درس خارج فقه/ كتاب الحج / في شرائط وجوب حجة الإسلام/ جلسه هفتاد و هشت
صوت درس:
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هفتاد و هشت
اما الوجه الثاني – في كلامنا –
من الوجوه التي استدل بها صاحب العروة (قدس سره) لاجزاء ما فعله الصبي من الحج اذا كمل ادرك قبل المشعر: ما دل علىي اجزاء حج العبد اذا ادرك المشعر.
وقرره صاحب العروة (قدس سره) الوجه الاول، وقرر ما ورد بلسان من ادرك المشعر فقد ادرك الحج الوجه الثالث.
ولكنا قررنا ما ورد بلسان من ادرك المشعر. الوجه الاول: لانه الوجه العمدرة في المقام كما قررنا ما ورد من اجزاء حج العبد اذا ادرك المشعر، من مصاديق الوجه الاول كما يستظهر من كلام صاحب الجواهر (قدس سره) حيث افاد بعد عبد التمسك بالاجماع.
«مضافا إلى تظافر الأخبار بأن من أدرك المشعر أدرك الحج كما تسمعها إن شاء الله فيما يأتي في حكم الوقوفين بعرفة والمشعر، وخصوص المورد فيها لا يخصص الوارد، بل المستفاد منها ومما ورد في العبد هنا ونحو ذلك عموم الحكم لكل من أدركهما من غير فرق بين الادراك بالكمال وغيره.
ومن هنا استدل الأصحاب بنصوص العبد على ما نحن فيه مع معلومية حرمة القياس عندهم.»[1]
وظاهره ان وجه استدلال الاصحاب بهذه النصوص. انها مصداق لحكم عام هو اجزاء الحج بادراك المشعر علىي وجه مطلق.
وحينئذٍ فغير بعيد جداً ان يقال:
انه لا فرق بين الوجهين في الدلالة علىي عموم الحكم الا أان في الاول:
«أان من ادرك المشعر يوم النحر قبل زوال الشمس فقد ادرك الحج.» في صحيحة جميل بن دراج السابقة.
وفي الثاني: «ممحلوك اعتق يوم عرفةه قال: اذا ادرك احد الموقفين فقد ادراك الحج». في صحيحة معاوية بن عمار السابقةه.
وذلك: لما مر من ان مدلول هذه الاخبار التوسعة في الواجب وان من ادرك الحج من المشعر الىي آخره فهو كمن ادركهه كاملاً وبلا نقيصة.
كما انه قد مر ان اطلاقها يشمل من احرم قبل المشعر ومن لم يحرم.
من أاتىي بالعمرة قبل حجه او لم يات، ومن كان له مانع عن الحج او لا. ومن كان عنده مانع، كان المانع المذكور ما يمنع عن فعل الحج في مقام الاتييان به، والعمل كمن كان محبوساً قبل ذلك، او كان ذلك مانعاً عن وجوب الحج عليه كعدم البلوغ او الجنون او الرقيةه وامثال ذلك.
فالاخبار بهذا الاطلاق انما يوجب تنزيل ما اتىي الصبي الذي صار واجداً لشرط البلوغ قبل ادراك المشعر، فمنزلةتنزله من ادرك الحج بتمامه واجداً للشرط.
كما يوجب تنزيل ما اتىي العبد الذي اعتتق قبل ادراك المشعر فمنزلةه من ادراك الحج بتمامه واجداً لشرط الحرية.
كما هو الحال في المجنون الذي حصلت له الافاقةه قبل ادراك المشعر او غير المستطيع الذي حصلت له الاستطاعة قبله.
والروايات الواردة في خصوص الصبي في الحقيقةه تطبيق لكبرىي من ادرك المشعر فقد ادرك الحج علىي مورد العبد.
والاطلاق المستفاد من الاخبار المذكورةه – ما ورد بلسان من ادرك المشعر- وان كان كافياً في الدلالة علىي اجزاء ما فعله هذه الافراد ملفقاً من حال فقدان الشرط ووجدانه، او اتيان بعض الحج في ظرف فقدان شرط الوجوب وما بقيهبقيه في ظرف وجدانه. وانها تتكفل التنزيل والتوسعة وتفيد اجزاء الناقص عن الكامل.
الا ان تطبيق الكبرىي المذكورة في لسان الأمام (عليه السلام) يؤكد هذا التنزيل. كما يوكّد اطلاقه. فان أطلاق الطلاق التنزيل انما يجري في مورد العبد الذي اعتق قبل ادراك المشعر.
