بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهل و دو
اقول، وشتان بين ما افاده هذا المحقق، وما افاده محمد بن ابراهيم بن جعفر النعماني، الذي مر قول النجاشي فيه: شيخ من اصحابنا عظيم القدر شريف المنزلة صحيح العقيدة كثير الحديث...:
«وليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم ورواه عن الأئمة ( عليهم السلام ) خلاف في أن كتاب سليم بن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الأصول التي رواها أهل العلم ومن حملة حديث أهل البيت ( عليهم السلام ) وأقدمها، لأن جميع ما اشتمل عليه هذا الأصل إنما هو عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين والمقداد وسلمان الفارسي وأبي ذر ومن جرى مجراهم ممن شهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) وسمع منهما، وهو من الأصول التي ترجع الشيعة إليها ويعول عليها...»[1]
مع انه من اعلام الطبقة العاشرة على ما مر ويدعى نفي خلاف الاصحاب اي اهل الرواية ونقله الحديث في عصره وهو عصر الاوئل في ان لاصل سليم هذه المنزلة. وكيف لا يتشخص ان الكتاب المذكور موضوع مجعول لغرض صحيح، ولماذا كان لاعلامنا الاوائل كالكليني والصدوق والشيخ المفيد وغيرهم الطريق الى هذه المجموعة المجعولة.مع ان العلامة الشعراني لم يذكر الفاسد من الكتاب، وإنما اعتمد صرفاً على ما ذكروا... بقوله: وفيه امور فاسدة جداً كما ذكروا ... ولم يذكر في هذا المقام الا شاهدين ادعاهما ابن الغضائري، وقد عرفت حالهما، وتصديق اعلام الحديث بأن ما وصل الينا غير مشتمل عليهما.
والانصاف، انه نرى عدم رعاية الانصاف في بعض ما مر من الكلمات، كما لا نرى رعاية الاصول المسلمة في فن الحديث والرجال.
ونختم الكلام بما افاده السيد الخوئي (قدس سره) في معجم رجال الحديث بعد قوله: الاولى: ان سليم بن قيس في نفسه جليل القدر عظيم الشأن... قال: «الثانية: أن كتاب سليم بن قيس - على ما ذكره النعماني - من الأصول المعتبرة بل من أكبرها، وأن جميع ما فيه صحيح قد صدر من المعصوم عليه السلام أو ممن لابد من تصديقه وقبول روايته، وعده صاحب الوسائل في الخاتمة، في الفائدة الرابعة، من الكتب المعتمدة التي قامت القرائن على ثبوتها وتواترت عن مؤلفيها أو علمت صحة نسبتها إليهم بحيث لم يبق فيه شك.[2]
الجهة الثالثة: من البحث في كتاب سليم. قد مر في كلام العلامة في الخلاصة عن السيد علي بن احمد العقيقي:
«فلم يرو عن سليم بن قيس أحد من الناس سوى أبان بن أبي عياش ...»[3] وقد مر مثله عن بعض حتى ابن نديم في فهرسته.
وقد افاد السيد الخوئي (قدس سره):
«والجواب عن ذلك أن ما ذكره العقيقي باطل جزما، فقد روي عن سليم ابن قيس في الكافي وغيره من غير طريق أبان .»[4]
وذكر بعد ذلك: «وروى عنه ابراهيم بن عثمان في الروضة في الكافي، وابراهيم بن عمر اليماني في كتاب الحجة من الكافي.»
فنقول: انه نرى رواية ابان بن تغلب عن سليم في اكمال الدين للصدوق (قدس سره) وكذا في الخصال. وبالجملة، ان من المسلم رواية ابان بن ابي عياش عن سليم بن قيس وكتابه، وحيث ان ابن الغضائري نسب وضع كتاب سليم الى ابان بن ابي عياش وتبعه غيره فما هو الرجل؟
قال المولى محمد باقر المجلسي (قدس سره) في البحار
بعد ذكر اسناد الكتاب الى سليم، قال: قال الشيخ ابو جعفر: واخبرنا ابو عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري قال: اخبرنا ابو محمد هارون بن موسى بن احمد التلعكبري، قال: اخبرنا علي بن همام بن سهيل، قال: اخبرنا عبد الله بن جعفر الحميري عن يعقوب بن يزيد ومحمد بن الحسين بن ابي الخطاب، وأحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن ابي عمير عن عمر بن اذنية عن ابان بن ابي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي. قال عمر بن أذينة: دعاني ابن أبي عيّاش، فقال لي: رأيت البارحة رؤيا إنّي لخليق أن أموت سريعا، إني رأيتك الغداة ففرحت بك.
