English | فارسی
شنبه 03 مهر 1395
تعداد بازدید: 490
تعداد نظرات: 0

درس خارج فقه/ كتاب الحج / في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة/ جلسه شش

صوت درس:

بسم الله الرحمن الرحيم

جلسه شش

والتحقيق:

ان ما تعرض له صاحب العروة (قدس سره) في ذيل الفرع صورة تمكن المديون من اداء دينه عند ترك الحج فتردد في مانعية الدين عن الحج مع التزامه بعدم المانعية في فرض عدم تمكنه من ذلك تبعاً للمشهور.

وقد مرّ ان الاستطاعة البذلية يغاير الاستطاعة المالية بحسب ادلتها، وان عرض الحج من الغير يوجب تحقق الاستطاعة البذلية بلا اي توجه الى حيثياته المالية. بخلاف الاستطاعة المالية التي يعتبر فيها التمكن العرفي الذي يمانعه الدين. وبذلك نفترق مبنىً عما التزم به السيد الخوئي من عدم الفرق بين الموردين وان المعيار في كليهما التمكن من الزاد والراحلة فقط وقد عرفت بعض الكلام فيه.

ومع غمض العين عن هذه الجهة فان نفس كون المبذول له مديوناً لا تمنع عن تحقق الاستطاعة بوجه لان الموضوع الاستطاعة البذلية عرض الحج وقد تحقق في الفرض ولذلك كان التزام المشهور بعدم المانعية في المقام مطابقاً للأدلة ومقتضى القاعدة.

ولكن تمام الكلام في المقام انما يكون في مانعية الدين إذا كان الاتيان بالحج مزاحماً لواجب الاداء بمعنى ان الرحيل الى الحج انما يوجب عدم تمكن المديون من الاداء  في وقته بان يكون سفره موثراً في عدم تمكنه من الاداء.

ولذا نرى ان صاحب العروة في مقام تحرير المسالة يؤكد على فرض تمكنه من الاداء  لو لم يحج ولو تدريجاً.

وهذا ما اكد عليه السيد الخوئي(قدس سره) ويدور عليه مدار حاشية السيد البروجردي بقوله اقواهما المانعية ان كان لايتمكن من اداء الدين مع الاتيان بالحج.

وهذا هو اساس البحث في هذه المسألة فيرجع الامر الى مزاحمة وجوب الحج لواجب الاداء بعد تحقق موضوع الحج بتمامية عرضه، فيقع البحث في مقام المانع اي مانعية وجوب الحج لاداء الدين دون مرحلة الاقتضاء حيث ان المقتضي للوجوب تام بعرض مؤونة الحج وبذلها و لا مانع حينئذ للاستطاعة البذلية الا عدم تمكنه من الاداء باتيان الحج و لو فرضنا ان لحضره دخلاً في تمكنه من الاداء وان سفره يوجب الاخلال في ذلك، فلا محالة يزاحم وجوب الحج واجب الدين وتردد صاحب العروة يرجع الى ترجيح احدهما.  ومثل المحقق النائيني رحج وجوب الحج.

واما مثل السيد البروجردي والسيد الخوئي وكثير من الاعلام رجحوا وجوب الاداء وانه لا تتحقق الاستطاعة البذلية من ناحية عروض المانع لا من جهة فقدان المقتضي.

اذا عرفت  هذا.

 فقد ظهر ان ترجيح وجوب اداء الدين على وجوب الحج انما يكون لاجل المزاحمة و ان الحج يستلزم تفويت مال الغير. والا فانه لم يوخذ في الاستطاعة البذلية شيء زائد على وجدان ما يحج به بالبذل وعرض مؤونة له كما حققه السيد الخوئي (قدس سره) وان شئت قلت ان المأخوذ في موضوع الاستطاعة البذلية التمكن من الزاد والراحلة بالعرض من دون قيام اي مانع شرعي واستلزمه لتفويت مال الغير مانع شرعي وعليه فالقدرة الماخوذة في وجوب الحج البذلي القدرة الشرعية وهي غير متحققة مع اشتغال ذمته بمال الغير وايجاب الحج عدم تمكنه من الاداء.

وهذا ما اكد عليه المحقق العراقي (قدس سره) على ما عرفت في حاشيته ومعه يرجع الامر الى عدم تحقق الموضوع للاستطاعة البذلية لتقيده بعدم استلزمه لتفويت واجب اخر.

 كما انه ظهر عدم ابتناء رجحان وجوب الاداء على كون الدين حالاً او مطالباً، بل لو كان مؤجلاً وغير مطالب ولكن ذهابه الى الحج اوجب الاخلال في تمكنه من ادائه في وقته، او عند مطالبته  فالرجحان ثابت في المقام كما افاده السيد الخوئي (قدس سره).

وانه لو فرضنا عدم تاثير ذهابه الى الحج في تمكنه من الاداء ولو تدريجاً بان يكون متمكناً بحسب متعارف كسبه من الادائه في وقته او كان غير متمكن عنه سواء ذهب الى الحج او لم يذهب، فلا مانعية للدين عن الحج وتحقق الاستطاعة البذلية.

