بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهل و دو
وما افاده (قدس سره) ناظر الي ما قرره الشيخ (قدس سره) في الرسائل، قال (قدس سره):
«احتج للقول الثاني - وهو وجوب الكف عما يحتمل الحرمة - بالأدلة الثلاثة:
فمن الكتاب طائفتان:
إحداهما: ما دل على النهي عن القول بغير علم، فإن الحكم بترخيص الشارع لمحتمل الحرمة قول عليه بغير علم وافتراء، حيث إنه لم يؤذن فيه. ولا يرد ذلك على أهل الاحتياط، لأنهم لا يحكمون بالحرمة، وإنما يتركون لاحتمال الحرمة، وهذا بخلاف الارتكاب، فإنه لا يكون إلا بعد الحكم بالرخصة والعمل على الإباحة.
والأخرى:
ما دل بظاهره على لزوم الاحتياط والاتقاء والتورع، مثل ما ذكره الشهيد (رحمه الله) في الذكرى في خاتمة قضاء الفوائت - للدلالة على مشروعية الاحتياط في قضاء ما فعلت من الصلاة المحتملة للفساد -، وهي قوله تعالى: (اتقوا الله حق تقاته)[1] و (جاهدوا في الله حق جهاده)[2].
أقول: ونحوهما في الدلالة على وجوب الاحتياط:
(فاتقوا الله ما استطعتم)[3]،
وقوله تعالى:(ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)[4]،
وقوله تعالى: (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول).[5]»
وافاد (قدس سره) في مقام الجواب عن الاستدلال بهذه الطوائف من الآيات:
« أما عن الآيات الناهية عن القول بغير علم - مضافا إلى النقض بشبهة الوجوب والشبهة في الموضوع -: فبأن فعل الشئ المشتبه حكمه اتكالا على قبح العقاب من غير بيان المتفق عليه بين المجتهدين والأخباريين، ليس من ذلك.
وأما عما عدا آية التهلكة: فبمنع منافاة الارتكاب للتقوى والمجاهدة، مع أن غايتها الدلالة على الرجحان على ما استشهد به الشهيد (رحمه الله).
وأما عن آية التهلكة:
فبأن الهلاك بمعنى العقاب معلوم العدم، وبمعنى غيره يكون الشبهة موضوعية لا يجب فيها الاجتناب بالاتفاق.»[6]
وأفاد المحقق العراقي بتفصيل اكثر:
وأما الكتاب فبآيات:
منها:
ما دل على النهى عن القول بغير علم لكونه افتراء عليه سبحانه كقوله عز وجل: «لم تقولون على الله ما لا تعلمون»، وقوله سبحانه: «قل آلله اذن لكم أم على الله تفترون».
بتقريب: ان الحكم بالترخيص في محتمل الحرمة قول بغير علم وافتراء عليه سبحانه.
ومنها: ما دل على لزوم الورع والاتقاء ولزوم المجاهدة في الله كقوله سبحانه «واتقوا الله حق تقاته»، «وجاهدوا في الله حق جهاده».
بتقريب: دلالتها على لزوم الاتقاء عما يحتمل الحرمة والمجاهدة بعدم ارتكابه لكونه حق التقوى وحق الجهاد الذي امر به في الآية.
ومنها: ما دل على حرمة القاء النفس في التهلكة كقوله عز من قائل ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة،
بتقريب: ان في ارتكاب المشتبه القاء للنفس في التهلكة فيجب التوقف والاحتياط.
ومنها ما دل على المنع عن متابعة ما لا يعلم الظاهر في وجوب التوقف وعدم المضي كقوله سبحانه: «ولا تقف ما ليس لك به علم».
ومنها ما دل على التوقف ورد ما لا يعلم حكمه إلى الله سبحانه ورسوله كقوله عز وجل: «فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله ورسوله».
والجواب:
اما عن الطائفة الأولى فبمنع كون الحكم بالترخيص الظاهري بمقتضى الأدلة المتقدمة قولا بغير علم " واما الحكم " بالترخيص الواقعي فهو وان كان قولا بغير علم ولكنه لا يدعيه القائل بالبرائة.
لان تمام همه انما هو اثبات الترخيص الظاهري في ارتكاب المشتبه وعدم وجوب الاحتياط كما أن هم القائل بالاحتياط انما هو اثبات المنع الظاهري بمقتضى ما دل على وجوب التوقف والاحتياط.
واما عن الطائفة الثانية:
فبمنع كون ارتكاب المشتبه بمقتضى الأدلة المرخصة منافيا مع المجاهدة والتقوى، بل المنافي لها هو ترك الواجبات وفعل المحرمات كما تدل عليه النصوص الكثيرة.
على أن غاية ما تقتضيه انما هي الدلالة على رجحان هذه المرتبة من التقوى التي ينافيها ارتكاب المشتبه، فان حق التقوى لا يكون الا باتيان المندوبات وترك التعرض للمكروهات والمشتبهات فتكون هذه المرتبة هي حق التقوى التي لا تكون فوقها مرتبة، وهي مما لا اشكال في رجحانها عقلا ونقلا فكان الامر بتقوى الله سبحانه حق تقاته في هذه الآية مساوقا لما في الآية الأخرى من قوله عز من قائل ان أكرمكم عند الله اتقيكم في كونه للاستحباب لا للوجوب.
اما عن الطائفة الثالثة:
فالهلاك بمعنى العقوبة مقطوع العدم بمقتضى أدلة البراءة وبمعنى آخر غيرها تقدم الجواب عنه سابقا.
واما الطائفة الرابعة:
فيعلم الجواب عنها بما يأتي في الجواب عما دل على وجوب التوقف والاحتياط من الاخبار الآتية انشاء الله.
واما الطائفة الخامسة:
الا مرة برد مالا يعلم إلى الله سبحانه ورسوله " ص "، فبعد الغض عن دعوى ظهورها في عدم الحكم بالترخيص الواقعي عند الشك، انها محمولة على صورة التمكن من إزالة الشبهة بالرد إليهم صلوات الله عليهم، فلا تعم الشبهات البدوية بعد الفحص واليأس عن الظفر بما يوجب إزالة الشبهة.[7]
[1]. آل عمران، الآية 102.
[6]. الشيخ الانصاري، فرائد الاصول، ج2، ص61-63.
[7]. الشيخ محمد تقي البروجردي، نهاية الافكار تقرير بحث المحقق ضياء الدين العراقي، ج3، ص241-242.