بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهل و دو
ويمكن ان يقال:
ان في متعلق العلم الاجمالي لابد من ملاحظة جهات.
الاولي:
ان في متعلق العلم جهة يكشف عنها العلم، وبه يتحقق الايصال، وخصوصية الطريقية والكاشفية، وإن كانت في ذات العلم الا ان المهم في المقام ان الاجمال الموجود في المتعلق لا يمنع عن هذه الكاشفية، وقدمر في كلام المحقق العراقي ان المكشوف والمعلوم بالعلم الاجمالي هي الصورة الاجمالية المعبر عنها بأحد الأمرين او احد الأمور، وكل ما للعلم من الكاشفية والتنجيز ونحوه، انما يتعلق بهذه الصورة الاحتمالية بحدها، وهذا ما يعبر عنه بأن العلم الاجمالي هو العلم التفصيلي بالجامع، وإن الاجمال في ناحية الخصوصيات دون الجامع، والمراد ان له بالنسبة الي الجامع والمتعلق كاشفية وطريقية كالعلم التفصيلي.
وهذا مما كلام فيه.
الثانية:
ان في متعلق العلم الاجمالي جهة اجمال يعبر عنها بالصورة الاجمالية، او الصورة المتعلقة بالفرد المردد وامثاله، وحيث ان العلم المتعلق بهذه الصورة لا يختلف عن العلم التفصيلي في الكاشفية او الطريقية، فهذه الصورة بحدها تنكشف لدي بالعلم الاجمالي لا محالة ويتبعه التنجز، والاجمال فيه ربما يعبر عنه بالجهل او الشك المشوبين بالعلم، كما افاد المحقق النائيني (قدس سره) :
« أن العلم الاجمالي عبارة عن خلط علم بجهل ، وتنحل القضية المعلومة بالاجمال إلى قضية معلومة بالتفصيل على سبيل منع الخلو في ضمن جميع الأطراف وقضيتين مشكوكتين في كل طرف بالخصوص.
فلو علم بوجوب أحد الشيئين أو الأشياء ، فهنا قضية معلومة تفصيلا وهي وجوب أحدهما على سبيل منع الخلو ، وقضيتان مشكوكتان إحداهما : وجوب هذا الطرف بالخصوص ، والأخرى : وجوب الطرف الآخر كذلك . ولو كانت الأطراف متعددة فالقضايا المشكوكة تزيد بمقدار عدد الأطراف .»[1]
وقد مر في كلمات المحقق الاصفهاني (قدس سره): «ان العلم الاجمالي عبارة عن علم بالجامع وعلم اخر بان طرفة لا يخرج عن الطرفين.»
وحيثية الجهل او الشك انما يكون في متعلق العلم الاخر القائم بان طرفه لا يخرج عن الطرفين او في وجوب هذا الطرف بالخصوص في كلام المحقق النائيني (قدس سره) حسب ما عرفت.
ومنه يعلم ان نفس الجامع كوجوب احد الشيئين معلوم تفصيلاً وان جهة الاجمال والتردد انما جاء من ناحية نسبة هذا الجامع الي الخارج بخصوصياته.
وما ربما يقال من انحفاظ رتبة الحكم الظاهري مع العلم الاجمالي كما اختاره صاحب الكفاية ناظر الي هذه الحيثية بالخصوص.
والا فلا تفاوت بين العلم بنفس الخصوصية كما في العلم التفصيلي والعلم بالجامع كما في العلم الاجمالي من ناحية الكاشفية عن متعلقه فلا فرق بين العلمين من جهة النسخ، بل التفاوت من ناحية المتعلق.
