بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه صد و هجده
بل ربما يلزم الدفاع عن عقائد الشيعة واصولهم في مقابل المخالفين، بل في الساحة العالمية وبذل الاموال فيها.
وهذا لا يقوم في كل عصر الا بايصال حصته الى من تجمع عنده الشرائط لتبيين الاحكام والعقائد ولتقليد الناس عنه.
بل ومع انقراضه ونفوذ نائبه عنه، فانه يلزم تكفل هذا الشان من ناحية عدول المؤمنين. حسب ما قرر في الحسبة.
وقد ظهر بما ذكرناه اولاً:
ان دفع حصته (عليه السلام) الى المجتهد الجامع لاتتوقف على ثبوت ولاية الفقيه باطلاقها.
وتشخيص موارد الصرف في اقامة الحركة وان كان ممكناً لاحاد الناس الدافعين للخمس الا ان فيما حققناه من شأن الحركة ربما نحتاج الى رعاية الاولى فالاولى، وهذا لايتمكن منه غالباً الا من يتصدى للشان.
ومنه ظهر: ان ما قيل من ان احاد الناس ربما كان اعرف بمواقع الصرف انما يراد منه الصرف في خصوص الفقراء، وان من يرتبط معهم ولو بمقتضى شغله او سكونته بينهم اعرف في ذلك، ولكن مصرف حصته (عليه السلام) لا يختص بتامين معاش الفقراء.
وثانياً: ان حصة الاصناف وان يحتاج فيها الى اذن الفقيه الجامع، بل لو وقع في محله لكان مبرئاً للذمة الا انه لو كان نظام في التقسيم بينهم من ناحية الفقيه الجامع المتصدي لشؤونهم او غيره من عدول المومنين لكان الاولى الدفع اليهم بواسطتهم او حسب اطلاعهم، فرعاية ما احتياط فيه صاحب العروة (قدس سره) بقوله: « و أمّا النصف الآخر الّذي للأصناف الثلاثة فيجوز للمالك دفعه إليهم بنفسه لكنّ الأحوط فيه أيضاً الدفع إلى المجتهد أو بإذنه، لأنّه أعرف بمواقعة و المرجّحات الّتي ينبغي ملاحظتها.»[1] حسن بالنظر الى ما مر تفصيله.
ونسب المجلسي (قدس سره) اشتراط الاذن من الحاكم في حصة الاصناف الى المشهور وعمدة الوجه فيه ان تقسيمها بينهم من وظيفة الامام، فيكون من وظيفة نائبه وهو غير تام في جميع الموارد الا اذا فرض تصدي الفقيه له فيلزم رعاية الاحتياط.
واما كون التقسيم من وظائف الامام فهو ايضاً موكول الى صورة امكان تصدي الامام (عليه السلام) لذلك وحتى معه لا وجه للالتزام بحصر دفعه الى الفقيه او صرفه باذنه.
قال صاحب العروة مسالة 8:
«لا إشكال في جواز نقل الخمس من بلده إلى غيره إذا لم يوجد المستحقّ فيه، بل قد يجب كما إذا لم يمكن حفظه مع ذلك، أو لم يكن وجود المستحقّ فيه متوقّعاً بعد ذلك، و لا ضمان حينئذٍ عليه لو تلف، و الأقوى جواز النقل مع وجود المستحقّ أيضاً، لكن مع الضمان لو تلف، و لا فرق بين البلد القريب و البعيد و إن كان الأولى القريب إلّا مع المرجّح للبعيد.»[2]
يقع الكلام تارة في نقل حصة الاصناف من بلده الى بلد اخر
واخرى في نقل حصة الامام (عليه السلام)
اما الاول: فان مع فرض فقدان المستحق في البلد لا اشكال في جواز نقله وعن المدارك لاريب فيه ونقل السيد الحكيم عن غيره الاجماع عليه.
وانه قد يجب النقل اذا توقف ايصال الحق الى اهله عليه.
وفي هذا الفرض اذ اتلف مال الخمس او المال الذي فيه الخمس لم يكن ضمان الخمس على المالك مع عدم التفريط، وقد نفى الاشكال عنه في الجواهر وافاد بانه للاصل، والظاهر التعليل في نصوص نفي ضمان الزكاة لو تلفت بالنقل ونظره (قدس سره) الى ما ورد في ابواب الزكاة مثل صحيحة محمد بن مسلم: « وان لم يجد لها من يدفعها فبعث بها الي اهلها فليس عليها ضمان، لانه قد خرجت من يده وكذلك الوصي.»[3]
وكذا اذا لم يتمكن من التحفظ على الخمس في بلده فوجب نقله الى بلد آخر ولا ضمان عليه، واما مع وجود المستحق فافاد المحقق في الشرايع:
«لايحل حمل الخمس الى غير بلده مع وجود المستحق»
وكذا عن غيره.
