بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه يازده
وحاصل ما افاده الشيخ في مقام الاستدلال:
انه لو التزمنا بان موضوع وجوب الخمس كل فائدة وربح حصلت في السنة على نحو الاستقلال بان يكون كل ربح حاصل من كل معاملة موضوعاً مستقلاً لوجوب الخمس، فلا محالة يتم ما افاده صاحب الجواهر (قدس سره) فانه اذا اتجر بالربح الخمس فلا محالة يتجر بما هو موضوع الخمس، وان اربابه يشاركون فيه مع التاجر، فيلزم توزيع الربح المتجدد بالنسبة بين الشركاء اي التاجر وارباب الخمس. كما انه يمكنه اخراج المؤونة اي مؤونة سنته منه بالنسبة.
ولكن المستفاد من ادلة الخمس وحسب ما حققه قبل ذلك ان الخمس انما يتعلق بالفائدة والغنيمة ـ بالمعنى الاعم ـ ولا تستقر الفائدة الا بعد تمام الحول، والارباح المتعددة التي تحصل لها في كل معاملة انما تحاسب بمجموعها موضوعاً لادلة الخمس، لان تعلق الخمس بها مراعى باخراج مؤونة السنة وبعدم حصول خسران يوجب زوال صدق الفائدة.
فاذا كان موضوع ادلة الخمس الفائدة بهذا المعنى اي الفائدة الخالصة بعد اخراج المؤونة وبعد محاسبة الخسارة فلا محالة تكون الفائدة الموضوعة للخمس مازاد على راس ماله المفروض كونه خمساً قبل ذلك اذا كان موضوعاً بوجوجب الخمس، وكل مازاد عليه هي الفائدة الموضوعة له.
وفي الفائدة بهذا المعنى لا موضوع لاشتراك ارباب الخمس في الربح الحاصل من الاتجار بربح السنة. كما اكد (قدس سره) من ان المراد من اخراج المؤونة في الاخبار اخراج المؤونة الفعلية اي اخراجها وصرفها بالفعل لا تقديرها واخراجها بحسب المحاسبة قبل تمام الحول فلا محالة لايمكن صدق الفائدة وتحقق موضوع ادلة الخمس الا بعد تمام الحول ومضي السنة.
كما انه لافرق في ذلك بين ان يضمن التاجر الخمس بعد ظهور الربح او لا يضمنه او يبني على عدمه. ثم انه اكد ايضاً بان ما سلكه صاحب الجواهر (قدس سره) من شراكة ارباب الخمس في الربح المتجدد انما هو مبني على تعلق الخمس بالعين، واما بناءً على تعلقه بمالية العين دون ذات العين، فيمكن القول بعدم الاشتراك، لان العين التي يتجر بها لايشتركون ارباب الخمس فيها بما زاد عن خمس الربح هذا ما حققه الشيخ (قدس سره) تعريضاً لصاحب الجواهر واستدلالاً لما اختاره من الفتوى. وتبع الشيخ (قدس سره) في هذا الاستدلال السيد الحكيم (قدس سره) في المستمسك.
وكذا السيد الخوئي (قدس سره)
قال السيد الخوئي (قدس سره):
« ولكن الذي ذكره قدس سره- صاحب الجواهر- لا يمكن المساعدة عليه بوجه كما نص عليه شيخنا الأنصاري قدس سره ومن تبعه، لكونه على خلاف السيرة القطعية أولا، فإن عمل المتشرعة قد استقر على ملاحظة مجموع الأرباح آخر السنة بالضرورة .
