بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه نود و هشت
ومنها:
ما رواه الشيخ باسناده عن موس بن القاسم بن معاوية بن وهب عن صفوان عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم - في حديث - قال:
قلت لأبي جعفر (عليه السلام): فان عرض عليه الحج فاستحي؟
قال: هو ممن يستطيع الحج، ولم يستحيي؟ ! ولو عل حمار أجدع أبتر، قال: فإن كان يستطيع أن يمشي بعضا ويركب بعضا فليفعل.[1]
ورواه الصدوق في كتاب التوحيد عن ابيه ومحمد بن موس بن المتوكل عن سعد بن عبدالله وعبدالله بن جعفر جميعاً عن أحمد بن محمد بن عيس، عن الحسن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام... و ذكر مثله وزاد، قلت: فمن عرض عليه الحج فاستحيا؟ قال: هو ممن يستطيع.[2]
وليعلم ان صاحب الوسائل ذكر صدر الرواية الي قوله: يكون له ما يحج به. [3]
اما جهة الدلالة فيها:
فانها صريحة في وجوب الحج عند تمكن المكلف من الخروج ولو عل حمار اجدع ابتر.
بل صرح (عليه السلام): فان كان يستطيع ان يمشي بعضاً ويركب بعضاً فليفعل.
والمهم ان الامام (عليه السلام) انما افاد ذلك في مقام بيان الاستطاعة، وصرح بتحققها عند ما عرض عليه الحج من ناحية غيره وانه ليس عليه ان يستحيي لكونه ممن يستطيع الحج.
اما جهة السند فيها:
رواه الشيخ باسناده عن موس بن القاسم، واسناد الشيخ اليه صحيح.
واما موس بن القاسم ابن معاوية ابن وهب العجلي، قال النجاشي فيه: «ثقة ثقة». ووثقه الشيخ في رجال وكذا العلامة. وهو من الطبقة السادسة.
وهو رواه عن معاوية بن وهب البجلي، وثقه النجاشي والعلامة وهو من رواة الصادق والكاظم (عليهما السلام)، فهو من الطبقة الخامسة.
وهو رواه عن صفوان، فان كان المراد صفوان بن يحي كما هو مقتض انصراف العنوان فيما ان الصفوان من الطبقة السادسة، فانه يلزم منه نقل الطبقة الخامسة عن السادسة.
وافاد السيد البروجردي (قدس سره) بعد عد صفوان ممن رو عنه معاوية بن وهب: في هذا العدّ وهم.
هذا، ولكن المذكور في سند الرواية من نقل معاوية بن وهب عن صفوان انما يكون حسب نسخة التهذيب الموجودة بايدينا.
والسيد البروجردي (قدس سره) اورد عليه – عل ما مر – في طبقات رجال التهذيب. ولكن صاحب الوسائل (قدس سره) وان نقل الرواية عن الشيخ في التهذيب الا ان في نقله تفاوت مع ما هو الموجود عندنا من نسخ التهذيب المطبوعة. فان في هذه النسخ:
«محمد بن الحسن باسناده عن موس بن القاسم عن معاوية بن وهب عن صفوان».
وفيما نقله صاحب الوسائل من النسخة الموجودة عنده: «محمد بن الحسن باسناده عن موس بن القاسم بن معاوية بن وهب». والظاهر ترجيح نقل الوسائل بل تعينه.
لان معاوية بن وهب جد موس بن القاسم وفي التهذيبين في موارد انه رو عن جده معاوية بن وهب. وفي الكافي ايضاً التصريح بذلك حيث قال: موس بن القاسم عن جده معاوية بن وهب.
ورواية موس بن القاسم عن صفوان ففي غاية الكثرة.
قال السيد الخوئي (قدس سره):
«وما في التهذيب المطبوع في سند هذه الرواية من قوله: عن موس بن القاسم عن معاوية بن وهب، غلط.
والصحيح: عن موس بن القاسم بن معاوية بن وهب كما في الوسائل والوجه فيه:
ان موس بن القاسم وان رو عن جده معاوية بن وهب في غير مورد من التهذيبين، وفي الكافي ايضاً، بل في الاخير التصريح بجده حيث قال هكذا: موس بن القاسم عن جده معاوية بن وهب كما قد رو عن صفوان ايضاً كثيراً الا ان رواية معاوية بن وهب عن صفوان غير معهودة، بل لم يوجد له ولا رواية واحدة عنه في شئٍ من الكتب الاربعة، ولابد ان يكون ذلك لاختلاف الطبقة فان معاوية من اصحاب الصادق (عليه السلام)، وصفوان من اصحاب موس بن جعفر والرضا والجواد (عليهم السلام). فتبعد جداً رواية مثله عن مثله كما لا يخف.
