درس خارج اصول المقصد السابع في الأصول العملية جلسه شصت و يك
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه شصت و يك
اما حديث تصحيح المؤاخذة بايجاب الاحتياط.
فإنه قد مر ان التكاليف الشرعية على قسمين:
1 - ما كان مطلوباً في حال العلم به، وبناء العقلاء في مقام التكليف وجعل المسؤلية على عهدة الاشخاص انما يكون على ذلك. فلا يؤاخذون على ما ليس للشخص العلم به.
وليس لنا دليل على ردع الشارع عن هذه السيرة المسلمة.
2 - ما كان مطلوباً حتى في حال الجهل.
فإن هذه التكاليف موجودة في شرعنا كالاحكام المرتبطة بالدماء والفروج والاعراض بل والاموال بما يحصل لنا العلم بأن للشارع فيها اهتمام خاص بحيث يريد رعاية الاحتمال فيها.
وايجاب الاحتياط انما يتصور في هذا القسم دون سابقة.
وثبوته في مورد يتوقف على كون غرض المولى فيه على درجة من الأهمية بحيث يوجب استيفائه حتى في حال الجهل، وهذا مما يلزم بيان المولى في مورده، والا فإن المكلف حسب طبعه لا يعمل ولا يأتي الا بما له الوقوف من الغرض، وقد مر ان كفاية هذا المقدار اي الاتيان بالأمر والغرض مع الوقوف به مما جرت عليه سيرة العقلاء ولا يردع عنه الشرع، كما ان الاطاعة التي تجب عقلاً هو الاتيان عند العلم بالأمر، فمن ترك شيئاً لأجل جملة به لا يعد عاصيا عند العقل.
اذا عرفت هذا:
فإن ايجاب الاحتياط المشكوك ثبوته في نفسه الذي ليس للمكلف الوقوف به لا معنى لرفعه منة على العباد، لأن الكلام في اصل ثبوته هذا مع ان اوامر المولى ونواهيه انما تبتني على المصالح والمفاسد النفس الأمرية والملاكات الواقعية، ولا تجب الاحتياط الا في ما هو المهم من هذه الملاكات بحيث لا يرضى الشارع بتركه من ناحية المكلف. وعليه فإن القول بأن الشارع يمكنه ايجاب الاحتياط في جميع محتملات تكاليفه لا اساس له اصلاً، لأن المولى الحكيم انما بنى على ذلك فيما هو المهم من اغراضه الخاصة لا مطلقا.
نعم، يمكن القول بأنه دفع وليس رفعاً حيث انه لا يثبت له المقتضي في مقام الثبوت والرفع في الحديث اعم من الدفع.
ولكن قد مر ان الحديث ظاهر في الرفع دون الدفع، ولا سبيل الى ارتكاب المجاز ما دام لا محذور بوجه في حمل الكلام على ظاهره من الحقيقة مع ما مر ان الرفع مغاير مفهوماً عن الدفع. هذا مع ان الدفع بهذا المعنى بالنسبة الى ما لا مقتضى له في الثبوت لا يوجب منة على العباد.