بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هفتاد و دو
قال صاحب العروة:
«ولا يعتبر في المستحقين العدالة وإن كان الأولى ملاحظة المرجحات، والأولى أن لا يعطى لمرتكبي الكبائر خصوصا مع التجاهر بل يقوى عدم الجواز إذا كان في الدفع إعانة على الإثم وسيما إذا كان في المنع الردع عنه، ومستضعف كل فرقة ملحق بها.»[1]
لا دليل على ملاحظة المرجحات لزوماً بمعنى عدم جواز الدفع الى المتجاهر مع وجود غير المتجاهر.
نعم ربما يستفاد ذلك مما ورد في باب الزكاة مثل قوله (عليه السلام): «فليقسمها في قوم ليس بهم بأس» في موثقة ابي خديجة. «وسألته عن شارب الخمر يعطى من الزكاة شيئاً؟ قال لا» في رواية داود الصرمي. وكذا قوله (عليه السلام) في بيان علة الزكاة «ومن جملتها تقوية الفقراء والمعونة لهم في امر الدين» في معتبرة محمد بن سنان. بتقريب انه يستظهر منها كون الجهات المذكورة نسبياً، اي لا يعطى لمن كان به بأس مع وجود من لا بأس فيه. ولا يؤتى لشارب الخمر مع وجود غيره ومن لا يكون اعطاء الزكاة معونة له في امر الدين بالنسبة الى من يكون دفعها اليه معونة له. فتدل هذه الاخبار على ترجيح الدفع الى غير المعلن للمعاصي وبعده يرجح غير شارب الخمر على غير من غير المرتكب لها وهكذا ... وانما يلتزم به في باب الخمس بمقتضى كون البابين من واد واحد.
ولكن هذا الاستظهار لو تم فلا يثبت على وجه الالزام بل يحسن الاحتياط في ترتيبه.
وقد مر ان المستند في المقام اطلاق الآية.
ثم ان ما حققناه من جواز الدفع الى مطلق الفقير والمسكين ولو كان متجاهراً بالفسق انما يتم لو لم يترتب على الدفع عنوان محرم كما التزم صاحب العروة بقوة عدم الجواز اذا صدق على الدفع عنوان الاعانة على الاثم.
ويشكل الامر في صدق عنوان الاعانة على دفع الخمس في المقام مع تسلم حرمة الاعانة من جهة ان موضوع الاعانة انما يتحقق اذا قصد الدافع عونه على الاثم، واما مع عدم قصده ذلك فان صرف الدفع ولو مع احتماله صرف المستحق في الاثم لا تنطبق عليه عنوان الاعانة.
مع ان الكلام في حرمة الاعانة على ما مر في المكاسب المحرمة.
واكد القوة في عدم جواز الدفع صاحب العروة فيما كان في عدم الاعطاء ردعه عن المعصية.
ويمكن ان يقال:
ان لازم ذلك الرضا برجوع المستحق لفرض ردعه عنها. وهذا يشكل الالتزام به.
نعم فيما لو علم انه يصرف ما اخذ في المعصية منحصراً بحيث انه لا يتمكن من ارتكاب الحرام الا مع صرف ما دفع اليه بعنوان الخمس لكان الدفع مقدمة للحرام.
وفي مقدمة الحرام انما نلتزم بالحرمة في خصوص المقدمات التوليدية لا مطلقاً، اذ مع توسط اختيار الاخذ في الاتيان بالحرام وعدمه لا تتصف المقدمة بالحرمة.
نعم التزم صاحب الجواهر في مصرف الغارمين في الزكاة بانه لا يدفع الزكاة اليهم لو كان الدفع اغراءً بالقبيح وتشويقا في المعصية.
ونظره الى ما مر من انه لو انطبق عنوان محرم على الدفع فصار الدفع حراماً بمقتضى العنوان المذكور، فحيث ان المبغوض للمولى لا يمكن ان يكون مصداقاً للواجب فلا يكفي الدفع عن سقوط الزكاة عن الذمة.
واجاب عنه السيد الخوئي (قدس سره) هناك بان ما افاده من الوجه، اعتباري استحساني لا يصلح لان يقع سنداً للحكم الشرعي.
[1] . السيد اليزدي، العروة الوثقي(المحشي)، ج4، ص305-306.