بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه سی و چهارم
«(مسألة 67): إذا كان في الطريق عدوّ لا يدفع إلّا بالمال فهل يجب بذله و يجب الحجّ أو لا؟ أقوال، ثالثها الفرق بين المضرّ بحاله و عدمه، فيجب في الثاني دون الأوّل.»[1]
قال المحقق العراقی (قدس سره):
« بناءً على كون تخلية السرب من الشرائط الشرعية كما هو ظاهر دليله لا يجب تحصيله بدفع ماله و لو لم يكن مضرّاً بحاله نعم لو كان من الشرائط العقلية أمكن إجراء التعليل في المقام أيضاً فيكون المدار أيضاً على الضرر الموجب تحمّله الحرج عليه لا مطلقاً و إن كنّا سابقاً في تشكيك في عموم مثل هذا التعليل لغير باب الوضوء و لذا لا يترك الاحتياط في مثل هذه الموارد.»[2]
و افاد السيد الحکيم فی المستمسک فی ذيل قول صاحب العروة: اقوال
«ا أولها: عدم الوجوب، كما في المدارك عن الشيخ (ره) و جماعة لانتفاء الشرط، و هو تخلية السرب. و لأن المأخوذ على هذا الوجه ظلم لا تنبغي الإعانة عليه. و أن من خاف من أخذ المال قهراً لا يجب عليه الحج و إن قل المال، و هذا في معناه. و هذه الوجوه- كما ترى- ضعيفة، لتحقق التخلية بالقدرة على المال. و عدم حرمة الإعانة على مثل هذا الظلم. و للفرق بين المقام و بين أخذ المال قهراً. مع أن الحكم في المقيس عليه ممنوع.
و ثانيها: الوجوب مع الإمكان.
قال في الشرائع: «و لو قيل يجب التحمل مع المكنة كان حسناً ..».
و في المدارك: «و الأصح: ما اختاره المصنف (ره)، من وجوب بذل المال مع القدرة مطلقاً. لتوقف الواجب عليه، فكان كأثمان الآلات ..».
و مثل ذلك: ما عن العلامة و غيره.
و أما الثالث فاختاره في المعتبر، قال: «و الأقرب أنه إن كان المطلوب مجحفاً لم يجب، و إن كان يسيراً وجب بذله، و كان كأثمان الآلات ..».و هذا هو المراد مما في المتن هذا و قد عرفت في شرح المسألة الرابعة و الستين: أنه لا مجال للتمسك بقاعدة نفي الضرر في الباب، لأن أدلة وجوب الحج من قبيل مخصص لها، فيؤخذ بإطلاقه.
و من ذلك يظهر ضعف القول الأول. كما عرفت أن الحرج في المقام مانع عن الاستطاعة، فيتعين لذلك التفصيل المذكور، لأن المراد من أخذ المال المجحف ما يكون موجباً للحرج.
ثمَّ إنه لم يظهر وجه توقف المصنف (ره) عن الفتوى في هذه المسألة، و عن التمسك بقاعدة نفي الضرر و الحرج، مع أنه أفتى- في المسألة الرابعة و الستين، و الخامسة و الستين- بسقوط الحج مع لزوم. الضرر أو الحرج. و الفرق بين المقامين غير ظاهر.»[3]
هذا و نظره (قدس سره) الی ما اختاره صاحب العروة فی مسألة 64 قال هناک:
« إذا استلزم الذهاب إلى الحجّ تلف مال له في بلده معتدّ به لم يجب، و كذا إذا كان هناك مانع شرعيّ من استلزامه ترك واجب فوريّ سابق على حصول الاستطاعة أو لاحق مع كونه أهمّ من الحجِّ كإنقاذ غريق أو حريق، و كذا إذا توقّف على ارتكاب محرّم كما إذا توقّف على ركوب دابّة غصبيّة أو المشي في الأرض المغصوبة.» [4]
و نظره (قدس سره) الی ان صاحب العروة اختار عدم وجوب الحج اذا استلزم الذهاب الی الحج تلف مال له فی بلده معتد به، و وجه اختياره عدم وجود الحج فيه رفع الوجوب بمقتضی ادلة نفی الضرر و کذلک انه (قدس سره) افاد فی مسألة 65 فی موضع منها:
«... و إن اعتقد المانع من العدوّ أو الضرر أو الحرج فترك الحجّ فبان الخلاف فهل يستقرُّ عليه الحجّ أو لا؟ وجهان، و الأقوى عدمه لأنّ المناط في الضرر الخوف...»[5]
حيث انه افتی بعدم وجوب الحج باعتقاد الضرر فضلاً عن بثوته و افاد فی موضوع آخر:
« و إن حجّ مع عدم أمن الطريق أو مع عدم صحّة البدن مع كونه حرجاً عليه، أو مع ضيق الوقت كذلك فالمشهور بينهم عدم إجزائه...»[6]
ثم اختار نفسه الاجزاء و علله بقوله:
«... بل لأنّ الضرر و الحرج إذا لم يصلا إلى حدّ الحرمة إنّما يرفعان الوجوب و الإلزام لا أصل الطلب، فإذا تحمّلهما و أتى بالمأمور به كفى..» [7]
و مختاره هنا عدم وجوب الحج باستلزامه الضرر و الحرج. و عليه فان مثل المقام الذم يستلزم الحج دفع مال لدفع العدو و ينطبق عليه عنوان الضرر کيف لا يفتی بعدم الوجوب کما افتی به فی المسئلتين و لا وجه لتردده فی المقام.
