بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهل و چهارم
وعمدة ما اورد على هذا المبنى وجهان:
الاول:
ان المبنى المذكور هو مقتضى الاستظهار من الاخبار في باب الزكاة مثل قوله (ع): «في خمس من الابل شاة»[1] في نصاب الابل.
فان الشاة ليس من افراد الابل ومعه فلا معنى لتصوير الزكاة في مورده على نحو الكلي في المعين، كما لا معنى للاشاعة فيه، بل الرواية كالصريحة في ارادة الشركة في المالية.
ومثله: ما ورد في نصاب البقر من قوله (ع): «في كل ثلاثين تبيعة وفي كل اربعين مسنّة»[2].
لانه ربما لا يكون الثلاثين او الاربعين مشتملاً على التبيعة او المسنة. فلا معنى لتصوير الكلي في المعين او الاشاعة فيه، بل ينحصر الظهور في الاشتراك في المالية.
يؤيد هذا المبنى ما ورد في بعض الاخبار من:«ان الله اشرك الفقراء في اموال الاغنياء».[3]
فانه حيث لا شركة حقيقية للفقراء في نفس العين مثل الموردين في الرواية فيلزم ان المراد من الشركة فيها الشركة في المالية.
وبما ان مقتضى قوله تعالى:{ انما الصدقات للفقراء...}[4] بالتعبير عن الكل بعنوان واحد هو الصدقة: ان تعلق الزكاة بمواردها انما يكون على نسق واحد.
وكذا ما عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) من فرض الزكاة في تسعة اشياء فيلزم تعلق الزكاة في جميع مواردها على نحو الشركة في المالية على ما مر.
ولو كان بعض النصوص ظاهراً في معنى آخر لزم حمله على ارادة الشركة في المالية.
مثل: (في كل اربعين شاة شاة)[5] الظاهر في ان الواجب بعنوان الزكاة الفرد المردد بين الاربعين، وهذا هو معنى الكلي في المعين.
او قوله (ع): «فيما سقته السماء العشر»[6] حيث ان التعبير بالعشر بالكسر المشاع ظاهر في الشركة الحقيقية وهو معنى الاشاعة.
فيلزم حمل هذه الموارد على الشركة في المالية بما عرفت.
هذا. وبناءً عليه فان تعلق الزكاة على مواردها انما يكون على نحو الشركة في المالية. ولكنه ثابت في الزكاة.
واما في الخمس فانه ليس لنا مثل هذه الاخبار ليستظهر منه ذلك. ولا وجه للتعدي عنه الى باب الخمس، واسراء الحكم من باب الزكاة الى بابه.
وفي بعض الكلمات ان اسراء هذا المبنى من باب الزكاة الى باب الخمس قياس.
الثاني:
ان الشركة في المالية التي هي مقتضى الاستظهار من النصوص الواردة في المقام لا تقتضي جواز التصرف في العين المتعلق للزكاة.
وذلك:
لان الشركة المذكورة للفقراء وان كانت في مالية العين دون نفس العين الا انها سارية في جميع اجزاء العين وان كل جزء من اجزائه بماليته مشترك بين مالك العين والمستحقين للزكاة، وان لم يكن العين مشتركاً بينهما بشخصه وتشخصه.
ونظير الشركة في المالية في المقام شركة الزوجة مع الورثة في مالية البناء وان لم ترث من نفس الاعيان، فانه لا يجوز التصرف في العين من ناحية الورثةالا بعد اداء حق الزوجة، لان المفروض اشتراكها معهم في مالية العين وهذه المالية سارية في جميع اجزاء العين، ومعه لا يجوز التصرف فيه الا بعد اذنها او دفع حقها من المالية.
وبالجملة: ان الالتزام بالاشتراك في المالية لا يوجب جواز التصرف فيكون كالالتزام بمعنى الاشاعة في عدم جواز التصرف. ويختلف من هذه الجهة مع مبنى الكلي في المعين التي جاز التصرف عليها لمالك العين.
ويمكن دفع الاشكال:
اما في الاول:
فانه يمكن ان يقال: انه قد ورد في الاخبار الواردة في باب الخمس: ان الخمس قد شرع لبني هاشم بدلاً عن الزكاة او عوضاً عنها اجلالاً لهم عن او ساخ ما في ايدي الناس.
ومقتضى عموم البدلية في هذه النصوص اشتراك الخمس في الزكاة من جهة التعلق، وان كل واحد منهما حق لاربابهما في اموال الناس، وانه كما ان للفقراء والمستحقين للزكاة الشراكة في المالية في اعيان اموال الناس كما عرفت بحسب الاخبار، كان لارباب الخمس مثلهم الشركة في اموالهم في المالية بلا فرق.
وبعبارة اخرى، ان الخمس كالزكاة حق لارباب الحاجة الا ان الله تعالى اجلالاً للبني وآله والسادة لم يشاركهم في الزكاة كغيرهم من مستحقي الزكاة، بل خصهم بالخمس.
وبيان هذا الفارق كما انه يدل على اجلال شان السادة كذلك يدل على انه تعلق الخمس باموال الناس كما تتعلق الزكاة باموالهم.
وانه كما يفيد شراكة ارباب الزكاة مع ارباب الاموال كذلك يفيد شراكة ارباب الخمس لهم.
وبهذا التقريب فيدفع ما ربما يقال:
بانه لا يستفاد من هذه الاخبار عموم البدلية في جميع الاحكام، بل الظاهر منها كونها ناظرة الى نفس الحق اجلالاً لهم.
