بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه نه
المسالة الثانية ، في هذه المسالة.
"و هو انه لو وهبه وخيره بين ان یحج أو لا" . فافاد صاحب العروۀ (قدس سره) بانه يجب عليه القبول علي الاقوي .
قال السيد الحكيم في المستمسك في ذيل قول صاحب العروه:
« كأنه : لصدق عرض الحج عليه ، فيثبت له حكم البذل من الوجوب ، فيجب القبول .
وفيه : أنه غير ظاهر ، لظهور عرض الحج - المذكور في النصوص - في عرضه على التعيين لا على التخيير . »[1]
وفي حاشيه المحقق النائيني في المقام :
« يقوى عدم وجوبهـ اي عدم وجوب القبول ـ في هذه الصورة.»
و افاد السيد البروجردي في الحاشيته :
« وجوب القبول هنا بل وفي الفرض الأول محل تأمل نعم إذا قبلها في الفرض الأول وكان بحيث لا يسعه صرفه في غير الحج لا يبعد الوجوب من دون اعتبار ما يعتبر في الاستطاعة الملكية من الرجوع إلى الكفاية وعدم الدين.»
و ظاهره (قدس سره) تنزيل الفرض الاول ـ اي المسالۀ الاولي من هذه المسالۀ – منزلة البذل اذا صدر منه القبول، و اما لو لم يقبل فلا يلتزم بهذا التنزيل من حيث عدم اعتبار الرجوع الي الكفاية و عدم الدين .
و افاد السيد الخوئي (قدس سره) في حاشيته علي كلام صاحب العروۀ فی المقام :« وللقول بعدم الوجوب وجه وجيه فإن التخيير يرجع إلى أن بذله للحج مشروط بعدم صرفه المبذول في جهة أخرى أو الإبقاء عنده ولا يجب على المبذول له تحصيل الشرط.»
و لكنه افاد في تقريرات بحثه:
«واما لو وهب مطلقا من غير ذكر المتعلق بوجه لا معيناً ولا مخيراً لم يجب القبول حينئذ، لان المستفاد من الاخبار ان المناط في الوجوب احد امرين ، اما ان يكون له مال او ان يبذل له الحج، و شيء منهما غير متحقق هنا ، اذ لا مال له ما لم يقبل الهبۀ ـ علي الفرض ـ و لم يعرض له الحج ، فلو لزم القبول كان ذلك من تحصيل الاستطاعة غير الواجب عليه قطعاً، و هذا ظاهر.
انما الكلام فيما لو بذل له تمليكاً او اباحة و خيّره بين الحج و غيره كزيارة الرضا (عليه السلام) مثلاً ، فهل يصدق عليه انه عرض عليه الحج ليجب أو لا؟
الظاهر انه لاينبغي الشك في الصدق ، اذ قد عرض عليه لدي التحليل امرين الحج وغيره ، و عرض غيره لا ينافي صدق عرض الحج اذ لايعتبر فيه ان لا يعرض معه شيء آخر كي يكون ملحوظاً بشرط لا من هذه الناحية.
و بعبارۀ اخري:
تارة يبذل لخصوص الحج واخري يجعل له فرد آخر من زيارة و غيرها و هذه الضميمة غير منافيه لصدق عرض الحج عرفاً ، اذ لا معني له الا ان يبذل مال يفي بمصارف الحج ويذكر الحج.
اما أن لا يذكر غيره فغير دخيل في هذا الصدق بوجه، فالتعیین لا خصوصیۀ له، فما ذکره فی المتن من الوجوب مع التخییر ایضا هو الصحیح.
وما افاده هنا ينافي ما مر منه في حاشيته علي كلام السيد في العروۀ بظاهره.
و افاد المقرر الشيخ البروجردي (قدس سره) في توجيهه بان ما افاده في الدرس متقدم زماناً علي ما افاده في حاشيۀ العروة. قال (قدس سره) في الهامش:
«و لكنه ـ دام ظله ـ عدل عنه اخيراً و بني علي عدم الوجوب ببيان مذكور في تعليقته الشريفة المطبوعةاخيراً وان كان بظاهره لا يستقیم مع ما بني عليه (دام ظله) في الاصول في كيفية تصوير الواجب التخييري من رجوعه الي تعلق الامر بالجامع الانتزاعي لا باحدهما مشروطاً بعدم الاخر كما هو مبني تعليقته الشريفة.
و لعل الاولي علي ضوء مبناه (دام ظله) ان يقال:
ان مرجع البذل التخييري المفروض في المقام الي البذل لاجل الجامع بين الحج و غيره، وظاهر النصوص او منصرفها هو البذل لاجل الحج بخصوصه و بوصفه العنواني، لا الجامع الاعم منه و من غيره فلاحظ.»[2]
وظاهر ما افاده (قدس سره) في الحاشيةه من الالتزام بعدم وجوب القبول، ابتنائه علىي تعلق الامر باحدهما – الحج وغيره كالزيارة – مشروطاً بعدم الاخر.
فانه (قدس سره) قد صرح هنا بان التخيير يرجع الىي ان بذله للحج مشروط بعدم صرفه المبذول في جهة اخرىي او الابقاء عنده، والقبول في مورده يكون من تحصيل الشرط،. وليس بواجب.