واما لو التزمنا تبعاًمبقاً لصاحب العروة (قدس سره) بان ما دل علىي ان العبد لو اعتق قبل ادراك المشعر اجزئ ما اتىي به عن حجة الاسلام وجه مستقل للاستدلال به في المقام فطبعاً يرد علىي الاستدلال به.
ما افاده صاحب العروة (قدس سره) من انه قياس
وقد افاده صاحب الجواهر (قدس سره) ايضاً بقوله: والحمل علىي العبد اذا اعتق قياس. كما اورد علىي الاستدلال به صاحب العروة (قدس سره) ايضاً: مع ان لازمه الالتزام به فيمن حج متسكعاً ثم حصل له الاستطاعة قبل المشعر ولا يقولون به.
واساس ايراد القياس هو ان الحكم المذكور في اجزاء ادراك المشعر في حال الحرية عن حجة الاسلام انما ورد في خصوص العبد. فاسراء الحكم منه الىي الصبي الذي كمل قبل ادرك المشعر من غير الغاء خصوصيةته العبدية قياس، واما الغاء خصوصية العبد.
فافاد السيد الخوئي (قدس سره):
«ان الغاء الخصوصيةته يحتاج الىي قرينة داخلة او خارجه، وهي غير موجودة، بل ذلك قياس لا نقول به.»[2]
هذا ما افاده في تقريرات السيد الخلخالي (قدس سره)
وفي تقرير الشيخ البروجردي (قدس سره):
«ويندفع تيدفعبعدم نهوض اية قرينة داخلية او خارجية تساعد علي استظهار الغاء الخصوصيةته بعد ان كان الجمود علي ظواهر تلك النصوص تقتضي اختصاص الحكم بالعبد، فهي فاقدة للاشعار علي الالغاء، فضلا عن الدلالة و لعل للعبد خصوصية لا نعرفها، فالتعدي منه الي ما نحن فيه من الصبي او المجنون قياس محض، كما ذكره في المتن.»
واجاب عن هذا الاشكال في الجواهر.
«..كما ان الحمل علىي العبد ليس قياساً بعد ما عرفت من الاجماع وظهور نصوص العبد في عدم الخصوصيةه له.»[3]
ونظره (قدس سره) من التمسك بالاجماع في دفع القياس ما مر سابقاً منه
«... بل المستفاد منها – ما ورد من ان من ادرك المشعر ادرك الحج ـ ومما ورد في العبد هنا ونحو ذلك عموم الحكم لكل من أدركهما من غير فرق بين الادراك بالكمال وغيره، ومن هنا استدل الأصحاب بنصوص العبد على ما نحن فيه مع معلومية حرمة القياس عندهم»[4]
ومراده (قدس سره) ان الاصحاب انما استدلوا باخبار العبد في بحث اجزاء ادراك المشعر من ناحية الصبي. ومعنىي ذلك انهم لا يرون خصوصية في العبد تمنع عن الاستدلال بالاخبار المذكورة. مع ان العمل بالقياس محرم عندهم.
ونظره – صاحب الجواهر – في ظهور نصوص العبد في عدم الخصوصية له لعله ما افاده الشيخ (قدس سره) في الرسالة.
«فانّ ضمير أدرك- بناء على كونه مبنيّا للفاعل- و إن كان راجعا إلى خصوص العبد، إلّا أنّ المستفاد منه علّية الشرط للجزاء كما لا يخفى على المنصف.»[5]
ومراده: ان اسناد الادراك الى العبد لا يوجب خصوصية في الحكم له، بل ان ظاهر كلام الامام (عليه السلام) بقوله اذا بيان شرط وبيان جزائه. بقوله (عليه السلام): اذا ادرك احد المرفقين فادرك الحج.
ويمكن ان يقال تأييداً لما افادهما (قدس سرهما).
ان الروايات المذكورة ظاهرة في الحمل وبيان الهوهوية بقوله: ان ادراك المشعر او ادراك الموقفين – والمراد ادراكهما الى اخر الحج وان شئت قلت: ادراك الحج من الوقوف في المشعر – هو ادراك الحج وبما ان الحمل المذكور ليس حملاً حقيقياً واقعياً، بل هو حمل تعبدي ويفيد التنزيل اي تنزيل ادراك المشعر منزلة ادراك الحج، وبما ان التنزيل المذكور لا يمكن تصويره على نحو المطلق، فلا بد ان يكون نظير امثاله تنزيلاً في جهة خاصة، وهو الاجزاء والكفاية في المقام على نحو المطلق، وتنزيل ادراك المشعر منزلة ادراك الحج في الاجزاء والكفاية انما يفيد التوسعة في الواجب نظير اخبار من ادرك ركعة...
