درس خارج اصول/ المقصد السابع : اصول عمليه/ دوران الأمر بين أقل والاكثر/التنبيه الخامس / جلسه بيست و سه
صوت درس:
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه بيست و سه
«... من أن العلم الاجمالي المتصور في المقام انما هو بالنسبة إلى حد التكليف من حيث تردده بين كونه بحد لا يتجاوز عن الأقل أو بحد يتجاوز عنه ويشمل الزائد - والا فبالنسبة إلى نفس التكليف والواجب - لا يكون من الأول الأعلم تفصيلي بمرتبة من التكليف وشك بدوي محض بمرتبة أخرى منه متعلقة بالزائد.
و لذلك نقول: إن في تسمية ذلك بالعلم الاجمالي مسامحة واضحة - لأنه في الحقيقة لا يكون الا من باب ضم مشكوك بمعلوم تفصيلي.
نعم، لو كان لحد القلة والكثرة وجهة الارتباط والانضمام دخل في موضوع التكليف بحيث يكون قصور الوجوب عن الشمول للزائد موجبا لاختلاف الأقل في عالم معروضيته للوجوب الاستقلالي والضمني.
لكان لدعوى العلم الاجمالي كما عن المحقق صاحب الحاشية قده مجال، نظرا إلى تردد الواجب حينئذ بين المتباينين وصيرورته باعتبار تردد الحدود من باب مجمع الوجودين، فإنه على تقدير كون متعلق التكليف هو الأقل يكون الأقل في عالم عروض الوجوب عليه مأخوذا على نحو لا بشرط عن الزيادة، وعلى تقدير كون متعلق التكليف هو الأكثر يكون الأقل في عالم تعلق التكليف الضمني به مأخوذا بشرط انضمامه مع الزيادة.
ومع تباين الماهية اللا بشرط القسمي للماهية بشرط شئ، لا محيص بمقتضى العلم الاجمالي من الاحتياط بإتيان الأكثر.
ولكنك عرفت فساده بما مهدناه في المقدمة الثالثة، من أن مثل هذه الضمنية وجهة ارتباط الاجزاء بالاجزاء انما كانت ناشئة من قبل وحدة الوجوب المتعلق بالجميع، فلا يصلح مثلها لتقييد الأقل المعروض للوجوب في ضمن الأكثر بكونه منضما بالأكثر.
وعليه لا يختلف معروض الوجوب على التقديرين، بل ما هو الواجب مستقلا بعينه هو الواجب ضمنا عند وجوب الأكثر، وانما الاختلاف يكون بالنسبة إلى حد وجوبه من حيث تردده بين انبساطه على الزائد وعدمه.
وحينئذ فمع الشك في كون الواجب هو الأقل أو الأكثر لا يكون العلم الاجمالي الا بين حد الوجوب خاصة دون نفسه حيث يكون من باب العلم بشخص الوجوب المردد حده بين الحدين المتبادلين، وبعد وضوح كون مصب حكم العقل بالامتثال والخروج عن العهدة هو ذات التكليف دون حيث حده تجري البراءة العقلية عن التكليف بالأكثر لا محالة من غير أن يمنع عنها هذا العلم الاجمالي كما هو ظاهر.
نعم لو أغمض عما ذكرناه، لا مجال لما عن بعض الأعاظم قده من الاشكال عليه.
تارة بانحلال العلم الاجمالي حينئذ بالعلم التفصيلي بوجوب الأقل على كل حال لكونه هو المتيقن في تعلق الطلب به وانه لا يضر به اختلاف سنخي الطلب من كونه طورا متعلقا بالماهية لا بشرط وطورا بالماهية بشرط شئ.
و أخرى بان الماهية لا بشرط لا تباين الماهية بشرط شئ، إذ ليس التقابل بينهما من تقابل التضاد حتى يكون التغاير بينهما بالهوية و الحقيقة ولا يكون بينهما جامع، وانما التقابل بينهما من تقابل العدم والملكة، لان مرجع الماهية لا بشرط إلى عدم لحاظ شئ معها - لا لحاظ العدم - ومعه يكون الجامع بينهما نفس الماهية ويكون التقابل بينهما بصرف الاعتبار محضا لا بالهوية والحقيقة.