واما فيما افاده في البحث من الالتزام بوجوب القبول مبني علىي ما حققه في الاصول من رجوع الواجب التخييري الي تعلق الامر بالجامع الانتزاعي ـ– لا باحدهما مشروطاً بعدم الاخر ـ– ومعه فان الهبة في المقام عرض عليه لدىعي التحليل نحو الامرين، الحج وغيره وافاد (قدس سره) بان عرض غيره الا ينافينيافي صدق عرض الحج،. لانه لا يعتبر في عرض الحج ان لا يعرض معه اخر كي يكون ملحوظاً بشرط لا من هذه الناحية.
والشيخ المقرر الشهيد البروجردي افاد في الهامش بان ما افاده في الحاشيةه لا يستقيم مع ما اختاره من المبنىي في الاصول من رجوع الواجب التخييري الىي تعلق الامر بالجامع الانتزاعي.
واما ما افاده في البحبث وان كان مطابقاً لما اختاره من المبنىي في الاصول من رجوع الواجب التخييري الىي تعلق الامر بالجامع الانتزاعي الا انه لا يمكن المساعدة عليه في خصوص المقام.
وذلك:
لان الاخبار الواردة في وجبوب الحج بالبذل انما تدل بظاهرها علىي وجوب الحج بالبذل لاجل الحج بخصوصه وحسب تعبيره بوصفه العنواني، لا الجامع الاعم منه ومن غيره. فان البذل للاعم لا يصدق عليه انه عرض الحج وبذل لخصوصه وعنوانه.
ولو مسلم ظهورها في عرض الجامع، فانه ينصرف هذا الظهور الىي خصوص عرض الحج بعنوانه، وينصرف عن عرض الجامع بين الحج وغيره.
وما افاده الشيخ الشهيد في مقام الاشكال علىي السيد الخوئي فيما قرره في البحث قوي جداً مطابق لما حققناه من ظهور هذه الادلةه في عرض الحج وبذله. مما يحصل له التمكن والاستطاعة بنفس البذل من دون توقف وتوسط الامر آخر كالقبول او الاختيار، كاختيار الحج علي غيره في مثل المقام واما مع هذا التوقف والتخيير يرجع الامر فيه الىي تحصيل الاستطاعة او تحصيل الشرط وهو غير واجب.
والتحقيق:
ان ظاهر الاخبار الواردة في عرض الحج وتحقق الاستطاعة به، اباحة ما يتمكن معه من الحج، ومعه فلا يشمل مورد التمليك بالهبة وغيره لما مر من ان التمليك لا يوجب حصول الاستطاعة الا بالقبول من طرف الموهوب له وهو فعل اختياري يمكن ان يصدر منه ويمكن ان لا يصدر منه، فاذا صدر منه لاالقبول فانما يدخل المال فيه ملكه ومعه يرجع الامر الىي تحقق الاستطاعة الماليةه وما يعتبر فيها. ولا دليل علىي وجوب القبول منه لما مر من انه تحصيل للاستطاعة. وعليه فان وجوب القبول في تمام موارد التمليك سواء كان الهبة لاجل الحج، او لاجل الحج وغيره المشخص كالزيارةه، او لاجل الحج وعدمه بكونه ذا خيار في الاتيان بالحج او تركه اي الصورة الثالثةه في مسأئلتنا.
هذا ومع فرض شمول هذه الادلة لمورد التمكليك بالهبة وغيره والالتزام بوجوب القبول، فان موردها عرض الحج واما البذل للاعم من الحج وغيره لا يكون عرضاً للحج ولا يصدق عليه عرض الحج الموضوع في الاخبار، بل هو عرض للاعم، والنكتة فيه ان المبذول له انما تحصل له الاستطاعة في الفرض اذا اختار الحج علىي غيره فيلزم هنا الالتزام بوجوب اختيار الحج علىي غيره ولا دليل عليه كما مر في وجوب القبول.
والتاكيد علىي ان عرض الاعم يوجب التمكن من الحج وهو كاف في تحقق الاستطاعة، لا يتم الالتزام به من جهة ان التكمكن المذكور لا يتحقق بصرف العرض، بل انما يتحقق بالعفرض واختيار الحج بعده،ف كما انه يتحقق بالعفرض والقبول، والاختيار كالقبول فعل من المبذول له المفروض كونه مخيراً بينهما، فما الدليل علىي وجوب اختيار الحج بمقتضىي ادلة البذل؟
وقد مر ان مقتضىي هذه الادلة تحقق الاستطاعة والتمكن اللازم للحج بنفس البذل، لا بها مع ضم غيرها.
كما انه يمكن ان يقال:
بفان مع تسلم شمول ادلة البذل لمورد التمليك ان مقتضىي ظهور هذه الادلة تحقق الاستطاعة ووجوب الحج بعرض الحج بعنوانه وبخصوصه وان شئت قلت: عرضه بوصفه العنواني، وعرض الجامع الاعم منه ومن غيره ليس عرضا للحج بمقتضىي هذه الظهورات.
ومع التسلم والالتزام بشمولها بالنسبة الىي عرض الاعم، فان عرض الاعم منصرف عن مقتضىي الادلةه، لانه لو فرض شمولها للاعم وصدقها عليه لكان ظهورها لعرض الحج بعنوانه وبوصفه اقوىي، ومن الواضح انصراف الكلام الىي ما هو ظهوره اقوىي فيه كما نبهبنه عليه شيخنا الشهيد البروجردي (قدس سره) في هامش التقرير.
[1] . السيد محسن الحكيم، مستمسك العروة الوثقي، ج10، ص135.
[2] . الشيخ مرتضي البروجردي، مستند العروة الوثقي تقرير البحث السيد الخوئي، كتاب الحج، ج1، ص172-173.