وحينئذ ان ادعاء كون هذه التوسعة خاصاً بالعبد اول الكلام.
اما لما ورد من الادلة الدالة على التوسعة في ذلك بلا اختصاص بالعبد كما مر في كلام صاحب الجواهر.
واما بمقتضى المناسبة بين الحكم والموضوع، فان العبد في المقام لا خصوصية له الا كون العبودية والرقية مانعاً عن وجوب الحج عليه اي حجة الاسلام، ولا خصوصية لهذا المانع، بل هو كساير الموانع مثل عدم البلوغ وعدم الختان، والجنون، وعدم الاستطاعة وامثاله واذا كان هنا تعبد وتوسعة وتنزيل من الشارع، بان الاتيان بالحج في ظرف وجود المانع في بعض احيانه، يكفي عن الاتيان به واجداً للشرط، ان شئت قلت: ان الاتيان به ملفقاً من الاتيان ببعض اجزائه في ظرف فقدان الشرط وبعضها في ظرف وجدانه يكفي عن اتباعه بتمامه في ظرف وجدانه، اذا ادرك الحج من الوقوف في المشعر الى اخره واجداً للشرط. فكيف يمكن تصوير خصوصيته في مانع دون مانع، وفي شرط دون شرط، فان الاخبار مسوقة في بيان كفاية الناقص عن الكامل. وهذا ما كان الشيخ (قدس سره) بصدد بيانه.
وبالجملة ان احتمال الخصوصية عقلائياً منتفي في المقام جداً. ومعه لا مانع من الغاء خصوصية العبدية واسراء المناط الى غيره من ارباب فقدان الشرط.
هذا واما ما افاده صاحب العروة (قدس سره): مع ان لازمه الالتزام به في من حج متسكعاً ثم استطاع قبل المشعر، ولا يقولون به.
ففيه:
ان المراد ممن حج متسكعاً من لم يرد الحج ولا الوصول الى مكة. فاتفق وصوله الى مكة بعد كونه حيراناً فاذا تمكن هذا الشخص من ادراك المشعر او الموقفين فهل يجزي عنه ما اتى به عن حجة الاسلام.
فان تمام المشكل فيه: انه لم يكن مستطيعاً، ولكنه يتمكن من الاتيان بالحج بوصوله الى مكة.
فان قيل: إن الاستطاعة المعتبرة هي التمكن من الاتيان بالحج من مكانه لا من بلده والمفروض ان المتسكع يتمكن من الاتيان بمناسك الحج في ظرف بضعة ايام. وكونه غير قاصد للحج او ضالاً في الطرق او اراد محلاً اخر غير مكة لا يمنع عن تمكنه حين حضوره في مكة من الاتيان بالحج. فما المشكل فيه، ولم لا نقول باجزاء ما فعله عن حجة الاسلام.
قال السيد صاحب العروة (قدس سره) في مسألة 6 من مسائل الفصل الذي قرره في مباحث الاستطاعة:
«مسأله 6: إنما يعتبر الاستطاعة من مكانه لا من بلده فالعراقي إذا استطاع وهو في الشام وجب عليه وإن لم يكن عنده بقدر الاستطاعة من العراق بل لو مشى إلى ما قبل الميقات متسكعا أو لحاجة أخرى من تجارة أو غيرها وكان له هناك ما يمكن أن يحج به وجب عليه بل لو أحرم متسكعا فاستطاع وكان أمامه ميقات آخر أمكن أن يقال بالوجوب عليه وإن كان لا يخلو عن إشكال.»[6]
وافاد السيد الخوئي (قدس سره) في حاشيته في المقام – عند قوله: امكن ان يقال بالوجوب عليه:
«بل هو المتيقن، لكشف الاستطاعة عن عدم الأمر الندبي حين الاحرام فيجب عليه الاحرام للحج ثانياً سواء كان امامه ميقات اخر ام لم يكن.»[7]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]. الشيخ محمد حسن النجفي، جواهر الكلام، ج17، ص230.
[2]. السيد الخوئي، كتاب الحج، ج1، ص44.
[3]. الشيخ محمد حسن النجفي، جواهر الكلام، ج17، ص231.
[4]. الشيخ محمد حسن النجفي، جواهر الكلام، ج17، ص230.
[5]. الشيخ الانصاري، كتاب الحج، ص14.
[6]. العروة الوثقي (المحشي)، ج4، ص 365.
[7]. العروة الوثقي (المحشي)، ج4، ص 366.