بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه صد و چهار
قال صاحب العروة.
مسأله 7: النصف من الخمس الذي للإمام ( عليه السلام ) أمره في زمان الغيبة راجع إلى نائبه وهو المجتهد الجامع للشرائط، فلا بد من الإيصال إليه أو الدفع إلى المستحقين بإذنه، والأحوط له الاقتصار على السادة ما دام لم يكفهم النصف الآخر، وأما النصف الآخر الذي للأصناف الثلاثة فيجوز للمالك دفعه إليهم بنفسه لكن الأحوط فيه أيضا الدفع إلى المجتهد أو بإذنه، لأنه أعرف بمواقعه والمرجحات التي ينبغي ملاحظتها.[1]
قال الشيخ (قدس سره) في النهاية:
« فأما في حال الغيبة، فقد رخصوا لشيعتهم التصرف في حقوقهم مما يتعلق بالأخماس وغيرها فيما لا بد لهم منه من المناكح والمتاجر والمساكن. فأما ما عدا ذلك، فلا يجوز له التصرف فيه على حال. وما يستحقونه من الأخماس في الكنوز وغيرها في حال الغيبة، فقد اختلف قول أصحابنا فيه، وليس فيه نص معين إلا أن كل واحد منهم قال قولا يقتضيه الاحتياط.
فقال بعضهم: إنه جار في حال الاستتار مجرى ما أبيح لنا من المناكح والمتاجر.
وقال قوم: إنه يجب حفظه ما دام الإنسان حيا. فإذا حضرته الوفاة، وصى به إلى من يثق به من إخوانه المؤمنين ليسلمه إلى صاحب الأمر إذا ظهر، أو يوصي به حسب ما وصي به إليه إلى أن يصل إلى صاحب الأمر.
وقال قوم: يجب دفنه لأن الأرضين تخرج كنوزها عند قيام القائم.
وقال قوم: يجب أن يقسم الخمس ستة أقسام: فثلاثة أقسام للإمام يدفن أو يودع عند من يوثق بأمانته. والثلاثة أقسام الأخر يفرق على مستحقيه من أيتام آل محمد ومساكينهم وأبناء سبيلهم. وهذا مما ينبغي أن يكون العمل عليه،...
ولو أن انسانا استعمل الاحتياط، وعمل على أحد الأقوال المقدم ذكرها من الدفن أو الوصاة لم يكن مأثوما. فأما التصرف فيه على ما تضمنه القول الأول، فهو ضد الاحتياط، والأولى اجتنابه حسب ما قدمناه.
والمسألة على ما عرفت خلافية حتى بين اصحابنا الاقدمين. وليس لنا فيها اجماع او شهرة بينهم اوجب العمل على وفقها. وقد صرح في المقنعة: «قد اختلف اصحابنا في حديث الخمس عنه الغيبة وذهب كل فريق منهم فيه الى مقال.» [2]
ثم ان الاقوال في المسألة حسب ما تتبع فيه صاحب الحدائق اربعة عشر:
الاول:
وجوب عزله جميعاً وايداعه والوصية به من ثقة الى ثقة – عند الموت – الى وقت ظهوره (عليه السلام) ليسلمه الى صاحب الامر (عليه السلام).
ذهب اليه المفيد في مقنعته والحلبي والقاضي والحلي، والسيد في المسائل الحائرية.
وفي المنتهى بعد نسبته الى جمهور اصحابنا، قال: «انه حسن.»
واستدل المفيد في المقنعة عليه، بان الخمس حق وجب لصاحبه لم يرسم فيه قبل غيبته، فوجب حفظه الى وقت ايابه، ويجري ذلك مجري الزكاة التي يعدم عند حلولها مستحقها فلا يجب عند عدم ذلك سقوطها، بل يجب حفظها بالنفس او بالوصية الى من يقوم بايصالها الى مستحقها.
وافاد (قدس سره): «وإن ذهب ذاهب إلى صنع ما وصفناه في شطر الخمس الذي هو حق خالص للإمام عليه السلام، وجعل الشطر الآخر في يتامى آل الرسول عليهم السلام، وأبناء سبيلهم، ومساكينهم على ما جاء في القرآن لم تبعد إصابته الحق في ذلك، بل كان على صواب.»[3]
قال السيد الحكيم (قدس سره) في المستمسك:
« وكأنه علم؟ بالقواعد المعول عليها في المال المعلوم مالكه، مع عدم إمكان إيصاله إليه....»[4]
الثاني:
القول بالتحليل، واباحته للشيعة مطلقا.
ذهب اليه سلار الديلمي في المراسم، وصاحب المدارك. وصاحب المفاتيح وصاحب الوافي وصاحب الحدائق.
وعن الفاضل الآبي في كشف الرموز: نسبته الى قوم من المتقدمين.
وفي الحدائق: نسبته الى جملة من معاصريه.
