بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه پانزده
وظاهره (قدس سره) التشكيك فيما فرضه صاحب العروة في الفرع من جهة عدم كاشفيته عن عدم تعلق الخمس بما ربحه.
وافاد في الاخر:
«نعم، يتم ما ذكره (قدس سره) فيما اذا تخيل ان عليه ربحاً، فاخرج خمسه، واداه ثم انكشف انه لم يكن ربح ففي مثل ذلك له الاسترداد مع بقاء العين لا مع تلفها الا اذا كان المعطي له عالماً بالحال.»[1]
ويمكن ان يقال ان فرض صاحب العروة (قدس سره) كان فيما اخرج الخمس بتقدير المؤونة بما يظنه، فبان بعد ذلك عدم كفاية الربح، لتجدد مؤن لم يكن يظنها...
ومعنى ذلك:
انه تخيل بحسب محاسبته عند حصول الربح انه يبقى بعد اخراج المؤونة ما يكون متعلقاً للخمس، فبان خطأه، وانه لم بيق من ارباحه بعد اخراجها ما تعلق به الخمس.
ويلحق بهذا الفرض ما لو علم ذلك فاخرج خمسه، ثم ابتلى بما لا يحتمله كخراب داره لزلزال ومثله بحيث لم يبق له بعد اخراج المؤونة ما تعلق به الخمس.
ونقطة البحث في جميع هذه الفروض عدم تعلق الخمس بما ربحه في الواقع، ونفس الامر، لكنه لم يتفطن لذلك في ابتداء السنة، فدفع الخمس بحسب محاسبته، ثم كشف له ذلك بعد دفعه، فاساس الكلام في ان الكشف المزبور في انتهاء السنة، اي كشف عدم تعلق الخمس بما ربحه بعد دفعه هل يوجب رجوعه الى المدفوع اليه ام لا؟
فاذا كان البحث في ذلك كما هو صريح الاعلام في كلماتهم في المقام لا وجه للتشكيك في الكشف المزبور بانه هل وقع بعد تخيله لتعلق الخمس او علمه او غير ذلك، كما لا وجه لان يتردد في انه كيف يتحقق الكشف المزبور ما لم يصرف المؤونة كما احتمله تاكيداً على ان العبرة في عدم وجوب الخمس انما هو بصرف الربح في المؤونة لا بوجود المؤونة من دون صرف، فان جميع هذه الشبهات خارجة عن فرض الكلام حسب ما قرره صاحب العروة، فان المستفاد من كلامه ان من دفع خمس الربح بمجرد حصوله توهماً او تخيلاً او علماً بان مؤونته في السنة لا تزيد عنه ويبقى بعد اخراجها الموضوع للخمس، ثم بعد تمام السنة كشف له خلاف ما توهمه، حيث انه بعد صرف المؤونة فعلياً في تمام سنته اتفق عدم كفاية ما ربحه بها، واستكشاف عدم وجود الموضوع للخمس بعد دفعه ذلك، وهذا فرض التزم السيد الخوئي (قدس سره) بان للمالك فيه الاسترداد.
وهذا عين ما ذكره صاحب العروة في الفرع عيناً وحكم (قدس سره) بان له الرجوع على المدفوع اليه وهو المستحق او الحاكم مع بقاء العين، وفي صورة تلف العين ايضاً يمكنه الرجوع اليه اذا كان المدفوع اليه عالماً بالحال، وهو عين ما اختاره السيد الخوئي (قدس سره) في نهاية كلامه في الحاشية بقوله: نعم يتم ما افاده....
وعليه فانه لا وجه لما قرره من الاشكال على صاحب العروة في الحاشية ثم ان بالنسبة الى نقطة البحث في المقام.
فان العمدة فيما قررة صاحب الجواهر والشيخ وغيرهما:
ان المستحق يملك الخمس بمجرد حصول الربح، وما دل على جواز التأخير ارفاق بالنسبة الى المالك، رعاية له لصرفه في المؤونة طول سنته، فلو عجل في الدفع فانما اسقط حقّه في التأخير وتمكنه من اخراج المؤنة طول سنته، ولو بالنسبة الى ما يحتمل تجدده، ومع اسقاط هذا الحق من ناحيته، ودفعه المال الى مالكه – اي الخمس الى من يستحقه – فلا وجه لاسترجاعه بعد ذلك.
وقد مر تاكيد الشيخ (قدس سره) بقوله لا فالملاحظة للمؤونة مأخوذة موضوعاً لوجوب الخمس واقعاً، لا طريقاً كي يلزم انتفاء الخمس على تقدير الخطأ في التخمين.
وعليه، فان ظن المؤنة وتخمينها، ولو حين حصول الربح الاول موضوع لوجوب الخمس فيتنجز في حقه اداؤه، وليس التخمين المذكور طريقاً حتى امكن تصوير كشفه خطا عن عدم وجوبه.
وكانه راجع الى المعنى الاول بان الخمس ملك للمستحق من اول حصوله واجاز الشرع صرف مال الغير في المؤونة ارفاقاً، فاذا لم يصرفه ودفعه لمالكه وقبضه ففي الحقيقة اسقط الموضوع للارفاق المذكور، فلا موجب لرجوعه الى المستحق.