الا ان يقال:

ان الواجب على المديون استفراغ الوسع ليتمكن من اداء دينه ويجب عليه العمل لتحصيل ما يفي به دينه، و لا يجوز له التواني عن ذلك وبذلك صار المبذول له غير متمكن من المسير و افاد السيد الاستاذ (قدس سره) بان ما ثبت بمقتضى ادلة الاستطاعة البذلية تنزيل البذل منزلة الاستطاعة من حيث الزاد والراحلة دون سائر الجهات ومنها التمكن من المسير و قد عرفت في كلام السيد الحكيم (قدس سره) بعدم تخلية السرب ولذا افاد (قدس سره):

« وقد عرفت: أن النص إنما يتعرض للمساواة بين البذل والملك، ولا يصلح للتعرض للشروط الأخرى - كالبلوغ، والعقل والحرية، والصحة في البدن وتخلية السرب عقلية كانت أو شرعية - بل كل منها باق بحاله، فإذا قلنا بعدم الوجوب لعدم تخلية السرب الشرعية لم يكن ذلك منافيا لاطلاق النص. وكلمات الأصحاب أيضا منزلة على ما هو المراد من النصوص.»[1]

وعليه فان مع اشتغال ذمته بالدين لا يجوز له الذهاب الى الحج وان اعتقد عدم دخل  ذهابه في تمكنه من اداء دينه فان له الجهد، ولعل من اعتقد عدم حصول التمكن له في اشهر الحج، فتح له باباً اذا جهد واستفرغ  وسعه.

وهذا المعنى لو التزمنا به ولايخلو عن قوة ينافي ما اشتهر بين الاصحاب من تقدم الحج البذلي.

الا ان يدعى الشهرة بين الاصحاب القابلة للقبول او قيام الاجماع على ذلك.

قال صاحب العروة مسألة 36:

«لا يشترط الرجوع الى كفاية في الاستطاعة البذلية»

وقد عرفت اشترطه، لما مرّ من ان عرض ما لا يضمن الرجوع الى  الكفاية ليس عرضاً للحج، فان عرض مؤونة الحج انما يشمل عرض جميع ما يحتاج اليه في ذهابه الى الحج،  ومنها الرجوع الى كفاية.

وتوضيح ذلك:

قد مرّ ان وجوب الحج قد قيد بالاستطاعة  العرفية و قد اعتبر في الاستطاعة العرفية تمكن عائلته  في معاشهم في ايام غيبته، وكذا اعتبر ان لا يوجب الذهاب الى الحج مخلاً بمعيشتهم بعد ذهابه، وعليه فان من يتمكن من تأمين مؤونة أهله بعد أيابه بكسب او شغل او عمل، ولا يوثر سفره في اي اخلال في ذلك، فانما تتحقق في مورده الاستطاعة العرفية، والمراد من الرجوع الى الكفاية المعتبرة في الاستطاعة هو ذلك. وهذا في الجملة واضح في الاستطاعة المالية، واما بالنسبة الى الاستطاعة البذلية، فانه لا يراد من الرجوع الى الكفاية بذل ما يكفيه بعد رجوعه عن الحج في معاشه، بل المراد ان لا يوجب الذهاب الى الحج اخلالاً ‌في كفاية معاشه بعد رجوعه مثل ان يكون له كسب او عمل وقد زال عنه الكسب والعمل بسفره ولا يتمكن منهما بعد أيابه او يشكل تحصيلهما له بحيث عرض الاخلال في معيشة اهله بعد ايابه.

وهذا المعنى في الجملة متفق عليه بين الاصحاب وعمدة وجهه ما مر من ان ادلة الاستطاعة البذلية انما تنزل البذل منزلة تمكن نفسه من مؤونة الحج تعبداً، ولذا مرّ وجوب قبول بعرض مؤونة حجه وفي الحقيقة ان في الاستطاعة المالية تحقق الاستطاعة العرفية بتمكنه من مؤونة الحج وتأمين ضروريات معاش اهله بحيث تعد مؤونة الحج زائداً عما يحتاج اليه في معاشه بحسب شأنه و من جملة هذه الضرورات معاش اهله غيبته ومن جملتها عدم عروض ما يمنع عن معاشهم بعد ايابه بسبب ذهابه الى الحج وليس شأن ادلة وجوب الحج بالبذل الا تنزيل الاستطاعة البذلية منزلة الاستطاعة المالية، ويلزم ان يكون ما بذله وافياً لما تقتضيه الاستطاعة العرفية بلا فرق بينهما في هذه الجهة.

وهذا المعنى وان كان متفقاً عليه في الجملة الا انه طرح في الكلمات بألسنة مختلفة. فمثلاً ان السيد الخوئي (قدس سره) اعتبر هذا المعنى بمقتضى ادلة الحرج و افاد غيره بمقتضى رواية ابي الربيع الشامي المتضمنة انه يحج ببعض ويبقي بعضاً .



[1] . السيد محسن الحكيم، مستمسك العروة الوثقي، ج10، ص134.

کلیه حقوق این سایت متعلق به دفتر حضرت آیت الله علوی بروجردی می باشد. (1403)
دی ان ان