بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه نوزده
قال صاحب العروة (قدس سره):
(مسألة 80): إذا اشترى بالربح قبل إخراج الخمس جارية لا يجوز له وطؤها، كما أنه لو اشترى به ثوبا لا يجوز الصلاة فيه، ولو اشترى به ماء للغسل أو الوضوء لم يصح، وهكذا، نعم لو بقي منه بمقدار الخمس في يده وكان قاصدا لإخراجه منه جاز وصح كما مر نظيره.[1]
والظاهر ان مفروض كلامه اشتراء الجارية قبل اخراج الخمس، وبعد استقراره، فانه بناءً على تعلق الخمس بذات العين دون ماليتها، وكونه على نحو الملكية دون الحقية، فلا شبهة في عدم جواز التصرف فيه باي وجه من وجوهه فاشتراء شيء به باطل، لانه اشتراء بمال الغير و لا يجوز التصرف له في العين المشتراة، فان كانت جارية لايجوز وطؤها، ولوكانت ماء لا يصح الاغتسال به او التوضي به. و وجهه واضح، لان بالمبادلة الباطلة لا تدخل العين المشتراة في ملكه ومعه، فكل تصرف بغير اذن مالكه. تترتب عليه الاثار الوضعية والتكليفية كالضمان والحرمة، وبطلان العمل لو فرض التصرف فيه لامر عبادي كالاغتسال به والتوضؤ وهذا واضح.
ثم انه (قدس سره) تنبه الى انه بناء على ما اختاره من المبنى من تعلق الخمس بالعين على نحو الكلي في المعين يُقيد عدم جواز التصرف بما اذا لم يبق في يده بمقداره الخمس، واما لو بقي مقداره بعد التصرف المذكور جاز الوطىء وصح الاغتسال والتوضؤ فيما ذكره من المثالين.
ويتبعه في الجواز والصحة فيها:
1 – لو فرض الاشتراء بما في الذمة لابنفس العين، وانما دفع العين في مقام تفريغ الذمة من الثمن الكلي الواقع فيها بمقتضى الاشتراء.
2 – لو فرض جعل مقدار في ذمة بان يضمنه فيها فتصير الذمة مشغولة بمقدار الخمس وجاز اي تصرف منه في العين، بناءً على الالتزام بصحته. وقد مر الالتزام بها وان ذهب صاحب العروة (قدس سره) الى عدم صحة التضمين المذكور.
3 – لو فرض مصالحته مع الحاكم في مقدار الخمس فجاز له التصرف في العين، وقد مر التزام صاحب العروة به.
4 – لو فرض تعلق الخمس بالعين على نحو الحقيقة، فان عليه يجوز له التصرف في العين لبقائها بعد استقرار الخمس على ما هو عليها من الملكية الثابتة للمالك، وقد مر تصوير ذلك في كلام السيد الحكيم.
5 – لو فرض تعلق الخمس بمالية العين دون نفسها، وقد مر التزام ذلك من جماعة منهم المحقق النائيني.
نعم، ان مع عدم الالتزام بما اختاره صاحب العروة من تعلقه على نحو الشركة الحقيقية والاشاعة كما مر من السيد الخوئي (قدس سره)، لايجوز التصرف المذكور حتى مع بقاء مقدار الخمس في يده.
ثم ان ظاهر ما افاده صاحب العروة بل صريحه حسب ما مر منه اختصاص الفرض بما بعد استقرار الخمس، واما لو فرض ذلك قبل استقرار الخمس، بان اشترى بالربح جارية قبل مضي سنته، فلا شبهة في جواز التصرف اذا عد الاشتراء من مؤونة سنته بشرائطها وخصوصياتها واما اذا لم يحتسب من مؤونته بان يكون اكثر من ذيّه او عدم احتياجه بذلك، فانه يمكن القول بجواز تصرفه فيها، لان الربح باق على ملكيته وان وجوب دفع الخمس مراعى باخراج المؤونة الفعلية على ما مر والاشتراء المذكور، وان ليس داخلاً في مؤونته الا ان ظرف تحققه كان في مرحلة كون وجوب الدفع مراعى، ولذا مر جواز تصرفه في جميع الربح قبل استقرار الخمس، وبعد مضي السنة واخراج المؤونة وتبين ان اشتراءه كان من الخمس بمعنى ان قيمة الجارية كانت ازيد من اربعة اخماس فاضل مؤونته فهو ضامن بالنسبة الى مقدار الخمس كما في سائر الموارد كمن اسرف في المؤونة او صرفه في غيرها الا ان اشتغال ذمته بمقدار الخمس لاينافي جواز تصرفه فيما اشتراه.
قال صاحب العروة:
( مسألة 81 ): قد مر أن مصارف الحج الواجب إذا استطاع في عام الربح وتمكن من المسير من مؤنة تلك السنة وكذا مصارف الحج المندوب والزيارات، والظاهر أن المدار على وقت إنشاء السفر فإن كان إنشاؤه في عام الربح فمصارفه من مؤنته ذهابا وإيابا، وإن تم الحول في أثناء السفر فلا يجب إخراج خمس ما صرفه في العام الآخر في الإياب أو مع المقصد وبعض الذهاب[2].
قد مر ان مصارف الحج من المؤونة وعليه:
لا شبهة في انه اذا اتى بالحج في عام الاستطاعة يحسب جميع مصارفه فيه من المؤن . كما ان الاظهر حسب ما مر انه اذا لم يتمكن من اتيانه في عام الاستطاعة واتى به في العام المتاخر اوالاعوام المتاخرة يحاسب مصارفه من مؤونة عام الاستطاعة لما عرفت من ان المراد بالمؤونة المؤونة الفعلية، وهي ما يخرج من الربح ويصرف فيها، واذا كانت مصارف الحج من المؤونة ففي عام المصرف فيه من مؤونته واذا كانت مصارف الحج من المؤونة، ففي عام المصرف فيه تعد من مؤونة سنة المصرف دون عام الاستطاعة.
واما اذا اتى بالحج في اواخر السنة بحيث انها تمت في اثناء سفره وانتهى السفر في العام القابل، فانه يمكن تصوير محاسبة مصارفه من مؤونة العام الاول، وهو العام الذي ابتدأ بسفره فيه، لان غالب الناس لا يبادرون بهذا السفر الا بعد تأمين مصارفه بكاملها وحيث ان ما في يده هو ربح السنة الاولى فلا محالة يخرج مصارف سفره منه، فكل ما صرف خارجاً في سفره يعد من مؤونة السنة.
واختار السيد الماتن هذا القول وافاد بان الظاهر ان المدار على وقت انشاء السفر، فان كانت انشأوه في عام الربح فمصارفه من مؤونته ذهاباً واياباً. وتعبيره (قدس سره) بالانشاء كما يصدق على الابتداء بالسفر في عام الربح كذلك يمكن صدقه على تدارك لوازم السفر قبل الابتداء وعنه عزمه بذلك، لان تامين مصارف السفر عند غالب الناس يتحقق قبل الشروع فيه.
[1]العروة الوثقى (المحشي)، ج4، ص302.
[2] العروة الوثقى (المحشي)، ج4، ص302.