وهذا التعبير موجود في كلام صاحب الجواهر ايضاً على ما عرفت حيث قال «لاحتمال كون المعتبر عند ارادة التعجيل تخمين المؤونة وظنها وان لم يصادف الواقع» وهو صريح في موضوعية تخمين المؤونة وحدسه لوجوب الخمس.
وعمدة الوجه للرجوع حسب ما افتى اليه صاحب العروة (قدس سره). ان للخمس اضافة الى ما يبقى من الربح بعد المؤونة بمقتضى ما ورد من قوله (عليه السلام) «بعد مؤونته ومؤونة عياله»، او «ان امكنهم بعد مؤونتهم».
ومن طرف اخر انه وان كان للخمس اضافة الى الربح بمقتضى ما ورد من تعلق الخمس بالارباح، الا ان هذه الاضافة تقيد بما ورد من قولهم بعد مؤونته....
فتكون النتيجة ان الخمس لا اضافة له بالنسبة الى الارباح الا بعد اخراج مؤنة السنة منها.
وبعبارة اخرى ان اضافة الخمس الى الارباح في طول اضافته الى ما يبقي من المؤنة، فما دام لم يخرج مؤنة سنته لم يتعلق الخمس بالربح.
واما كون اختيار اخراج المؤونة ارفاقاً للمالك، او ان جواز تأخير الدفع ارفاق كذلك كعدم وجوب عزله عند حصوله. فانما هو بيان حكمة الحكم، دون العلة، فبقينا نحن وما دل على تعلق الخمس بما بقي بعد المؤونة.
وحينئذٍ فحيث ان المراد من المؤونة على ما مر هي المؤونة الفعلية. وهي ما صرفه خارجاً في مؤونته، وبما ان الصرف فيها خارجاً يبقى موضوعه الى اخر السنة، فلا محالة ان بتبعه يبقى موضوع تعلق الخمس الى آخر السنة.
وعليه فلو دفع الخمس عاجلاً وصارت مؤونته ازيد من الربح بعد ذلك الى اخر السنة فانما يكشف ذلك عن عدم تحقق الموضوع لتعلق الخمس دقة التعبير عنه بان وجوب الخمس مراعى باخراج مؤونة السنة على ما عرفت في كلام الشيخ وفي بعض كلماتهم انه مشروط باخراج مؤونة السنة.
وعلى هذا فان ما دفعه بعنوان الخمس، وبتخيل انه خمس ليس خمساً واقعاً، لانه لا يتحقق موضوع الخمس في ما ربحه بعد صرفه في المؤونة، ومع انتفاء الموضوع لا وجه لبقاء الحكم.
نعم ثبت ذلك بعد تمام السنة، ولم يكن معلوماً قبلها، ولكن الكشف عن ذلك لا دخل له في تعلق الحكم، لانه يرتبط باحراز ما هو الواقع، فربما احرز عدم موضوعية ما ربحه للخمس في ابتداء السنة، وربما يحرز له في اخر السنة، كما انه ربما يتخيل ابتداء كون الربح متعلقاً للخمس، ثم ينكشف له خلافه، وربما لا يتخيل ذلك، فان الاساس كون موضوع الخمس هو الربح بعد اخراج المؤونة، ولا يتفاوت الحكم بان يكون احراز ذلك حين حصول الربح، او عند تمام السنة بالكشف عما هو الواقع.
وبه يظهر ان ما افاده الشيخ (قدس سره) وغيره بان الظاهر من التزام الاصحاب بالاحتياط في مقام بيان العلة لجواز التأخير، حيث عبروا «بالاحتياط للمكتسب» عدم جواز الرجوع الى المستحق لو انكشف الخلاف، لان الظاهر من الاحتياط ما يقابل الخسارة، والمراد من الخسارة ما يتحقق عند عدم جواز الرجوع. فيكون لازمه ان مالك الربح يحتاط في دفع خمسه بان لا يدفعه، لانه يمكن ان يقع في الخسارة من جهة عدم جواز رجوعه الى المستحق عند دفعه الخمس اليه معجلاً.
وكذا ما احتمله بعد ذلك بان الاحتياط انما هو في مقابل تعسر الاسترداد لا في مقابل الخسارة.
لا وجه له: لان التعبير بالاحتياط انما جاء في كلمات بعض الفقهاء كصاحب الشرايع، وانما ذكر في مقام توجيه جواز التأخير وعدم وجوب العزل، ومثله لا يكون دليلاً حتى يمكن لنا الفتوى بعدم جواز الرجوع بمقتضاه. فان الدليل على جواز التأخير، وكذا عدم وجوب العزل الاجماع المدعى في المقام. ولا يحرز كون وجه التزام المجمعين بهما الاحتياط المذكور.
بل يمكن ادعاء ان الوجه في آرائهم على جواز التأخير وعدم وجوب العزل ما مر من ان مقتضى الادلة هو اضافه الخمس الى الربح لكن بعد اخراج المؤونة لا مطلقاً، فان اضافة الخمس الى الارباح المستفادة من الاخبار انما تقيّد بما ورد من تعلقه بها بعد اخراج المؤونة على ما مر.
وعليه، فان ما افاده صاحب العروة في المقام في غاية المتانة.
[1]. العروة الوثقى (المحشي)، ج4، ص301.