بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه شصت و نه
ومن جملتها:
ما رواه الشيخ (قدس سره) باسناده عن محمد بن عيسى ، عن داود الصرمي قال : سألته عن شارب الخمر ، يعطى من الزكاة شيئا؟ قال : لا .
ورواه المفيد في ( المقنعة ) عن محمد بن عيسى.[1]
ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى مثله.[2]
اما جهة الدلالة فيها:
فاستدل بها من جهة انه لو منع شارب الخمر عن الزكاة، فانه لا خصوصية له وانما ذكر من باب المثال لمطلق الفساق.
واورد عليه السيد الخوئي (قدس سره):
«... إلّا أنّ الدلالة قاصرة، لعدم رافع لاحتمال الخصوصيّة، فلا يتعدّى إلى كلّ فاسق لينتج اعتبار العدالة، إلّا إذا علم أنّه يصرفه في الحرام فلا يجوز كما مرّ.
نعم، لا يبعد التعدّي إلى من هو أشدّ إثماً و أعظم فسقاً من شارب الخمر كتارك الصلاة و المتجاهر بالفسق بالأولويّة القطعيّة، و أمّا غيره فلا دليل عليه.
اللّهمّ إلّا أن يقال: إنّ المنع عن الدفع لشارب الخمر إنّما هو من أجل كونه في معرض ارتكاب المعصية، و حيث إنّ مطلق غير العادل كذلك فيشمله مناط المنع.
و لكن هذه الدعوى كما ترى، فإنّها غير بيّنة و لا مبيّنة. و عليه، فلا مناص من الاقتصار على مورد النصّ بعد تطرّق احتمال الخصوصيّة حسبما عرفت.»
اما جهة السند فيها:
فرواه الشيخ باسناده عن محمد بن عيسى. والمراد من محمد بن عيسى في المقام محمد بن عيسى بن العبيد اليقطيني. واسناد الشيخ اليه صحيح.
ومحمد بن عيسى المذكور وثقه النجاشي، وقال العلامة الاقوى عندي قبول روايته.
ولكنه ضعفه الشيخ في الرجال والمحقق في المعتبر وغيره من كتبه ونقل الصدوق عن ابن الوليد انه لا يعتمد على حديثه.
وقد مر في محله ان الصدوق (قدس سره) قال فيه نقلاً عن ابن الوليد:
انه قال: ما تفرد به محمد بن عيسى من كتب يونس (بن عبدالرحمن) وحديثه لا يعتمد عليه.
وقال النجاشي بعد ذكر هذا القول: ورأيت اصحابنا ينكرون هذا القول ويقولون من مثل ابي جعفر محمد بن عيسى.[3]
والظاهر ان تضعيف الشيخ محمول على ما يراه من الفساد من عقيدته، حيث افاد في الفهرست بعد قوله: ضعيف ، استثناه أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه عن رجال نوادر الحكمة ، وقال : لا أروي ما يختص برواياته ، وقيل : إنه كان يذهب مذهب الغلاة.[4]
واساس تضعيف الرجل استثناء ابن الوليد رواياته عن يونس بن عبدالرحمن في رجال نوادر الحكمه. اما طبقته في الحديث فافاد السيد البروجردي لعله من السادسة او السابعة ورواه هو عن داود الصرمي.
قال السيد الخوئي (قدس سره):
«ان السند وان كان معتبراً، فان الصرمي من رجال كامل الزيارات كما لا يقدح الاضمار الناشيء من تقطيع الاخبار بعد عدم احتمال رواية الشيخ والكليني عن غير المعصوم....»
هذا ولكن داود لا تنصيص له على وثاقته. فلا يمكن الجزم باعتبار الرواية وما افاده السيد مبني على ما اختاره سابقاً من اعتبار رجال كامل الزيارات.
ولكن ما يلزم الدقة فيه ان الشيخ الجليل ابوالقاسم جعفر بن محمد بن قولويه روي الرواية عن داود بلاواسطة.
ومع قوله في مقدمة كامل الزيارات
« ولم اخرج فيه حديثا روي عن غيرهم إذا كان فيما روينا عنهم من حديثهم (صلوات الله عليهم) كفاية عن حديث غيرهم.
