درس خارج اصول مبحث الحجيت خبر الواحد جلسه بيست و دو
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه بيست و دو
اما الجهة الثانية:
فحاصل ما افاده: انه لايجب عليه تحصيل الظن لان المفروض عجزه عن اتيان المأمور به وهو الايمان والتصديق، والظن بما انه لايغني من الحق شيئا يندرج في عموم قولهم (عليهم السلام): (اذا جائكم مالاتعلمون فها) ولايقاس المقام بباب الفروع، وكفاية الظن عند عدم التمكن من العلم.
ثم افاد (قدس سره):
«نعم، لو رجع الجاهل بحكم هذه المسألة إلى العالم، ورأى العالم منه التمكن من تحصيل الظن بالحق ولم يخف عليه إفضاء نظره الظني إلى الباطل، فلا يبعد وجوب إلزامه بالتحصيل، لأن انكشاف الحق - ولو ظنا - أولى من البقاء على الشك فيه .»[1]
ومقتضى ما افاده في الذيل بيان ان الظن ليس متعلقاً للنهي الا من جهة الخوف عن افضائه الى الباطل، والا فلا مانع الزامه بتحصيل الظن في فرض عدم تمكنه من العلم.
اما الجهة الثالثة:
فحاصل ما افاده فيها: ان العاجز عن تحصيل العلم لو بقي شاكاً وان اقرّ بالاسلام فالظاهر عدم اسلامه بناءً على ان الاقرار الظاهري مشروط باحتمال اعتقاده بما يقربه. ثم افاد بان في جريان حكم الكفر عليه حينئذٍ اشكال: من اطلاق بعض الاخبار بكفر الشاك ومن تقييده في غير واحد من الاخبار بالجحود.
وذكر من هذه الروايات ما رواه في الكافي عن محمد بن مسلم قال: سال ابو بصير ابا عبدالله قال: ما تقول فيمن شك في الله. قال: كافر. قال: فشك في رسول الله؟ قال: كافر. ثم التفت الى زرارة فقال: انما يكفر إذا جحد.[2]
وفي رواية اخرى في الكافي ايضاً: «لو أن العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا لم يكفروا . »[3] وذكر الشيخ (قدس سره) بعد نقل الروايتين:
« ثم إن جحود الشاك، يحتمل أن يراد به إظهار عدم الثبوت وإنكار التدين به، لأجل عدم الثبوت، ويحتمل أن يراد به الإنكار الصوري على سبيل الجزم، وعلى التقديرين فظاهرها: أن المقر ظاهرا الشاك باطنا الغير المظهر لشكه، غير كافر .»[4]
وأيّد ما افاده بما رواه زرارة في تفسير قوله تعالى: «وآخرون مرجون لامر الله عن ابي جعفر قال: قوم كانوا مشركين فقتلوا مثل حمزة وجعفر واشباههما من المؤمنين ثم انهم دخلوا الاسلام فوحدوا الله وتركوا الشرك، ولم يعرفوا الايمان بقلوبهم فيكونوا مؤمنين فيجب (فتجب) لهم الجنة، ولم يكونوا على جحودهم فيكفروا فتجب لهم النار فهم على تلك الحالة اما يعذبهم واما يتوب عليهم.»[5]
والتحقيق:
ان المراد من الامور الاعتقادية او الجوانحية، ما يتقوم به ايمان الشخص واسلامه، وكونه امامياً وامثال ذلك. فان الالتزام بالتوحيد يوجب خروج الشخص عن الشرك وكونه مؤمناً والتزامه بنبوة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يوجب كونه مسلماً والتزامه بامامة امير المومنين واولاده المعصومين يوجب ايمانه بالمعنى الاخص. وما حد هذا الالتزام؟
فان ما يعبر عن هذا الالتزام بالاعتقاد، او التصديق او عقد القلب يرجع الى امر واحد وهو القبول، كما ان المراد من صدّق العادل قبول ما اخبر به العادل، ويترتب عليه العمل على طبقه.
وقبل ان نراجع القبول في الاخبار والروايات يلزم تحقيق مفهومه في السيرة العقلائية، لان من يقبل التوحيد ويصدقه عند بعث النبي لا يسلك هذا الطريق بمقتضى الاخبار او بمقتضى قول النبي (صلى الله عليه وآله) فقط، لان قبول قوله يتوقف علي تصديقه بمن ارسله اولاً، ثم تصديقه بانه رسول من قبله، واما قبله فيلزم ان يكون التصديق والقبول على اساس عقلائي، وفي سيرتهم انما يتحقق مفهوم القبول، والتصديق في امورهم العقلائية، بعد معرفتهم بما يقبل وما يصدق.
[1] فرائد الاصول، ج1، ص577.
[2] الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص399، الباب الشك، الحديث3.
[3] الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص388، الباب الكفر، الحديث19.
[4] فرائد الاصول، ج1، ص578.
[5] الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص407، الباب المرجون لامر الله، الحديث1.