وذلك. لان لا معنى للبدلية في هذه الاخبار الا جعل الحق للسادة مثل جعله لارباب الزكاة، بل جعله لهم بدلاً عن جعله لارباب الزكاة، وليس معنى جعل الحق الا بيان كيفية التعلق. والفارق بين البابين انما هو في خصوصية متعلق الزكاة في مواردها، فان في مثل قوله (ع): «في كل خمس من الابل شاة»[7]، يمكن ان يستفاد صريحاً تعلق الزكاة بالمالية لقرينة خصوصية المورد وهو افتراق الشاة عن الابل ماهية وعدم اشتمال الخمس من الابل على الشاة.
وهذا الاستظهار لا يمكن استفادته صريحاً من اخبار الخمس، لان موارد تعلق الخمس وما يجب فيه الخمس موارد خاصة، يكون مقدار الحق في جميعها الخمس بالكسر المشاع.
بخلاف ما يجب فيه الزكاة فان مقدار الحق يتشخص في بعض هذه الموارد بالكسر المشاع كالذهب والفضة، وفي بعضها بتشخصات معينة كالشاة في الابل او التبيعة في البقر.
وهذا لا يوجب اختلاف نوعية التعلق في باب الخمس. لان كيفية تعلق الحق فيهما واحد وانما الاختلاف نشأ من عدم قابلية موارد الخمس بغير التشخص بالكسر المشاع.
وعليه فان مثل قوله تعالى: {...فان لله خمسه...}[8].
او قوله (ع) في موثقة سماعة: «ما افاد الناس من قليل او كثير ففيه الخمس»[9].
او ما ورد بلسان الخمس على خمسة اشياء او من خمسة اشياء وان كان صريحاً في ان الخمس هو الكسر المشاع وان اربعة اخماس الباقية للمالك، القابل هذا المعنى للاشاعة.
الا انه يمكن رفع اليه عن هذا الظهور، لو سلم تماميته، بمقتضى نصوص بدلية الخمس عن الزكاة ويرفع اليد عن ظهورها بالشراكة في المالية.
كما ان في باب الزكاة يرفع اليد عن النصوص الظاهرة في تصويرها على نحو الكلي في المعين، او الاشاعة بما يكون ظاهراً، بل صريحاً في الشركة في المالية.
وبالجملة ان الالتزام بالشركة في المالية في كيفية تعلق الخمس كما يلتزم به في الزكاة ليس قياساً، ومع التسلم فانه من قياس منصوص العلة.
بل الاصح ان الالتزام بهذا المبنى في باب الخمس انما يكون من باب اسراء الحكم من باب الزكاة الى باب الخمس لعدم خصوصية له في باب الزكاة غير جارية في باب الخمس كما هو الحال في جميع موارد التعدي عن مورد النص الى مورد آخر.
واما في الثاني: ـ وهو ان الشركة في المالية ايضاً تمنع عن جواز التصرف ـ
فيمكن ان يقال فيه:
انه قد مرّ في تقريب مبني الشركة في المالية، ان الشركة في المالية وان توجب سريان المالية الى جميع اجزاء العين.
الا ان في باب الزكاة خصوصية توجب جواز التصرف
وذلك:
لان ما ورد في باب الزكاة من جواز العزل والافراز للمالك وان له الولاية علي تعيين الزكاة في بعض العين: انما يدل على تعيين حصة المالك فيما تعلق به الزكاة، لان ذلك لازم اختيار العزل والافراز بالملازمة العرفية.
فللمالك الولاية على تعيين حصته الشخصية من العين بتمامها وافرازها عن العين المشترك.
وبذلك يمكن الالتزام بجواز التصرف من ناحية المالك في بعض العين، لان تصرفه في بعضه انما يرجع الى تعيين حصته كلاً او بعضاً وان هذا له والزكاة في الباقي.
وبعين ذلك نقول في باب الخمس. وان للمالك الولاية في تعيين الخمس وتشخصه وان له الخيار في دفع الخمس بهذا العين او ذاك لان الخمس حق متعلق بالمال يوجب الشركة في المالية كالزكاة وكل ما قيل فيها نقول فيه بعينه بعين الوجه.
وعدم ورود نص خاص على جواز العزل اوالافراز في الخمس لا يوجب عدم ثبوت ولاية المالك فيه، لان ما ورد في الزكاة جار فيه بعينه بما هو حق متعلق بالمال كالزكاة يوجب الشركة في المالية.
[1]. الحر العاملي، وسائل الشيعة (آل البيت)، ج9، الباب 6 من أبواب زكاة الانعام، الحديث1 ، ص 114، باختلاف يسير.
[2]. الحر العاملي، وسائل الشيعة (آل البيت)، ج9، الباب 6 من أبواب زكاة الانعام، الحديث1 ، ص 114، باختلاف يسير.
[3]. في الوسائل: ج 6، ص 148، الحديث 4، الباب 2 من أبواب المستحقّين للزكاة، معتبرة أبي المعزى و هذا نصّها:« انّ اللّٰه تبارك و تعالى أشرك بين الأغنياء و الفقراء في الأموال فليس لهم أن يصرفوا إلى غير شركائهم».
[4]. سورة التوبة، الاية 60.
[5]. الحر العاملي، وسائل الشيعة (آل البيت)، ج9، الباب 6 من أبواب زكاة الانعام، الحديث1 ، ص 114، باختلاف يسير.
[6]. الحر العاملي، وسائل الشيعة (آل البيت)، ج9، الباب 4 من أبواب زكاة الغلّات، الحديث 2، ص 183، باختلاف يسير.
[7]. الحر العاملي، وسائل الشيعة (آل البيت)، ج9، الباب 6 من أبواب زكاة الانعام، الحديث1 ، ص 114، باختلاف يسير.
[8]. سورة الانفال، الاية 41.
[9]. الحر العاملي، وسائل الشيعة (آل البيت)، ج9، الباب 8 من أبواب وجوب الخمس، ص503، باخلاف يسير.