بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هشت
قال صاحب العروة:
«مسألة 37: اذا وهبه ما يكفيه للحج لان يحج وجب عليه القبول على الاقوى.
بل. وكذا لو وهبه وخيره بين ان يحج او لا.
واما لو وهبه ولم يذكر الحج لا تعييناً ولا تخييراً فالظاهر عدم وجوب القبول كما عن المشهور.»[1]
وهنا مسائل:
الاولى: اذا وهبه ما يكفيه للحج لان يحج وجب عليه القبول ... .
التزم صاحب العروة في هذه المسألة بوجوب القبول على الاقوى وفاقاً للفاضل الهندي في كشف اللثام وصاحب الحدائق والمحقق السبزواري في الذخيرة، والمحقق الاردبيلي في مجمع البرهان على ما حكاه عنهما صاحب الحدائق.
واستدل السيد الحكيم (قدس سره) في المستمسك له بعد نقل آراء الاعلام، باطلاق نصوص البذل، الشامل للبذل على نحو الاباحة والتمليك فيجب القبول، لانه حينئذٍ مقدمة للواجب لا للوجوب.
قال (قدس سره):
« لاطلاق النصوص ، الشامل للبذل على نحو الإباحة والتمليك ، فيجب القبول ، لأنه حينئذ يكون مقدمة للواجب لا للوجوب . لكن في الشرائع : " لو وهبه مالا لم يجب قبوله . . . " .
وإطلاقه يقتضي عدم الفرق بين أن يهبه للحج بالخصوص أو له ولغيره . وعلله في المسالك : بأن قبول الهبة نوع من الاكتساب ، وهو غير واجب للحج ، لأن وجوبه مشروط بوجود الاستطاعة ، فلا يجب تحصيل شرطه ، بخلاف الواجب المطلق . ومن هنا ظهر الفرق بين البذل والهبة ، فإن البذل يكفي فيه نفس الايقاع في حصول القدرة والتمكن ، فيجب بمجرده . انتهى .
وتبعه في ذلك في الجواهر ، بناء منه على ظهور نصوص البذل بالإباحة لأكل الزاد والراحلة أو الإباحة المطلقة حتى للتملك إن أراده .
وفيه : أن المبني غير ظاهر ، لشمول النصوص لايقاع الإباحة ، وإيقاع التمليك للحج معا ، ولا اختصاص لها بالأول كما ذكره . »[2]
و مثله عن سيد الخوئي (قدس سره) حيث افاد لتوجيه كلام المتن.
«اخذا باطلاق نصوص العرض الشامل لصورتي التمليك و الاباحۀ ، فيجب الحج بذلك سواء قبل أم لا بمقتضي الاطلاق.»[3]
و في قبال قول صاحب العروۀ بوجوب القبول علي الاقوي اذا وهبه ما يكفيه للحج ما مر من فتوي المحقق من الشرايع بعدم وجوب القبول في المقام .
و كذا ما افاده الشهيد في المسالك من ان قبول الهبۀ نوع من الاكتساب و اختصاص من وجوب القبول بالبذل اي الاباحۀ حيث يكفي فيه نفس الايقاع في حصول القدرۀ والتمكن.
و قد مر موافقۀ صاحب الجواهر له.
و افاد المحقق العراقي (قدس سره) في حاشيته علي كلام صاحب العروۀ «... وجب عليه القبول علي الاقوي.»:
« بل الأقوى خلافه لعدم وجوب تحصيل مقدمات الاستطاعة. نعم لو قصد بذله بإعطائه كيفما اتفق يجب عليه أخذه وإن لم يقبل إيجابه العقدي.»
و افاد المحقق النائيني (قدس سره) في حاشيته في المقام : «بل الاحوط» .
و مثله عن السيد الشيرازي و السيد الخوانساري (قدس سرهما).
هذا و قدمر ان الاقوي هو عدم وجوب القبول اذا وهبه ما يكفيه للحج لان يحج.
و ذلك: لما افاده الاعلام بان القبول في المقام نوع من الاكتساب و انه بقبوله يملك ما يكفيه للحج، و بملکيته لها صار مستطيعا. و بهذا يفترق عن مورد البذل ، فان البذل هو عرض الحج و تحصيل القدرۀ و التمكن فيه بنفس الايقاع ـ اي الاباحه والبذل ـ كما عرفت في كلام الشهيد ، و الاخبار الواردۀ في وجوب الحج بالبذل انما هي ظاهرۀ في هذا المعني، اي ما لا يتوسط بين البذل و المبذول له القبول العقدي و الا فان للقابل الاختيار في القبول وعدم ولا دليل علي ايجابه بالقبول.
والتقیيد في الهبۀ بان يكون للحج كما عرفت في كلام السيد صاحب العروۀ لا يجدي في هذا المقام لعدم تكفله لايجاب القبول العقده، و خروج الشخص عن اختياره له.
ولعل ما افاده المحقق النائيني (قدس سره) وكذا السيد الشيرازي والسيد الخوانساری (قدس سرهما) من القول بالاحتياط في المقام لهذه الجهۀ، حيث التزموا بعدم وجوب القبول. و سياتي عدم التزام السيد البروجردي وجوب القبول هنا قريبا.
المسالة الثانية ، في هذه المسالة.
"و هو انه لو وهبه وخيره بين ان یحج أو لا" . فافاد صاحب العروۀ (قدس سره) بانه يجب عليه القبول علي الاقوي .
قال السيد الحكيم في المستمسك في ذيل قول صاحب العروه:
« كأنه : لصدق عرض الحج عليه ، فيثبت له حكم البذل من الوجوب ، فيجب القبول .
وفيه : أنه غير ظاهر ، لظهور عرض الحج - المذكور في النصوص - في عرضه على التعيين لا على التخيير . »[4]
وفي حاشية المحقق النائيني في المقام :
« يقوى عدم وجوبه ـ اي عدم وجوب القبول ـ في هذه الصورة.»
و افاد السيد البروجردي في الحاشيته :
« وجوب القبول هنا بل وفي الفرض الأول محل تأمل نعم إذا قبلها في الفرض الأول وكان بحيث لا يسعه صرفه في غير الحج لا يبعد الوجوب من دون اعتبار ما يعتبر في الاستطاعة الملكية من الرجوع إلى الكفاية وعدم الدين.»
و ظاهره (قدس سره) تنزيل الفرض الاول ـ اي المسالۀ الاولي من هذه المسالۀ – منزلة البذل اذا صدر منه القبول، و اما لو لم يقبل فلا يلتزم بهذا التنزيل من حيث عدم اعتبار الرجوع الي الكفاية و عدم الدين .
[1] . العروة الوثقي (المحشي)، ج4، ص 400-401.
[2] . السيد محسن الحكيم، مستمسك العروة الوثقي، ج10، ص135.
[3] . الشيخ مرتضي البروجردي، مستند العروة الوثقي تقرير البحث السيد الخوئي، كتاب الحج، ج1، ص172.
[4] . السيد محسن الحكيم، مستمسك العروة الوثقي، ج10، ص135.