English | فارسی
یکشنبه 18 آبان 1393
تعداد بازدید: 495
تعداد نظرات: 0

درس خارج اصول البرائة في الشبهات التحريمية جلسه بيست و سه

صوت درس:

بسم الله الرحمن الرحيم

جلسه بيست و سه

الجهة الثانية:                                                                           

في تحقيق النسبة‌ بين قاعدة قبح العقاب بلا بيان، وقاعدة لزوم دفع الضرر المحتمل على تقدير ثبوتها:

قد مر في كلام صاحب الكفاية (قدس سره):

« ولا يخفى أنه مع استقلاله بذلك، لا احتمال لضرر العقوبة في مخالفته، فلا يكون مجال ها هنا لقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل، كي يتوهم أنها تكون بيانا،...»[1]

ومراده (قدس سره): ان مع جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان، فإنه لا احتمال للعقاب باحتمال وجود التكليف، اذ العقل اذا حكم بقبح العقاب، فلا يحتمل العقاب في المقام بوجه، فلا يبقى موضوع للزوم دفع الضرر المحتمل – بناء على كون المراد من الضرر العقاب –.

وما افاده (قدس سره) تقرير لما افاده الشيخ (قدس سره) في الرسائل:

قال في الرسائل:

« ودعوى: أن حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل بيان عقلي فلا يقبح بعده المؤاخذة، مدفوعة: بأن الحكم المذكور على تقدير ثبوته لا يكون بيانا للتكليف المجهول المعاقب عليه، وإنما هو بيان لقاعدة كلية ظاهرية وإن لم يكن في مورده تكليف في الواقع، فلو تمت عوقب على مخالفتها وإن لم يكن تكليف في الواقع، لا على التكليف المحتمل على فرض وجوده، فلا تصلح القاعدة لورودها على قاعدة القبح المذكورة، بل قاعدة القبح واردة عليها، لأنها فرع احتمال الضرر أعني العقاب، ولا احتمال بعد حكم العقل بقبح العقاب من غير بيان.

 فمورد قاعدة دفع العقاب المحتمل هو ما ثبت العقاب فيه ببيان الشارع للتكليف فتردد المكلف به بين أمرين، كما في الشبهة المحصورة وما يشبهها.»[2]

وكلام الشيخ (قدس سره) في المقام يشتمل على امرين:

1 -  ما افاده صاحب الكفاية (قدس سره) من ان مع جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان لا يبقى احتمال للعقاب. لأن قاعدة القبح انما ترفع احتمال العقاب عند احتمال التكليف، ومع انتفاء‌ احتمال العقاب ينتفي الموضوع لقاعدة لزوم دفع الضرر، فقاعدة قبح العقاب بلا بيان تتقدم على قاعدة لزوم دفع الضرر، وصاحب الكفاية (قدس سره) وإن لم يصرح بوجه التقديم الا ان الشيخ (قدس سره) صرح بأن تقديمها عليها انما يكون بالورود ببيان:

ان قاعدة قبح العقاب بلا بيان واردة على قاعدة لزوم دفع الضرر، لأن موضوع الثانية احتمال الضرر، والاولى تنفي احتماله ويحكم بالجزم بعدمه، فيرتفع موضوع الثانية وجداناً.

2 -  ان الشيخ (قدس سره) ذكر اشكالاً على ما قرره من الجمع بين القاعدتين بورود قاعدة القبح على قاعدة لزوم دفع الضرر، ودفعه. وهذا لم يذكره صاحب الكفاية (قدس سره):

وحاصل الاشكال:

ان ما ذكر من تقديم قاعدة القبح على قاعدة لزوم دفع الضرر من الوجه يتأتى نظيره على العكس فيقال: ان موضوع قاعدة قبح العقاب، عدم البيان و قاعدة لزوم دفع الضرر المحتمل تصلح لأن يكون بياناً. فيرتفع بها موضوع الاولى.

فكل من القاعدتين رافع لموضوع الاخرى ويتحقق التوارد بين القاعدتين.

