني:
فاإن اساس ثبوت الضمان فيه: ان المبذول له بمقتضي وثوقه علي قول الباذل تحمل الرجحال واأقدم علي السفر واحرم ومعه يلزمه اتمام الحج وصرف المؤونة من نفسه ولولا بذل الباذل واعتماده عليه لم يقع في صرف المال لهذه الجهة، ولذلك ربما يقال بانطباق عنوان الغرور علي فعل الباذل، او الاضرار او الاتلاف وبمقتضي تطبيق كل واحد من هذه العناوين يثبت الضمان للباذل.
اما بالنسبة الي قاعدة الغرور:
فاإن المستند لهذه القاعدهة علي ما عرقفت:
1 ـ الاجماع.
2 ـ النبوي المرسل المشهور: المغرور يرجع علي من غرّه.
3 ـ ما رواه الكليني قدس سره(قدس سره)، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر قال: سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن رجل نظر إلى امرأة فأعجبته فسأل عنها فقيل: هي ابنة فلان، فأتى أباها فقال: زوجني ابنتك، فزوجه غيرها فولدت منه فعلم بها بعد أنها غير ابنته، وأنها أمة ؟
قال: ترد الوليدة على مواليها (یرد الولیدۀ علی مولاها) والولد للرجل، وعلى الذي زوجه قيمة ثمن الولد يعطيه موالي الوليدة كما غر الرجل وخدعه.[1]
عن محمد بن يحيي عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن اسماعيل بن جابر قال:
سألت ابا عبدالله عن رجل ...........
واأورد السيد الخوئي قدس سره(قدس سره) علي القاعدهة ـ فيما عرفت من كلامه ـ
باأنها لا اساس لها، اذ ليس لها مدرك صحيحي عدا النبوي المشهور، وما ورد في تدليس الاقهمة اي رواية اسماعيل بن جابر من رجوع الزوج الي المدلس معللاً بقوله: كما غر الرجل وخدعه. ولكن النبوي ضعفه ظاهر والرواية ضعيفهة بمحمد بن سنان. فلم تثبت القاعدة بعنوانها علي نحود الكبري الكلية.
كما ان له قدس سره(قدس سره) اشكال صغروي وهو المنع عن صدق الغرور في المقام لتقوم المغرور بعلم الغار وجهل المغرور ورجوع الباذل المبحوث عنه في المقام اعم من علمه وجهله.
كما اورد السيد الحكيم قدس سره(قدس سره):
بعد ظهور ثبوت القاعدهة من كلامه بمقتضي الادلة المذكورة ومن جملتها الاجماع في الجملهة، الذي لم يذكره السيد الخوئي بعنوان المستند للقاعدة اصلاً، ان المشكل في الاستناد الايها في المقام: ان مقتضي ادلتها واإن كان عموم القاعدة الا انه ليس بناء الاصحاب علي العمل بها كلية، ولذلك يشكل الاخذ بعموم دليلها.
هذا مع انه اورد علي الاستناد اليها في المقام بوجهين آخرين:
1 ـ ان الايقاعات لا توجب تغريراً للغير، لأانها انشاءات بحته ليس فيها حكاية ولا دلالة تصديقية، ولا تتصف بصدق ولا كذب ورجوع الباذل عن بذله لم ينكشف عن رجوعه عما دل عليه انشاء الوعد الا اذا ظهر من قوله او فعله انه لا يخلف في وعده ولا يرجع عنه.
2 ـ انه يشكل التغرير اذا لم يكن الغار قاصداً للايهام، بل الظاهر اختصاص الخديعة بذلك. وقد عرفت نظيره من السيد الخوئي قدس سره(قدس سره).
ويمكن ان يقال:
اما بالنسبة الي مستند القاعدة فاإن النبوي المذكور غير موجود في الجوامع الحديثيهة من العامهة والخاصهة، واإنما هو مذكور في الكتب الفقهية، الا ان المذكور فيها عنوان النبوي الظاهر في كونه رواية، فلا بيعد من كلام الفقهاء. ويكفي في ثبوتها نقلها في كتب اعلام الطائفة واشتهارها بينهم في مقام الاستناد، وكفي ذلك في اعتبارها. ولذا عرفت تعبير السيد الحكيم عنها بالنبوي المرسل المشهور كما عرفت تمامية جبر الارسال عندنا بعمل المشهور.
وقد افاد المحقق الثاني في حاشية الارشاد هذا الاشتهار وقاله ابن الاثير في النهايهة.
كما ان صاحب الجواهر قال في كتابا النغصب:
«بل لعل قوله (علیه السلام) المغرور يرجع الي من غره ظاهر في ذلك»[2]
والظاهر اعتماده في نقله علي ما هو المعروف بين الاصحاب، لا انه ينقله عن كتاب او عن اسناد.
وبالجملة، لو ثبت نقله بعنوان الحديث والرواية ولو في كتب الفقهاء، ولو مرسلة لكفي في اعتباره فتوي مشهور القدماء علي طبقه.
وربما ادعي ان هذه الجملة معقد للاجماع عندهم ولذا ذكروها وارسلوها ارسال المسلمات.
[1] . وسائل الشيعة (آل البيت)، ج21، کتاب النکاح، الباب 7 من أبواب العیوب والتدلیس، ص220، الحديث26938/1.
[2] . الشيخ محمد حسن النجفي، جواهر الكلام، ج37، ص145.