وقد علمنا انا لا نحيط بجميع ما روي عنهم في هذا المعنى ولا في غيره، لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا رحمهم الله برحمته، ولا أخرجت فيه حديثا روي عن الشذاذ من الرجال، يؤثر ذلك عنهم عن المذكورين غير المعروفين بالرواية المشهورين بالحديث والعلم.»[5]
ولايعبد تمامية هذا التوثيق لما روي عنهم بلا واسطة. او لمن لايعارض توثيقه هذا بتضعيف غيره.
ومن جملتها: ما رواه الصدوق في الفقيه وعلل الشرايع وعيون الاخبار باسناده عن محمد بن سنان عن الرضا (عليه السلام):
«انه كتب اليه فيما كتب من جواب مسائله : ان علة الزكاة، من أجل قوت الفقراء، وتحصين اموال الاغنياء لان الله عزوجل كلف اهل الصحة القيام بشان اهل الزمانة والبلوى كما قال الله تبارك تعالى { لتبلون في اموالكم وانفسكم} في اموالكم اخراج الزكاة وفي انفسكم توطين الانفس على الصبر، مع ما في ذلك من اداء شكر نعم الله عز وجل والطمع في الزيادة مع ما فيه من الزيادة والرأفة والرحمة لاهل الضعف، والعطف على اهل المسكنة، والحث لهم على المواساة، وتقوية الفقراء، والمعونة لهم على امر الدين، وهو موعظة لاهل الغنى وعبرة لهم ليستدلوا على فقراء الاخرة بهم وما لهم من الحث في ذلك على الشكر لله تبارك وتعالى لما خولهم واعطاهم والدعاء والتضرع والخوف من ان يصيروا مثلهم في امور كثيرة في اداء الزكاة والصدقات، وصلة الارحام، واصطناع المعروف.»[6]
واما جهة الدلالتها فيها:
ان قوله (عليه السلام) والمعؤنة لهم علي امر الدين في بيان علة الزكاة ظاهر في ان معونة الفقراء بالزكاة والصدقات انما تكون من جهة معونتهم في امر الدين وهذا ينافي دفعها للفساق منهم
وفيه:
ان ظاهر الرواية تعليل الزكاةلامور: منها المعونة على امر الدين فهي احدى مصارفها من دون انحصار المصرف فيه، فان من جملتها مصارفها الرأفة والرحمة على اهل الضعف، ومنها علىاهل المسكنة، ومنها الحث لهم على المواساة.
ومنها: تقوِية الفقراء
نعم، احد مصارفها المعونة للفقراء على امر الدين ولكنه اعم من اعتبار العدالة في دفعها اليهم، لان سد باب حاجة ارباب الحاجة من اسباب اعانتهم في تقوية ايمانهم وهذا يشمل ما اذا دفعها للفاسق رجاء تعرره في سبيل الايمان. فهو عبارة اخرى عن كلام مولنا اميرالمومنين كاد الفقر لان يكون كفراً فانه يدل على ثبوت النسبة بين الفقر والكفر او سوء الاعتقاد، وازالة الفقر تكون معونة طبعاً لسد باب الكفر وتقوية الايمان وهذا المعنى لايساعد اعتبار العدالة بوجه، خصوصاً مع اقترانها بغيرها من مصارف الزكاة مما تذكر فيه هذه الجهة.
[1]. وسائل الشيعة(آل البيت)، ج9، الباب 17 من أبواب المستحقين للزكاة، ص249، الحديث11947/1؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الاحكام، ج4، ص52، الرقم 138-9.
[2] الشيخ الكيني، الكافي، ج3، ص563، الرقم6003-15.
[3] . النجاشي، رجال النجاشي، ص333، الرقم896.
[4] . الشيخ الطوسي، الفهرست، ص216، الرقم611-26.
[5] . جعفر بن محمد بن قولويه القمي، كامل الزيارات، ص20.
[6] . الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج2، كتاب الزكاة، ص8، الحديث1580؛ و علل الشرايع، ج2، الباب91، ص369، الحديث3؛ و عيون أخبار الرضا(عليه السلام)، ج1، ص96.