درس خارج فقه في قسمة الخمس و مستحقه جلسه نود و پنج
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه نود و پنج
قال السيد حكيم:
«لكن استشكل في دلالتهما غير واحد - منهم شيخنا الأعظم (ره): بظهورهما في صورة اجتماع الخمس جميعه عند الإمام، وتوليه القسمة بينهم. ولعل ذلك حينئذ لئلا يحصل العوز على بعض المستحقين، فيكون حيفا عليهم ويحتاجون إلى أخذ الصدقة، وذلك خلاف مقتضى مقامه الأقدس ومحله الأرفع، ولا يجري في حق المالك. ولذا تدلان أيضا على وجوب إعطاء الكفاية من الخمس مع الامكان، وإعطاء التتمة من مال الإمام مع عدم الامكان.
والأول لم يقل به أحد بالنسبة إلى المالك في زمان الغيبة وعدم بسط اليد.
والثاني محل الخلاف بين الأعلام. فالعمدة في المنع: عدم ثبوت إطلاق يقتضي جواز الاعطاء مطلقا. ودليل التشريع وارد في مقام الاستحقاق لا غير.
والأصل يقتضي الاحتياط.
ومنه يظهر ضعف ما عن المناهل، من أن الأقوى جواز الاعطاء فوق الكفاية. اللهم إلا أن يبنى على إلحاق الخمس بالزكاة. لكن قد عرفت التأمل فيها أيضا.
ثم إن هذا الحكم على تقدير تماميته لا فرق فيه بين أن يكون الدفع من المالك وأن يكون من الحاكم، لا طراد وجهه فيهما. فلا حظ».[1]
قال الشيخ (قدس سره) في الرسالة:
ثمّ إنّ ظاهر المرسلتين عدم جواز إعطاء الفقير هنا أزيد من مئونة السنة كما عن الشهيدين ٢ ، بل في كلام بعض مشايخنا المعاصرين ٣ : أنّه لم أجد فيه خلافا، و لعلّه ناش ممّا تقدّم ۴ عن المشهور من تقسيم النصف عليهم على الكفاية-على ما في المرسلتين-، و قد عرفت أنّ الظاهر من فتوى المشهور و المرسلتين كون ذلك عند تقسيم الإمام لجميع ما يحصل في يده من الخمس على السادة، فلعلّ الاقتصار حينئذ على الإعطاء على الكفاية، لئلاّ يحصل الإعواز و يدخل النقص على بعض المستحقّين، فيكون حيفا عليهم حيث يبقون محتاجين إلى أخذ الصدقات، و لذا قد صرّح في المرسلة بتقسيم الزكاة كذلك، مع أنّه قد مرّ ۵ جواز إعطاء الفقير من الزكاة فوق الكفاية من غير خلاف فيه يعرف، فلا تدلّ على أنّ الحكم كذلك في كلّ خمس يقسّمه المالك بنفسه.
هذا، مع أنّ المرسلتين لا تزيدان على حكاية فعل الإمام عليه السلام أو مداومته، أو التزامه بذلك، و لو سلّم كون ذلك بإلزام من اللّٰه فلعله لخصوص الإمام عليه السلام، حيث إنّ نسبة الفقراء إليه على السواء من حيث الرحمة و الشفقة، فيجب أن يكون تقسيمهم للأخماس و الزكوات و بيت المال
على وجه البسط التام، و يكون مئونة السنة للفقراء عنده كالوظيفة المستمرّة للشخص في كلّ سنة من عند رئيسه، فلا دليل على تعدّي هذا الحكم إلى غير الإمام من الملاّك الذين فوّض أمر نصف الخمس كالزكاة إليهم، ليعطون من يهوون من المستحقّين، و يمنعون من يكرهون إعطاءه، فكما أنّه لا حجر عليهم في تخصيص الأشخاص في الإعطاء و المنع فلا حجر عليهم في مقدار المعطى، و إن لزم منه حرمان جماعة أخرى ما لم يصل إلى حدّ الإجحاف بالنسبة إلى البعض، فيمنع حتّى في الزكاة، كما لو جمع أهل البلد جميع زكواتهم و أعطوه رجلا واحدا يكفيه عشر معشارها لمئونة عمره مع موت باقي الفقراء من الجوع.
و بالجملة، فإجراء ما في المرسلة-سيّما بملاحظة اتّحاد حكم الخمس فيها مع حكم الزكاة-بالنسبة إلى آحاد الملاّك المعطين مشكل جدّا، و لذا صرّح سيّد مشايخنا في المناهل ١ بتقوية جواز الإعطاء فوق الكفاية، إلاّ أنّ الأحوط ما ذكروه.»[2]
[1]. السيد محسن الحكيم، مستمسك العروة، ج9، ص578.
[2]. الشيخ الانصاري، كتاب الخمس، ص334.