واما رواية موس بن القاسم عن صفوان ففي غاية الكثرة كما سمعت.
وعليه فيطمئن ان نسخة التهذيب الدارجة مغلوطة، وان الصحيح هي النسخة التي نقل عنها صاحب الوسائل.»
وما افاده (قدس سره)، متين من استبعاد نقل موس بن القاسم عن معاوية بن وهب. كما مر في كلام السيد البروجردي (قدس سره).
واما صفوان بن يحي، فهو اجل من التوثيق ومن الطبقة السادسة.
وهو رواه عن العلاء بن رزين، قال النجاشي فيه: «وكان ثقة وجيهاً». وقال الشيخ: «جليل القدر ثقة». وقال العلامة: «وكان جليل القدر ثقة». وهو من الطبقة الخامسة.
وهو رواه عن محمد بن مسلم، وهو من اجلاء الاصحاب ومن الطبقة الرابعة.
فالرواية صحيحة ظاهراً.
هذا ثم ان للصدوق في كتاب التوحيد اسناداً اخر لعلاء بن رزين، وهو ما رواه عن ابيه علي بن الحسين ابن بابويه، وهو من الطبقة التاسعة. وعن محمد بن موس بن المتوكل ايضاً، وثقه العلامة وابن داود، وهو من الطبقة التاسعة ايضاً.
وهما رويا الخبر عن سعد بن عبدالله وعبدالله بن جعفر جميعاً.
اما سعد بن عبدالله: فهو سعد بن عبدالله بن ابي خلف الاشعري، وثقه الشيخ في الفهرست وكذا العلامة وابن شهرآشوب. وهو من الطبقة الثامنة.
واما عبدالله بن جعفر الحميري القمي. قال النجاشي فيه: «شيخ القميين ووجههم». ووثقه الشيخ في رجاله والفهرست. وهو من كبار الطبقة الثامنة حسب ما افاده السيد البروجردي.
ورويا جميعاً الرواية عن احمد بن محمد بن عيس ابن عبدالله بن سعد الاشعري. وثقه الشيخ في الرجال وكذا العلامة، وهو من الطبقة السابعة.
وهو رواه عن الحسن بن محبوب السراد او الزراد، وثقه الشيخ في الرجال والفهرست وابن ادريس في السرائر. وهو من اصحاب اجماع الكشي، وهومن الطبقة السابعة.
وهو رواه عن العلاء بن رزين. فالرواية صحيحة عل طريق الصدوق ايضاً.
مع انه ليس في هذا الطريق الشبهة التي مر ذكرها في طريق الشيخ (قدس سره) من استبعاد نقل معاوية بن وهب عن صفوان.
ومنها:
ما رواه محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن بي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في قول الله عز وجل: (ولله عل الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا). ما السبيل؟
قال: ان يكون له ما يحج به.
قال قلت له: فان عرض عليه ما يحج به فاستحي من ذلك، أهو ممن يستطيع إليه سبيلا؟
قال: نعم، ما شأنه يستحيي ولو يحج عل حمار أجدع أبتر؟ ! فإن كان يستطيع أن يمشي بعضا ويركب بعضا فليحج.[4]
اما جهة الدلالة فيها:
فان صريحها تفسير الاستطاعة بان يكون له ما يحج به اي نفس التمكن من الاتيان بالحج.
وقد صرح في الرواية في مقام تبيينه صدق المستطيع عل من عرض عليه الحج ولو عل الحمار الاجدع الابتر. او المشي بعضاً والركوب بعضاً.
اما جهة السند فيها:
فانه رواه الكليني عن علي بن ابراهيم، وهو من الطبقة الثامنة.
وهو رواه عن ابيه ابراهيم بن هاشم، وهو ثقة ومن الطبقة السابعة.
وهو رواه عن ابن ابي عمير، وهو اجل من التوثيق ومن الطبقة السادسة.
وهو رواه عن حماد بن عثمان، والمراد حماد بن عثمان الناب، قال الشيخ في الفهرست: «ثقة جليل القدر». ووثقه العلامة وابن شهرآشوب.
وقال الكشي نقلاً عن حمدويه: سمعت اشياخي يذكرون ان حماداً وجعفراً والحسين بن عثمان بن زياد الرواسي. وحماد يلقب بالناب كلهم فاضلون خيار ثقاة.[5] وهو من اصحاب اجماع الكشي.