و افاد السيد الخوئي (قدس سره) فی ذيل قول صاحب العروة: «اقوال»:
« الأوّل: سقوط الحجّ و عدم وجوب بذل المال كما عن الشيخ و جماعة.
الثاني: وجوب بذل المال كما عن المحقق و اختاره في المدارك .
الثالث: التفصيل بين المضر بحاله و المجحف به فلا يجب فيه بذل المال و يسقط الحجّ و بين ما كان يسيراً غير مضر بحاله فيجب البذل و هو المحكي عن المحقق في المعتبر.
و قد يستدل للأوّل بأن الاستطاعة و هي تخلية السرب غير حاصلة، و تحصيلها غير واجب، و يستدل للثاني بأن المفروض حصول الاستطاعة المالية و إذا تمكن من دفع العدو و إزالته بالمال وجب، و كلاهما مخدوش فيه.
و الصحيح أن يقال: إذا كان بذل المال حرجياً يرتفع وجوبه لنفي الحرج و يسقط وجوب الحجّ، و إن لم يكن دفعه حرجياً و مشقّة عليه و إنما يتضرر به و ينقص ماله فحينئذ لا بدّ من التفصيل بين:
ما إذا كان الضرر كثيراً و معتداً به فلا يجب بذله لحكومة دليل نفي الضرر على جميع الأدلة،
و قد قلنا سابقاً إن دليل لا ضرر يجري في الحجّ و نحوه من الأحكام الضررية إذا كان الضرر اللازم أزيد مما يقتضيه طبع الحجّ
و بين ما إذا كان الضرر يسيراً أو قد لا يعد عرفاً من الضرر في بعض صوره كبذل خمسة دنانير بالنسبة إلى خمسمائة دينار التي يصرفها في الحجّ، فلا يبعد القول بوجوب الحجّ و لزوم تحمل ذلك الضرر اليسير لصدق تخلية السرب على ذلك،
و نظير ذلك بذل المال لأخذ جواز السفر و نحو ذلك بل ربما تعد هذه الأُمور من مصارف الحجّ و شؤونه.»[8]
و افاد السيد البروجردی (قدس سره) فی حاشية له علی قول صاحب العروة: اقوال:
« الأقرب هو الوجوب إلّا إذا كان ممّا لا يقدم عليه العقلاء بحيث يكون بسبب توقّف حجّه عليه ممّن لا يستطيع إليه السبيل عرفاً.».
و يکمن ان يقال:
انه لو امکن دفع العدو بسهولة ببذل مال يسير لا يعتد به بالنسبة اليه و لا يعتنی به بالنسبة الی مصارف حجه لأمکن القول بانه لا يوجب الاخلال فی الاستطاعة العرفية التی هی التمکن العرفی، و لا يقال انه غير ممکن عرفاً عن الاتيان بالحج. فيجب الحج.
و اما اذا لم يمکن دفعه بسهولة، بل يدفع بدفع مال معتد به بالنسبة الی المصارف التی تقتضيها طبع الحج، فان فی مقامه يمکن القول بعدم تحقق التمکن العرفي، و انه لا تتحقق فی مورده الاستطاعة لعدم تمکنه من تخلية السرب، و معه لا وجه للوجوب.
کما ان دفع العدو حيث يکون بدفع المال، فاذا کان الدفع المذکور الذی لا تقتضيه طبيعة الحج يعد ضرراً عرفاً بالنسبة اليه فانه يرفع وجوب الحج بدليل نفی الضرر.
و لعله هو مراد المحقق (قدس سره) فی المعتبر من التفصيل فی المقام ای الوجه الثالث، فالمسألة خالية عن الاشکال.
و اما ترديد صاحب العروة فی المقام لعله کان لاجل ان دفع العدو بدفع المال و لو کان يسيراً انما يعد من تحصيل الشرط لان الوجوب انما يتحقق بتخلية السرب و المفروض ان الطريق غر مخلی من العدو و لو امکن دفعه يدفع المال، فلا تتحقق فی مورده الا ستطاعة السربية، فلا يجب عليه الحج مطلقاً.
و من طرف آخر، ان ادلة لاضرر انما يرفع الوجوب اذا کان ما دفعه مما يعد ضرراً لا عرفاً، و هذا غير جار فی دفع مال يسير.
و تردده فی المقام کان لاجل تردده بين الوجهين و لعل مانعه من التمسک بادلة الضرر لنفی الوجوب کما هو مختاره فی المسئلتين المذکورتين احتمال عدم تحقق الاستطاعة لصدق عدم تخلية السرب بالنسبة اليه.
و هو (قدس سره) و ان لم يتعرض بالنسبة الی الاجزاء اذا دفع المال و اتی بالحج الا ان ظاهر مختاره فی المسائل السابقة الالتزام بالاجزاء فی المقام ايضاً.
[1]. السيد اليزدي، العروة الوثقي (المحشى)، ج4، ص 430-431.
[2]. السيد اليزدي، العروة الوثقي (المحشى)، ج4، ص 430-431.
[3]. السيد محسن الحكيم، مستمسك العروة الوثقى، ج10، ص187-188.
[4]. السيد اليزدي، العروة الوثقي (المحشى)، ج4، ص 417-418.
[5]. السيد اليزدي، العروة الوثقي (المحشى)، ج4، ص 420.
[6]. السيد اليزدي، العروة الوثقي (المحشى)، ج4، ص 424.
[7]. السيد اليزدي، العروة الوثقي (المحشى)، ج4، ص 426.
[8]. السيد الخوئي، كتاب الحج، ج1، ص236-237.