وأما الدفع.

فأفاد الشيخ (قدس سره) في مقام الدفع:

« بأن الحكم المذكور على تقدير ثبوته لا يكون بيانا للتكليف المجهول المعاقب عليه، وإنما هو بيان لقاعدة كلية ظاهرية وإن لم يكن في مورده تكليف في الواقع، فلو تمت عوقب على مخالفتها وإن لم يكن تكليف في الواقع، لا على التكليف المحتمل على فرض وجوده، فلا تصلح القاعدة لورودها على قاعدة القبح المذكورة،...»[3]

وهو بيان مجمل يشكل تبيين مراده (قدس سره) فيه.

وأفاد السيد الاستاذ (قدس سره) في مقام تبيينه:

« وتوضيح المراد من عبارة الشيخ يتم بتقديم أمرين:

الأول: ان المراد بالبيان ليس هو العلم، بل هو الحجة على الحكم، فإنها تصحح المؤاخذة والاحتجاج، إذ قد يتم البيان ولا يتحقق الظن فضلا عن العلم كالبينة غير المصحوبة بالظن، فإنها حجة على مؤداها.

 الثاني: ان قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل قد فرض في موضوعها احتمال العقاب، ويمتنع ان تكون القاعدة هي المصححة لهذا العقاب المحتمل، لأنه في رتبة سابقة عليها والحكم متفرع عليه. بل لابد أن يكون المصحح للعقاب المحتمل أمرا آخر غير نفس القاعدة، كما يتنافى موارد تنجز التكليف الواقعي بالعلم الاجمالي أو الاحتمال قبل الفحص. إذن فالعقاب على الواقع المحتمل لا يمكن ان تصححه القاعدة، ومن هنا لا تصلح لان تكون حجة على الواقع وبيانا له.

 فلو فرض كون القاعدة مصححة للعقوبة فلا بد أن يكون العقاب الذي تصححه عقابا آخر غير العقاب المحتمل المأخوذ في موضوعها، وذلك فيما يفرض الوجوب في القاعدة نفسيا، بمعنى أنه يجب دفع الضرر المحتمل بما هو محتمل، سواء وافق الواقع أم لم يوافق، فيكون العقاب على مخالفته.

أما تعين كون الوجوب كذلك لو تمت القاعدة، فلانه لا يصح أن يكون الوجوب طريقيا بداعي تنجيز الضرر المحتمل المأخوذ في موضوعه لفرض تنجزه في مرحلة سابقة عليه. كما لا يصح أن يكون إرشاديا إلى ترتب الضرر على تقدير وجوده، إذ الامر الارشادي في الحقيقة اخبار عن ترتب المرشد إليه، وان كان في الصورة انشاء، والمرشد إليه هو ترتب الضرر على تقدير وجوده، وهو انما يصح في مورد الغفلة عنه، أما مع الالتفات إليه واحتمال تحققه فلا يصح، إذ المخبر يعلم بتحققه على تقدير وجوده فلا معنى لاخباره بذلك، فإنه تحصيل الحاصل.

فيتعين أن يكون وجوبا نفسيا يترتب العقاب على مخالفته.

 ولكنه أيضا غير صحيح، لأنه يستلزم أن يكون ارتكاب المحتمل أشد من ارتكاب المقطوع، إذ ليس في ارتكاب المقطوع سوى عقاب واحد.

 ومقتضى ما بين: أن يكون في ارتكاب المحتمل عقابان على تقدير المصادفة، وهو باطل جزما. »[4]

وما افاده (قدس سره) في تبيين نظر الشيخ تام الا انه قد مر الاشكال في تصوير الطريقية والارشادية في الاحكام العقلية، ولعله (قدس سره) افاد ذلك في مقام تصوير تكفل القاعدة للعقاب على التكليف المحتمل بجميع وجوه المقصورة في معنى الوجوب، ولا نظر له بالنسبة الى جريان الانقسامات المذكورة في حكم العقل.  ثم ان نظره في تبيين مراد الشيخ في دفع الاشكال الى ما اورد المحقق النائيني قدس سره على الشيخ قدس سره، قال في الفوائد بعد نقل الكلام المذكور من الشيخ.