ادرك الصادق والكاظم والرضا(عليهم السلام). فهو من كبار الطبقة الخامسة.
وهو رواه عن الحلبي، وهو عند اطلاقه يحمل علي محمد بن علي بن ابي شعبة.
وان كان الحلبيون وهو محمد بن علي بن ابي شعبة واخوته عبيد الله وعمران و عبد الاعل وابوهم علي بن شعبة. وكذا احمد بن عمر بن ابي شعبة وابيه عمر بن ابي شعبة واحمد بن عمران كلهم ثقاة.
واما محمد بن علي بن ابي شعبة، وثقه الشيخ في الفهرست والنجاشي والعلامة. وهو من اصحاب الباقر (عليه السلام)، ومن الطبقة الرابعة. وظاهر هذه الاخبار وهو وجوب الحج بمقتضي القدرة علي المشي او الطاقة عليه يننيافي الطائفة الاولي الظاهرة في وجوب الحج عند التمكن من الراحلة مطلقاً كالزاد وصحة البدن.
وهنا لو امكن الجمع بين الطائفتين فنأخذ به والا فانما يتحقق التعارض بينهما.
وفي مقام الجمع بينهما وجوه:
الاول:
وافاده صاحب العروة (قدس سره) بالجمع بين الطائفتين بان الطائفة الاولي مطلقةه من حيث الحاجة وعدمها، والطائفة الثانية مقيدة بعدم الحاجة فتكون النتيجةه وجوب الحج عند التمكن من الراحلة عند الحاجة اليها ومع عدم الحاجة اليها فانما يجب حتي مع عدم التمكن منها.
الثاني:
ان الطائفةالاولي الظاهرة في وجوب الحج عند التمكن من الزاد والراحلة مطلقاً انما وردت مورد الغالب، فان غالب الناس يحتاجون الي الراحلة عند الخروج الي مكةه، وانه لو لا الراحلةه او وسيلة السفر لم يتمكنوا من الوصول اليها ولا سبيل لهم اليها.
هذا ما افاده صاحب العروة ايضاً، وزاد عليه: بل انصرافها اليها. اي انصراف هذه الطائفة – الطائفة الاولي– الي صورة الحاجة الي الراحلةه لاجل الاغلبيةيته.
والمراد ان بملاحظةه حال اغلب الناس من جهةاحتياجهم الي الراحلةه في مقام الخروج الي مكةه، فانما ينصرف ما ورد في وجوب الحج عند التمكن من الراحلة مطلقا الي ما دار بين اغلب الناس او غالبهم من عدم تمكنهم من الوصول الي الحج الا بالراحلة وعليه فلا يتنعقده في هذه الطائفةالاطائفة اطلاق يشمل حتي صورة عدم الحاجة اليها.
والفرق بين التنزيل والانصراف.
ان في الاول: لا يراد بحسب الواقع في الطائفة الاولي لزوم التمكن من الراحلةه علي نحو الاطلاق، بل يراد ما شاع بين الغالب من لزومه عند الحاجة، وانما استعمل ما شاع بين الغالب مورد الكل مجازاً لا حقيقة.
وفي الثاني: .عدم ارادة التمكن منها بحسب الظهور لا بحسب الواقع، فان شيوع لزوم التمكن من الراحلة بين غالب الناس انما اوجب انصراف الظهور الاولي في الاطلاق الي ما شاع بينهم من الحاجةه. فهنا انصراف ووجه الغلبة في الوجود، فلا ظهور في هذه الاخبار الا في المعني المنصرف اليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]. وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، الباب 10 من أبواب وجوب الحج، ص40، الحديث 14185/1.
[2]. الشيخ الصدوق، التوحيد، ص349-350.
[3]. ذكر صاحب الوسائل صدر الحديث الي قوله: يكون له ما يحج به في الباب 8 من أبواب وجوب الحج، ص33، الحديث 14167/1 و ذيلها في الباب 10 من أبواب وجوب الحج، ص40، الحديث 14185/1.
[4]. ذكر صاحب الوسائل صدر الحديث الي قوله: ان يكون له ما يحج به في الباب 8 من أبواب وجوب الحج، ص34، الحديث 14169/3 و ذيلها الي اخره في الباب 10 من أبواب وجوب الحج، ص40، الحديث 14189/5.
[5]. الشيخ الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ج2، ص670، الرقم 694.