بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه پنجاه و شش
قال صاحب العروة (قدس سره):
مسألة 22: لو كان بيده مقدار نفقة الذهاب والإياب وكان له مال غائب لو كان باقيا يكفيه في رواج أمره بعد العود.
لكن لا يعلم بقاءه أو عدم بقائه، فالظاهر وجوب الحج بهذا الذي بيده استصحابا لبقاء الغائب، فهو كما لو شك في أن أمواله الحاضرة تبقى إلى ما بعد العود أو لا فلا يعد من الأصل المثبت.[1]
قدمر ان المحقق للاستطاعة العرفية ما يقدر معه من الذهاب الى الحج والأياب مضافاً الى تمكنه من تأدية ضروريات معاشه بالقدرة الفعلية عليها.
والمال الغائب الذي لا يحرز بقائه له، بل يحتمل بقائه وانه لو كان باقياً لكان وافياً لرواج امره، ليس له عليه القدرة الفعلية، ومعه فلا يتحقق تمكنه الفعلي من تادية ضرورياته بعد العود، ومعه فلا وجه لتحقق الاستطاعة وبتبعه لا يجب عليه الحج.
وبهذا البيان يظهر عدم ترتب الاثر على جريان استصحاب بقاء الغائب في المقام.
وذلك، لان المال الغائب في مفروض المسألة ليس قابلاً للتصرف الفعلي والمناط حضوره والتمكن من التصرف فيه فعلاً. والحاصل في المقام التمكن بالقوة لو كان باقياً، وعليه فانه ليس مجرى الاستصحاب اثراً شرعياً ولا موضوعاً لاثر شرعي.
نعم لو كان له مال حاضر يتمكن من التصرف فيه بالفعل وشك في بقائه الى زمان عوده امكن القول بجريان الاستصحاب فيه بالالتزام بعدم الفرق في جريان الاستصحاب بين الازمنة السابقة والمستقبلة، يظهر ما يقال في باب الحيض بجريان استصحاب بقاء الدم اذا شك في بقاء الدم الموجود الى ثلاثة ايام.
واشار الى ذلك السيد البروجردي (قدس سره) في حاشيته بالاشكال على جريان الاستصحاب في المقام بأن «بينه ـ استصحاب المال الغائب في المقام ـ وبين الشك في بقاء ماله الحاضر الى ما بعد العود فرق ظاهر.»
وحاصله:
انه فرق بين استصحاب بقاء الغائب، واستصحاب بقاء المال الحاضر الى ما بعد العود، لان ما هو المناط في تحقق الاستطاعة، الرجوع الى الكفاية، واستصحاب بقاء الغائب لا يتكفل باثباته.
لان احراز بقاء الغائب بالاستصحاب لا يثبت الرجوع الي الكفاية وصرف بقاء الغائب لا يترتب عليه اثر شرعي اذ ليس بعنوانه اثراً شرعياً ولا موضوعاً لاثر شرعي.
ثم ان السيد الخوئي (قدس سره) وان اورد على جريان الاستصحاب في المقام بانه مثبت الا انه افاد (قدس سره) بان ما ذكره صاحب العروة من الحكم بوجوب الحج تام ولكن حسب ما سلكه من المبنى.
قال (قدس سره):
«هذا الاستصحاب وكذا الاستصحاب الذي بعده لا يجدي اذ ليس مجراه بنفسه اثراً شرعياً ولا موضوعاً لاثر شرعي؛ لان الشرط في تحقق الاستطاعة انما هو الرجوع الى الكفاية، والاستصحاب المزبور لا يتكفل باثباته الا على القول بالاصل المثبت الذي لا نقول بحجيته؛ فهذا التعليل عليل.
وان كان الحكم كما ذكره (قدس سره) في المتن من وجوب الحج عليه في مفروض المسألة.
وذلك:
لاجل ان الرجوع الى الكفاية لم يكن بعنوانه شرطاً في الاستطاعة لعدم وروده في شئ من النصوص المعتبرة، وانما اقتصرت فيها على الزاد والراحلة وفي بعضها صحة البدن وتخلية السرب، فهي خالية عن التعرض لهذا الشرط.
وانما المستند فيه دليل نفي الحرج نظراً الى ان الالزام بالحج المقرون بالرجوع الى غير الكفاية بحيث يبقى صفر اليد وسائلاً بالكف تكليف حرجي منفي بادلة العسر والحرج مؤيداً ببعض النصوص غير المعتبرة المتعرضة لهذا الشرط.
ومن الواضح ان التمسك بدليل نفي الحرج متوقف على احراز عنوان الحرج ولا يكفي مجرد احتماله كما في المقام سيما بعد انتفائه بمقتضى الاصل.
كيف وباب الاحتمال متطرق حتى بالاضافة الى الزاد والراحلة لجواز تلفهما في الطريق بسرقة ونحوها، فيكون السير الى الحج حرجياً عليه بقاءً مع انه لا يعتني بهذا الاحتمال جزماً.
وبالجملة:
حال ما عنده فعلاً من الاموال الحاضرة او الغائبة حال الزاد والراحلة في اشتراك الكل في احتمال عروض الحرج الذي لا يكاد يؤثر في سقوط الحج بوجه. لعدم مجال للتمسك بدليل نفي الحرج بعد عدم احرازه كما هو ظاهر جداً، فيبقى اطلاقات ادلة الحج على حالها.»[2]
[1]. العروة الوثقي (المحشي)، ج4، ص 383.
[2]. الشيخ مرتضي البروجردي، مستند العروة الوثقي تقرير البحث السيد الخوئي، كتاب الحج، ج1، ص130-131.