الثالثة :
ان الجامع المتعلق للعلم الاجمالي ليس جامعاً ذهنياً صرفاً يتحصل من عمل الذهن والتحليل الذهني الصرف. وعبر عنه المحقق العراقي فيما سبق من كلامه «لا بجزء تحليلي منها كما في الطبيعي الماخوذ في حيز التكاليف» او « صرف الطبيعي والجامع بين الافراد بما هو في حيال ذاته أو بما هو حاك عن منشئه محضا نظير الجوامع المأخوذة في حيز التكاليف القابلة للانطباق عرضيا أو تبادليا على أي فرد.»[2] كطبيعي الصلاة والحج وامثاله الذي يقبل الانطباق علي الخارج.
بل الجامع المتعلق للعلم الاجمالي هو العنوان المأخوذ من الخصوصيات الخارجية والحاكي عنها، وفي الحقيقة ينتزع هذا الجامع عن نفس الخارجيات، وأنها هي المنشأ لحضوره في الذهن وتعلق العلم به، ولو لا الخارجيات والخصوصيات لا وجود له ولا صورة حتي يتعلق به العلم، لأن العلم انما يتعلق دائماً بالصورة، والصورة الاحتمالية التي يتعلق بها العلم هي الصورة الحاصلة من الخصوصيات الخارجية الحاكية عنها. وكأنها مرآة يري بها الخارج وعنوان لا يري المقصود في الخارجيات الا بها.
والجامع بهذا المعني يمتنع عدم سرايته الي الخصوصيات الخارجية، لأنه لا وجود لها الا بها، وإنما يؤخذ صورته في الذهن بما انه لا يمكن تصوير الخارجيات المقصودة الا بها، فلا محالة تكون ناظرة الي الخارجية حاكية عنها.
وقد مر في كلام المحقق العراقي (قدس سره) « وان الجامع المتعلق للعلم الاجمالي انما هو العنوان الاجمالي بما هو حاك عن الخصوصية الواقعية المرددة في نظر القاطع بين خصوصيات الأطراف بنحو تكون نسبته إليها نسبة الاجمال والتفصيل.»[3]
وفي الحقيقة انه عنوان مشير الي الخارج بحيث لا يمكن الحكم علي الخارجيات الا به. وهو كما ان الشخص عند عدم تمكنه من احصاء الافراد الموضوعة لحكمه يقول احد هذه الافراد، لصعوبة الاحصاء، وسهولة الحكم عليها بالعنوان المشير اي احد هذه الافراد.
وعليه فإن كل ما يترتب علي الجامع المذكور، من الحكم عقلاً او شرعاً يترتب علي ما يشير به اليه بلا شبهة، وبلا كلام.
ومن جملتها التنجيز عقلاً، فإن العلم بما هو طريق وكاشف اذا اثر في تنجيز الجامع فكان في الحقيقة يؤثر في تنجيز ما يشير به اليه.
نعم، في نفس العنوان المشير اجمال وتردد وشك بالنسبة الي الافراد والخصوصيات والجامع، وإن كان حاكياً عن الخصوصية الخارجية، الا ان الخصوصية المذكورة مرددة عند العالم بها، ومنه منشأ القول بأن متعلق العلم هو الفرد المردد. ولكن يلاحظ فيه ان ما هو المردد في الصورة الحاصلة في الذهن معلوم تفصيلاً في الواقع بمشخصاته، ولا يخلو الطرفان او الاطراف عنها، الا ان التردد في صورة الحاكية عنها او العنوان المشير اليها. وهذا ما في كلمات سيدنا الاستاذ من ان التردد كان في نظر العالم لا في الواقع. ومعه يفترق المورد عن تعلق العلم بالفرد المردد المصطلح الذي اكد الاعلام علي امتناعه.
[1] . الشيخ محمد علي الكاظمي، فوائد الاصول تقرير البحث السيد النائيني، ج4، ص10-12.
[2] . الشيخ محمد تقي البروجردي، نهاية الافكار تقرير بحث المحقق ضياء الدين العراقي، ج3، ص 309.
[3] . الشيخ محمد تقي البروجردي، نهاية الافكار تقرير بحث المحقق ضياء الدين العراقي، ج3، ص 309.