وهو اولى خصوصاً مع عدم توجه غيره الى فقراء السادة من البلد اذا نقل الخمس الى بلد آخر وقد ورد في باب الزكاة ان النبي (صلي الله عليه وآله) «كان يقسم اهل البوادي فيهم وصدقة اهل الحضر فيهم.»[4]
واما بالنسبة الى حصة الامام فمع وجود المجتهد الجامع للشرائط في بلده وتصديه لما مر من المصارف وخصوصاً مع عدم التوجه اليها من ناحية غيره لكان عدم النقل احوط الا ان يكون المجتهد الجامع لها في البلد الاخر اعرف بالمصارف المذكورة، وكان ما تصدى له من المصارف اولى.
قال صاحب العروة:
مسألة 9: « لو أذن الفقيه في النقل لم يكن عليه ضمان و لو مع وجود المستحقّ، و كذا لو وكّله في قبضه عنه بالولاية العامّة ثمّ أذن في نقله. »[5]
اذا امر المجتهد الجامع للشرائط بالنقل او اذن فيه لجاز النقل باي صورة سواء مع وجود المستحق في بلده او عدم وجوده.
وكذلك الامر في حصة الامام (عليه السلام)، و لا ضمان عليه مع التلف في الصورتين.
قال صاحب العروة:
مسالة10: «مؤونة النقل على الناقل في صورة الجواز ومن الخمس في صورة الوجوب.»[6]
قال صاحب العروة:
مسالة 11: « ليس من النقل لو كان له مال في بلد آخر فدفعه فيه للمستحقّ عوضاً عن الّذي عليه في بلده، و كذا لو كان له دين في ذمّة شخص في بلد آخر فاحتسبه خمساً و كذا لو نقل قدر الخمس من ماله إلى بلد آخر فدفعه عوضاً عنه. »[7]
قال صاحب العروة: مسالة 12:
«لوكان الذي فيه الخمس في غير بلده فالاولى دفعه هناك ويجوز نقله الى بلده مع الضمان.»[8]
الاولية تكون ثابتة بالنسبة الي البلد الذي حصلت له المنافع الموضوعية للخمس.
قال صاحب العروة:
مسالة 13: « إن كان المجتهد الجامع للشرائط في غير بلده جاز نقل حصّة الإمام (عليه السّلام) إليه، بل الأقوى جواز ذلك و لو كان المجتهد الجامع للشرائط موجوداً في بلده أيضاً بل الأولى النقل إذا كان من في بلد آخر أفضل أو كان هناك مرجّح آخر.»[9] قد مر الكلام فيه المسالة 8.
قال صاحب العروة:
مسالة 14: « قد مرّ أنّه يجوز للمالك أن يدفع الخمس من مال آخر له نقداً أو عروضاً و لكن يجب أن يكون بقيمته الواقعيّة، فلو حسب العروض بأزيد من قيمتها لم تبرأ ذمّته و إن قبل المستحقّ و رضي به. »[10]
مسالة 15: «لا تبرأ ذمته من الخمس الا بقبض المستحق او الحاكم. سواء كان في ذمة او في العين الموجودة وفي تشخيصه بالعزل اشكال.»[11]
قد مر ان للمالك الولاية على تقسيم واخراج الخمس من اي جزء من اجزاء ماله شاء، وليس للحاكم او المستحق الزامه بالاعطاء ومن مال خاص هذا لا كلام فيه.
واما اذا عين الخمس من ماله وعزله فتعين الخمس في المعزول بحيث انه اذ تلف قبل قبض الحاكم والمستحق وبعد عزله تبرء ذمته فلا دليل عليه فان سقوط الذمة انما يكون بقبضهما دون صرف العزل بلا فرق في ذلك بين العين وغيرها فان المالك الولاية علي الافراز واما ترتب اثر شرعي علي افرازه مثل سقوط الضمان عند تلفه بلاتفريط فمحل تأمل واشكال لانه قبل القبض يكون جزماً من ماله.