وعلى خلاف ظواهر النصوص ثانيا
مثل قوله عليه السلام في صحيحة ابن مهزيار: «الخمس بعد مؤونته ومؤنة عائلته»[1]، فإن المؤنة - كما مر - هي نفس ما يصرف خارجا لا مقدارها، فدلت على أن الخمس إنما يجب في الربح بعد استثناء ما صرفه في مؤنة سنته من مجموع الأرباح لا من بعضها ليجب دفع تمام البعض الآخر خمسا باعتبار كونه ربح الربح . وأوضح من ذلك صحيحته الأخرى قال عليه السلام فيها: «ان؟ إذا أمكنهم بعد مؤنتهم»[2]
فإن قوله:
أمكنهم، أي تبقى لهم بعد مؤنتهم فيلاحظ في مقام التخريج الباقي مما صرفه خارجا في مؤنة السنة فيتحد مفادها مع رواية ابن شجاع النيسابوري - وإن ضعف سندها - المصرحة بأن «الخمس مما يفضل من مؤنته»[3]، فالعبرة بفاضل المؤنة أي ما يبقى بعد تمام الأرباح في نهاية السنة.
وبالجملة فلا ينبغي التأمل في أن الأرباح المتتالية خلال السنة تلاحظ بأجمعها عند انتهاء السنة ربحا واحدا ولا وجه لملاحظة كل ربح بانفراده.
نعم يتجه ذلك في الاتجار بالربح غير المخمس بعد انتهاء الحول لاستقرار الخمس حينئذ في العين فتكون كما لو أتجر بالمال المشترك حيث لا مناص من توزيع الربح وقتئذ بنسبة الاشتراك في العين كما هو ظاهر.»[4]
وما افاده (قدس سره) في المقام تام مطابق للنصوص الواردة في المقام، الا انه افاد في ذيل مسالة 56 ما لايساعد على ما اختاره في المقام.
قال صاحب العروة في مسالة 56:
« إذا كان له أنواع من الاكتساب والاستفادة كأن يكون له رأس مال يتجر به، وخان يوجره وأرض يزرعها، وعمل يد مثل الكتابة أو الخياطة أو التجارة أو نحو ذلك يلاحظ في آخر السنة ما استفاده من المجموع من حيث المجموع فيجب عليه خمس ما حصل منها بعد خروج مؤنته.»[5]
فافاد (قدس سره) في ذيله بعد تقرير كلام صاحب العروة في مقام تقرير قول المخالف:
« أو أن كل ربح يلاحظ بحياله وله سنة تخصه، فإن صرف في مؤنة السنة المتعلقة به فلا شئ فيه وإلا وجب خمس الزائد من غير ملاحظة الاتحاد والانضمام كما كان ذلك هو الشأن في الكنوز والمعادن المتعددة على ما تقدم من مراعاة كل منها بحياله وانفراده ؟»[6]
وافاد بان الشهيد الثاني في الروضة والمسالك، وكذا غيره ذهب الى هذا القول وافاد بعد سطور:
« فالأظهر هو القول الأخير الذي اختاره الشهيد الثاني نظرا إلى أن المستفاد من الآية المباركة - بناء على شمول الغنيمة لكل فائدة - وكذا الروايات الدالة على أن الخمس في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير أن الحكم انحلالي، فكل فرد من أفراد الربح والفائدة موضوع مستقل لوجوب التخميس كما كان هو الحال في المعادن والكنوز .»[7]
وافاد ايضاً بعد سطور: « والحاصل أن الضم يحتاج إلى الدليل ولا دليل . فالظاهر أن ما ذكره الشهيد من أن كل ربح موضوع مستقل وله سنة تخصه وتستثنى مؤنة السنة عن كل ربح بالإضافة إلى سنته هو الصحيح. »[8]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] وسائل الشيعة(آل البيت)، ج9، الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس، ص500، الحديث 12582/4.
[2] وسائل الشيعة(آل البيت)، ج9، الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس، ص500، الحديث 12581/3.
[3] وسائل الشيعة(آل البيت)، ج9، الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس، ص500، الحديث 12580/2.
[4]. السيد الخوئي، كتاب الخمس، ص292- 293.
[5]. العروة الوثقى (المحشي)، ج4، ص282. .
[6]. السيد الخوئي، كتاب الخمس، ص239. .
[7]. نقلا من كتاب الخمس(لسيد الخوئي)، ص241.
[8]. نقلا من كتاب الخمس(لسيد الخوئي)، ص242.