إني رأيت الليلة سليم بن قيس الهلالي، فقال لي: يا أبان! إنّك ميّت في أيّامك هذه، فاتّق اللّه في وديعتي و لا تضيّعها، وف لي بما ضمنت من كتمانك و لا تضيّعها إلاّ عند رجل من شيعة علي [ابن أبي طالب]عليه السلام، له دين و حسب، فلمّا أبصرت بك الغداة فرحت برؤيتك، و ذكرت رؤيا سليم بن قيس. لمّا قدم الحجّاج العراق سأل عن سليم بن قيس فهرب منه، فوقع إلينا بالنوبندجان متواريا، فنزل معنا في الدار، فلم أر رجلا كان أشدّ إجلالا لنفسه و لا أشدّ اجتهادا و لا أطول بغضا للشهرة منه، و أنا يومئذ ابن أربع عشر سنة، و قد قرأت القرآن، و كنت أسأله فيحدّثني عن أهل بدر، فسمعت منه أحاديث كثيرة عن عمر بن أبي سلمة ابن أم سلمة زوجة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و عن معاذ بن جبل، و عن سلمان الفارسي، و عن علي عليه السلام، و عن أبي ذرّ، و المقداد، و عمّار، و البراء بن عازب.
ثمّ سلّمنيها و لم يأخذ [عليّ] يمينا، فلم ألبث أن حضرته الوفاة فدعاني فخلابي، و قال: يا أبان! قد جاورتك فلم أر منك إلاّ ما أحبّ، و أنّ عندي كتبا سمعتها عن الثقات، و كتبتها بيدي، فيها أحاديث [لا أحبّ أن تظهر للناس؛ لأنّ الناس ينكرونها و يعضمونها، و هي حق أخذتها]من أهل الحق و الفقه و الصدق [و البرّ]، عن علي بن أبي طالب عليه السلام، و سلمان الفارسي، و أبي ذر الغفاري، و المقداد [بن الأسود].
و ليس منها حديث أسمعه من أحد إلاّ سألت عنه الآخر حتى اجتمعوا عليه جميعا، و أشياء بعد ما سمعتها من غيرهم من أهل الحق، و إني هممت حين مرضت أن أحرقها، فتأثّمت من ذلك و قطعت به، فإن جعلت لي عهد اللّه و ميثاقه أن لا تخبر بها أحدا ما دمت حيّا، و لا تحدّث بشيء منها بعد موتي إلاّ من تثق به [كثقتك بنفسك، و إن حدث بك حدث أن تدفعها إلى من تثق به] من شيعة علي عليه السلام ممّن له دين و حسب، فضمنت له ذلك، فدفعها إليّ، و قرءها كلّها عليّ. فلم يلبث سليم أن هلك رحمه اللّه. . فنظرت فيها بعده، و قطعت بها و أعظمتها و استصعبتها؛ لأنّ فيها هلاك جميع امّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من المهاجرين و الأنصار و التابعين غير علي بن أبي طالب عليه السلام و أهل بيته و شيعته، فكان أوّل من لقيت بعد قدومي البصرة الحسن بن أبي الحسن البصري-و هو يومئذ متوار من الحجاج-و الحسن يومئذ من شيعة علي [ابن أبي طلب]عليه السلام من مفرطيهم، نادم يتلهّف على ما فاته من نصرة علي عليه السلام و القتال معه يوم الجمل، فخلوت به في شرقي دار أبي خليفة الحجاج بن أبي عتاب فعرضتها عليه، فبكى، ثمّ قال: ما في حديثه شيء إلاّ حق، قد سمعته من الثقات من شيعة علي عليه السلام. و غيرهم.
قال أبان: فحججت من عامي ذلك، فدخلت على علي بن الحسين عليهما السلام-و عنده أبو الطفيل عامر بن واثلة صاحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و كان من خيار أصحاب علي عليه السلام-و لقيت عنده عمر ابن [أبي سلمة بن] أمّ سلمة زوجة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فعرضته عليه، و عرضت على علي بن الحسين عليهما السلام. ذلك أجمع ثلاثة أيّام، كل يوم إلى الليل، و يغدو عليه عمر و عامر فقرأته عليه ثلاثة أيّام، فقال: «صدق سليم رحمه اللّه، هذا حديثنا كلّه فعرّفه» و قال أبو الطفيل، و عمر بن أمّ سلمة: ما فيه حديث إلاّ و قد سمعته من علي بن أبي طالب عليه السلام، و من سلمان، و من أبي ذر، و من المقداد.
قال عمر بن أذينة: ثمّ دفع إليّ أبان كتب سليم بن قيس الهلالي، و لم يلبث أبان بعد ذلك إلاّ شهرا حتى مات، فهذه نسخة كتاب سليم بن قيس العامري دفعه إلى أبان بن أبي عياش، و قرأه عليّ، و ذكر أبان أنّه قرأه على علي بن الحسين عليهما السلام، فقال: «صدق سليم! هذا حديثنا فعرّفه »[5].
[1] .محمد بن ابراهيم النعماني، كتاب الغيبة، ص103.
[2] . السيد الخوئي، معجم رجال الحديث، ج9، ص230.
[3] . العلامة الحلي، خلاصة الاقوال، ص163.
[4] . السيد الخوئي، معجم رجال الحديث، ج9، ص235.
[5] . عبدالله مامقاني، تنقيح المقال في علم الرجال، ج32، ص423-426؛ وايضا علامه المجلسي، بحار الانوار، ج1ٌ 77-79.