وهذا مراده (قدس سره) من التشخيص بالعزل
نعم لو امر الحاكم بعزل خمسه وافرازه او اجاز له في ذلك لصار وكيلاً للحاكم في الافراز والعزل ويتعين خمسه حينئذ في المعزول ولحقه حكمه.
قال صاحب العروة:
مسالة 16: «اذا كان في ذمة المستحق دين جاز له احتسابه خمساً وكذا في حصة الامام (عليه السلام) اذا اذن المجتهد.»[12]
قال صاحب العروة:
مسالة 17: « إذا أراد المالك أن يدفع العوض نقداً أو عروضاً لا يعتبر فيه رضى المستحقّ أو المجتهد بالنسبة إلى حصّة الإمام (عليه السّلام) و إن كانت العين الّتي فيها الخمس موجودة، لكن الأولى اعتبار رضاه خصوصاً في حصّة الإمام (عليه السّلام). »[13]
بعد ان للمالك الولاية على الافراز والتبديل والاخراج من مال اخر، فلا محل لاذن الفقيه او رضائه ولا للفقيه مطالبته بمال آخر لما مر من ان تصرف المالك في مقام الاخراج والتبديل نافذ ومعه لا وجه لاعتبار رضى المستحق او الحاكم في ذلك.
مسالة 18: « لا يجوز للمستحقّ أن يأخذ من باب الخمس و يردّه على المالك إلّا في بعض الأحوال، كما إذا كان عليه مبلغ كثير و لم يقدر على أدائه بأن صار معسراً و أراد تفريغ الذمّة فحينئذٍ لا مانع منه إذا رضي المستحقّ بذلك. »[14]
فيه تامل لكونه تفويتا ً للحق ومنافياً لحكمة التشريع.
مع ان الفقير لا يتمكن شرعاً الا اخذ ما يحتاج اليه في معاشه دون اكثر من ذلك، وان ما يثبت له اباحه المال له في تامين حوائجه، فلا تحصل له الملكية بالنسبة اليه حتى امكنه رد المال المذكور الى المالك، وانما يفرض ملكية المستحق في بعض الموارد كالتصرفات المتوقفة على الملكية وعليه فيشكل الامر فيه بالنسبة الى حصة الاصناف.
واما بالنسبة الى حصة الامام (عليه السلام) فالامر موكول الى حاكم وما يراه من المصلحة.
قال صاحب العروة مسالة 19:
« إذا انتقل إلى الشخص مال فيه الخمس ممّن لا يعتقد وجوبه كالكافر و نحوه لم يجب عليه إخراجه فإنّهم (عليهم السّلام) أباحوا لشيعتهم ذلك سواء كان من ربح تجارة أو غيرها، و سواء كان من المناكح و المساكن و المتاجر أو غيرها. تمّ كتاب الخمس »[15]
قد مر الكلام فيه تفصيلاً في مسألة 7 وقلنا هناك بان ما اختاره صاحب العروة في المقام هو الذي يمكن استظهاره من اخبار التحليل.
[1] . السيد اليزدي، العروة الوثقي(المحشي)، ج4، ص309.
[2] . السيد اليزدي، العروة الوثقي(المحشي)، ج4، ص309.
[3] . وسائل الشيعة(آل البيت)، ج9، الباب39 من ابواب المستحقين للزكاة، ص285، الحديث12033/1.
[4] . وسائل الشيعة(آل البيت)، ج9، الباب38 من ابواب المستحقين للزكاة، ص284، الحديث12032/2.
[5] . السيد اليزدي، العروة الوثقي(المحشي)، ج4، ص310.
[6] . السيد اليزدي، العروة الوثقي(المحشي)، ج4، ص310.
[7] . السيد اليزدي، العروة الوثقي(المحشي)، ج4، ص310.
[8] . السيد اليزدي، العروة الوثقي(المحشي)، ج4، ص310.
[9] . السيد اليزدي، العروة الوثقي(المحشي)، ج4، ص311.
[10] . السيد اليزدي، العروة الوثقي(المحشي)، ج4، ص311.
[11] . السيد اليزدي، العروة الوثقي(المحشي)، ج4، ص312.
[12] . السيد اليزدي، العروة الوثقي(المحشي)، ج4، ص312.
[13] . السيد اليزدي، العروة الوثقي(المحشي)، ج4، ص312.
[14] . السيد اليزدي، العروة الوثقي(المحشي)، ج4، ص313.
[15] . السيد اليزدي، العروة الوثقي(المحشي)، ج4، ص313.