« والإنصاف: أنه ما كنا نترقب من الشيخ (قدس سره) ذلك فان حكم العقل بقبح الإقدام على ما يحتمل فيه الضرر العقابي إنما يكون إرشادا محضا لا يمكن أن يستتبع حكما مولويا شرعيا، فكيف يمكن أن يكون العقاب على مخالفته وإن لم يكن في مورده تكليف واقعي ؟ وكيف صار هذا الحكم العقلي من القواعد الظاهرية ؟

مع أن مخالفة الأحكام الظاهرية لا تستتبع استحقاق العقاب مع عدم مصادفتها للواقع، بل العقاب يدور مدار مخالفة الواقع مع وجود طريق إليه، وفي جميع موارد القواعد الظاهرية يكون العقاب على مخالفة الواقع أو على مخالفة القاعدة عند إدائها إلى مخالفة الواقع لا مطلقا، على اختلاف فيها: من كونها محرزة للواقع كالأمارات والأصول التنزيلية فالعقاب على الواقع، أو غير محرزة كأصالة الاحتياط فالعقاب على مخالفة القاعدة ولكن بشرط كونه مؤديا إلى مخالفة الواقع، ويأتي بيان ذلك (إن شاء الله تعالى) في خاتمة الاشتغال.

 وعلى كل حال: ما أفاده الشيخ (قدس سره) من أن العقاب على مخالفة نفس القاعدة الظاهرية وإن لم تؤدى إلى مخالفة الواقع مما لا يستقيم.»[5]

ومما حققه السيد الاستاذ (قدس سره) في مقام تبيين كلام الشيخ قد ظهر عدم تمامية ما اورد المحقق النائيني قدس سره على الشيخ. لأنه ليس مراد الشيخ اثبات القاعدة المذكورة بعنوان قاعدة‌ كلية ظاهرية، بل ان نظره ان القاعدة المذكورة لو فرض تماميتها فإنما تقتضي العقاب على مخالفتها. ويدل عليه قوله (قدس سره): فلو تمت عوقب على مخالفتها وإن لم يكن تكليف في الواقع.

وأساس نظره في هذا الفرض ان تصوير القاعدة على نحو تصحح العقاب في المقام انما يتم اذا فرض وجوب الالزام فيها نفسياً، بحيث تقتضي وجوب التحفظ على كل احتمال نفسياً حتى امكن تصوير ترتب العقاب على مخالفتها، لأن مخالفتها مخالفة لوجوب نفسي.

وعليه فإن فرض ترتب العقاب على مخالفته لا يمكن الا بتصوير الوجوب فيها نفسياً، وإن كان التصوير غير تام في نفسه كما اشار بل صرح به.

نعم، يمكن الدفاع عن المحقق النائيني قدس سره بأن ما فرضه الشيخ قدس سره لتوجيه ترتب العقاب على مخالفة القاعدة بنفسها، فرض غير تام في نفسه. لأن مع هذا التصوير كيف يمكن تصوير ان تكون القاعدة بما هي متكفلة لحكم ظاهري موضوعاً لترتب العقاب على نفسها، فإنه لا حكم ظاهري الا ان يترتب العقاب على واقعه لا على نفسه.



[1] . الاخوند الخراساني، كفاية الاصول، ص243.

[2] . الشيخ الانصاري، فرائد الاصول، ج2، ص56-57.

[3] . الشيخ الانصاري، فرائد الاصول، ج2، ص56-57

[4] . الشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم، منتقي الاصول تقرير بحث السيد الروحاني،، ج4، ص447-448.

[5] . الشيخ محمد علي الكاظمي، فوائد الاصول تقرير البحث السيد النائيني، ج3، ص369-370.

کلیه حقوق این سایت متعلق به دفتر حضرت آیت الله علوی بروجردی می باشد. (1403)
دی ان ان