درس خارج اصول/ اصول عمليه/ اصالة عدم التذكية/ جلسه هشتاد و شش
صوت درس:
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هشتاد و شش
فربما يقال:
ان موضوع النجاسة امر وجودي وهو عنوان الميتهة، فاإن الميتهة عنوان لما مات حتف انفه لا كل ميت، ولذا عطف عليه في الاية الشريفة الموقوذة والمتردية وغيرهما في قوله تعالي: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزيرِ وَ ما أُهِلّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّيَةُ وَ النّطيحَةُ وَ ما أَكَلَ السّبُعُ إِلاّ ما ذَكّيْتُمْ وَ ما ذُبِحَ عَلَى النّصُبِ... }[1]
وحيث انه لا يمكن الالتزام باأن موضوع النجاسة خصوص ما مات حتف انفه، فيلتزم باأن الميتة الموضوع لما هي كل ما مات بغير سبب مصحح.
وببيان اخر:
ان الميتة بلحاظ هيتئتها الخاصة لا تساوق مطلق الميت، واإنما تساوق الميت المشمروب بالاستقذدار العرفي والاشمئزارز النفسي، وهو كل ما مات بغير سبب بيصحح اكله ويرفع جهة الاستقذار فيه، على اختلاف مصاديق ذلك بلحاظ اختلاف الشرائع والعادات فيه.
وبالجملة:
الذي يلتزم به القائل هو ان موضوع النجاسة هو الميتة، وهي امر وجودي، وعبارة عن زهاق الروح بغير سبب مصحح.
ولم يرد في النصوص اخذ غير المذكي او نحوه من العناوين العمدمية في موضوع النجاسة، بل هي محمولة فيها علي عنوان الميتهة.
وقد ا.ورد عليه:
ان النجاسة لم تحمل في النصوص علي خصوص عنوان الميتة، بل كما حملت علي عنوان الميتة حملت ايضاً علي عنوان عنوان الميت وما مات ونحوها، ومن الواضح انه عنوان مطلق يشمل كل من زهق روحه سواء كان زهاق روحه بنفسه او سبب مصحح او غير مصحح.
ومقتضاه: نجاسة المذكي كغير المذكي. لكن تقام الدليل علي تخصيصةه بالمذكي، واخراجه عنده يستلزم تقييد موضوع الحكم بغير موارد التذكيهة.ولازم ذلك اخذ عدم التذكية في موضوع النجاسة.
وهذا مضافاً:
الي ان مفهوم قوله (عليه السلام): اذا سميت ورميت فانتفع به، هو حرمة الانتفاع لاجل النجاسة ـ لانه ظاهر محور السوؤال ـ مع عدم التسمية او الرمي، وهو ظاهر في تعليق النجاسة علي امر عدمي راأساً، فلو لم نلتزم باأن موضوع النجاسة مطلق الميت، بل خصوص الميتهة بالمعني المزبور كفانا في اثبات اخذ الامر العدمي في موضوع النجاسة مفهوم النص المذكور.
وعليه لثبت انه قد اخذ في موضوع النجاسة جهة عدميهة كعدم الذبح و عدم الرمي وعدم التسميهة وغير ذلك من شرائط التذكيهة.
هذا ما افاده في المنتقي.
وقال السيد الخوئي (قدس سره):
«فاإنها ـ النجاسة ـ مترتبة على عنوان الميتة، والموت في عرف المتشرعة - على ما صرح به مجمع البحرين - زهاق النفس المستند إلى سبب غير شرعي، كخروج الروح حتف الأنف أو بالضرب أو الشق ونحوها، فيكون أمرا وجوديا لا يمكن إثباته بأصالة عدم التذكية.
وعليه فيتم ما ذكره الفاضل النراقي (ره) «من معارضة أصالة عدم التذكية بأصالة عدم الموت، فيتساقطان ويرجع إلى قاعدة الطهارة.»[2]
وإن كان التحقيق جريانهما معا، إذ لا يلزم منه مخالفة عملية، ومجرد كون عدم التذكية ملازما للموت - لان التذكية والموت ضدان لا ثالث لهما - غير مانع عن جريانهما، فان التفكيك بين اللوازم في الأصول العملية غير عزيز كما في المتوضي بمائع مردد بين الماء والبول مثلا، فإنه محكوم بالطهارة الخبثية دون الحدثية، للاستصحاب مع وضوح الملازمة بينهما بحسب الواقع.»[3]
ثم اورد (قدس سره) علي المحقق الهمداني فقال:
« ثم إن المحقق الهمداني (ره): ذهب إلى أن النجاسة مترتبة على عدم التذكية، واستدل على ذلك بما في ذيل مكاتبة الصيقل من قوله عليه السلام: «فان كان ما تعمل وحشيا ذكيا فلا بأس»[4] باعتبار أن مفهومه انه لو لم يكن ذكيا ففيه بأس. والمراد بالبأس النجاسة، لأنها هي المسؤول عنها في المكاتبة. والظاهر عدم دلالة المكاتبة على ذلك، وانما تدل على نفي البأس عما كان يستعمله في عمله من جلود الحمر الوحشية الذكية في قبال الميتة المذكورة في صدرها، فلا مفهوم لها، ويدل على ما ذكرناه ذكر الوحشية في الكلام، لان كون الحمار وحشيا لا دخل له في طهارة جلده يقينا.»[5]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]. سورة المائدة، الآية 3.
[2]. النراقي، مستند الشيعة، ج15، ص148-149.
[3]. البهسودي، مصباح الاصول تقير البحث السيد الخوئي، ج2، ص313.
[4]. وسائل الشيعة (آل البيت)، ج3، الباب 34 من أبواب النجاسات، ص462، الحديث 4181/4.
[5]. البهسودي، مصباح الاصول تقير البحث السيد الخوئي، ج2، ص314.