نعم ربما يشكل انتساب هذا القول الى سلار في المراسم لاختصاص التحليل في كلامه بالانفال دون الخمس.
قال في المراسم:
«... والأنفال له أيضا خاصة، وهي: كل أرض فتحت... فليس لأحد أن يتصرف في شئ من ذلك، إلا بإذنه، فمن تصرف فيه بإذنه، فله أربعة أخماس المستفاد منها، وللإمام الخمس. وفي هذا الزمان قد أحلوها مما نتصرف فيه من ذلك كرما وفضلا لنا خاصة»[5]
وقال صاحب الوسائل (قدس سره)، انه يقال بالتحليل اذا لم يكن محتاج من الاصناف الثلاثة. وانما التزم بذلك اعتماداً على نصوص تضمنت تحليل الخمس، و لعله رأي التصور في دلالة جملة منها او اعراض الاصحاب عنها، فحملها على التحليل عند عدم وجود محتاج من الاصناف الثلاثة.
الثالث:
القول بدفن الخمس جميعاً بلا فرق بين حصة الامام (عليه السلام) وحصة الاصناف نقله في المقنعة والنهاية عن بعض الاصحاب استناداً الى ما روى من المقنعة من ان الارض تظهر كنوزها عند ظهور الامام (عليه السلام) وانه اذ اقام دله الله على الكنوز فياخذها من كل مكان.
وحكي هذا القول في المنتهى للخبر، والاعتماد على انه احفظ.
الرابع:
دفع حصة الاصناف اليهم، واما حصة الامام (عليه السلام) فيودع او يدفن وهو مذهب الشيخ (قدس سره) في النهاية.
الخامس:
دفع حصة الاصناف اليهم، واما حصته (عليه السلام) فيجب حفظه الى ان يوصل اليه.
وهو مذهب ابي الصلاح وابن السراج وابن ادريس واستحسنه في المنتهى واختاره في المختلف.
قال ابوالصلاح الحلبي (قدس سره) تشديداً في المنع عن التصرف في حصته (عليه السلام)
«... فإن أخل المكلف بما يجب عليه من الخمس [ وحق الأنفال خ ] كان عاصيا لله سبحانه، ومستحقا لعاجل اللعن المتوجه من كل مسلم إلى ظالمي آل محمد عليهم السلام، وآجل العقاب، لكونه مخلا بالواجب عليه لا فضل مستحق. ولا رخصة في ذلك بما ورد من الحديث فيها، لأن فرض الخمس والأنفال ثابت بنص القرآن وإجماع الأمة، وإن اختلفت فيمن يستحقه، ولاجماع آل محمد عليهم السلام على ثبوته وكيفية استحقاقهم وحمله إليهم وقبضهم إياه و مدح مؤديه وذم المخل به، ولا يجوز الرجوع عن هذا المعلوم بشاذ الأخبار.»[6]
السادس:
دفع حصة الاصناف اليهم وكذا حصته (عليه السلام) تقسيماَ لهم استقربه في المختلف ونقله عن جملة من علمائنا وهو اختيار المحقق في الشرايع وهو المشهور بين المتاخرين كما في المنتهى، وقال انه جيد.
واختاره المفيد في الغرية وابن فهد في المهذب.
وعمدة الدليل لهذا القول المرسلتان المقتدمتان حيث تدلان علي ان مع عدم كفاية الخمس في حوايجهم فعلى الامام (عليه السلام) ان يتمها من ماله.
واستدل عليه العلامة في المختلف بالاحاديث الدالة على اباحة البعض للشيعة حال حضورهم فانها تقتضي اولوية اباحة انسابهم (عليه السلام) مع الحاجة حال غيبة الامام لاستغنائه واحتياجهم.
ولما سبق من ان حصتهم لو قصرت عن حاجتهم لكان على الامام( عليه السلام) الاتمام من نصيبه حال ظهوره، فان وجوب هذا حال ظهوره يقتضي وجوبه حال غيبته فان الواجب من الحقوق لايسقط بغيبة من عليه الحق.
السابع:
صرف النصف في الاصناف الثلاثة واما حصته (عليه السلام) فيجب ايصالها مع الامكان والا فتصرف الى الاصناف ومع عدم امكان الايصال وعدم حاجة الاصناف تباح للشيعة. وهو اختيار صاحب الوسائل.
[1] . السيد اليزدي، العروة الوثقي(المحشي)، ج4، ص307.
[2]. الشيخ الطوسي، النهاية، ص200- 201.
[3] . الشيخ المفيد، المقنعة، ص 286-287.
[4] . السيد محسن الحكيم، مستمسك العروة، ج9، ص579.
[5] . سلار بن عبد العزيز الديلمي، المراسم العلوية، ص 142.
[6] . ابو صلاح الحلبي، الكافي في الفقه، ص174.