بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هشت
ثم انه افاد صاحب العروة (قدس سره):
بان الرابح اذا اتجر بالخمس قبل اخراجه والمفروض كون الاتجار بعد استقرار الخمس بمضي الحول، لكانت المعاملة فضولية تحتاج صحتها الى اذن الحاكم ولاية او نيابة عن ارباب الخمس.
اما قبل استقرار الخمس، فلا اشكال في جواز الاتجار، وصحته من دون توقف على الاستيذان من الحاكم، وسياتي ذكره في كلام السيد الماتن.
واما بعد استقراره فان الاتجار بالخمس تصرف فيه، لانه اذا اتجر بما يربحه بعد استقرار الخمس فيه، ومعناه انه اتجر بالعين التي كانت مشتركة بينه، وبين ارباب الخمس فاتجاره، وتصرفه لا يكون نافذاً وصحيحاً الا في المقدار الذي كان مالكاً له، واما بالنسبة الى الحصة المملوكة لغيره، وهو مقدار الخمس، فلا محالة تكون كل معاملة فيها فضوليّة ولا تقبل الصحة الا مع لحوق اذن الشريك.
فحينئذٍ فاذا امضى الحاكم الشرعي هذه المعاملة، فلا محالة يرجع الى الثمن واذا امتنع عن امضائه يلزم رجوعه بالعين بمقدار الخمس، ولو فرض عدم كون العين موجودة بحالها وقابلة للرجوع، يلزم رجوع الحاكم الى قيمته ، وفي هذا المقام يتخيّر في اخذ القيمة بين الرجوع على المالك او على الطرف المقابل الذي اخذها في المعاملة واتلفها حسب الفرض.
هذا ما سلكه صاحب العروة (قدس سره) في المقام وتبعه السيد الخوئي (قدس سره).
ويمكن ان يلاحظه فيه:
بان ما سلكه في هذا التقريب انما يتم بناءً على عدم جواز التصرف في عين الخمس وان ضمنه في ذمته.
وان قلنا انه يجوز التصرف في العين بالاتجار وغيره، وجعله في الذمة فانه لا مانع من انتقال العين الى الغير، وانه ليس لارباب الخمس شركة مع المالك في العين الخمسيّة فلا تتوقف صحة الانتقال على لحوق الاذن من الحاكم الشرعي ولا تكون المعاملة فضوليّة.
وانما يقوى ذلك بتعلق الخمس بمالية العين دون نفسها وان الثابت لارباب الخمس حق متعلق بمالية العين، فان عليه كانت العين مملوكة للبايع بتمامها ويكون الوجه في الاتجار بها الصحة.
ومنه يظهر انه لا وجه لرجوع الحاكم الى المشتري، لان العين التي انتقلت اليه مملوكة له ولا ملكية ولا حق لارباب الخمس في ذات العين المذكورة.
نعم، لو وقع الامتناع من المالك في دفع الخمس الذي ضمنه في ذمته كان للحاكم الرجوع الى المالك واخذ القيمة لانه يتولى حق ارباب الخمس المتعلق بمالية العين بالمقدار المعادل.
قال السيد الحكيم (قدس سره):
ان ما افاده صاحب العروة (قدس سره): انه لو امضى الحكام الشرعي المعاملة والاتجار اخذ العوض ففيه:
«يتم هذا بناء على ان المستحقق نفس العين، واما لو كان حقاً في العين فالامضاء لا يوجب ملك العوض، ولا ثبوت حق فيه الا بمصالحة خاصته، لان العين ملك للمالك فعوضهما له.» [1].
ومراده (قدس سره)، ان مع تصوير كون الخمس حقاً في العين، فان العين مملوكة للبايع و يتبعه ملكية العوض، فلا وجه لاخذ العوض من ناحية الحاكم.
نعم، الحاكم علي ما مر متولي لحق ارباب الخمس المتعلق بالعين وبمقتضي هذا التولي يرجع الي المالك وياخذ القيمة، ولو اراد اخذ الحق المذكور من العوض يلزمه المصالحة مع المالك بابراء ذمته من الحق المذكور بدفع خمس الثمن او العوض.
وما افاده (قدس سره) يستلزم صحة ضمان المالك في ذمته وان الحق يتعلق بالمالية التي تكون حاملها الذمة بعد التضمين.
قال صاحب العروة (قدس سره):
هذا إذا كانت المعاملة بعين الربح. و أما إذا كانت في الذمة و دفعها عوضا فهي صحيحة و لكن لم تبرأ ذمته بمقدار الخمس و يرجع الحاكم به إن كانت العين موجودة و بقيمته إن كانت تالفة مخيرا حينئذ بين الرجوع على المالك أو الآخذ أيضا.[2]
وظاهر العبارة انه لو اشتری شيئاً بكلي في ذمته بان جعل عوضه على عهدته وفي مقام تفريغ الذمة دفع العين المتعلقة للخمس لكانت المعاملة صحيحة، لانها لا تقع على العين المتعلقة للخمس، بل دفعت بين العين المشتراة والكلي الموجود في ذمته، وكان دفع العين المتعلق للخمس من باب كونه مصدقاً للعنوان الكلي المذكور.
فافاد (قدس سره) انه وان كانت المعاملة صحيحة في نفسها الا ان الذمة المشغولة بالعوض على نحو الكلي لا تبرء بمقدار الخمس، وكانه دفع اربعة اخماس العوض دون تمامها.
وحينئذٍ فان كانت العين موجودة كان للحاكم استرجاعه، وان كانت تالفة ليضمنه كل ممن انتقل عنه، ومن انتقل اليه اي كل من البائع، والمشتري كما هو الشان في تعاقب الايادي وللحاكم مراجعة كل منها على نحو التخيير، فاذا ارجع الي الثاني اي البايع رجع هو الى الاول اي المشتري الذي دفع العين غير المملوكة لها بتمامها بعنوان الثمن والعوض.
والعمدة في هذه الصورة تصوير صحة المعاملة، من جهة ان العين المتعلقة للخمس قبل ادائها ليست عوضاً للعين المشتراة بل العوض هو الكلي في ذمته، ودفع العين انما وقع في مقام الوفاء بالعوض الكلي الموجود في ذمته.
وهذا التصوير تام بناء على تعلق الخمس بذات العين، وان ارباب الخمس شراكة مع المالك في ملكية العين.
الا ان ما يلزم الدقة فيه هو ان صحة المعاملة بناء على هذا المبنى في هذه الصورة تتوقف على عدم كونه قاصداً حين المعاملة لدفع العين المذكورة بعنوان العوض، والا لكانت المعاملة وقعت على الكلي المنطبق بحسب القصد، ويشكل الفرق بينه وبين الواقعة على شخص العين، بل يمكن القول بان العرف يعدون هذه المعاملة من مصاديق التجارة بمال الغير.
هذا واما بناء على كون الخمس حقاً متعلقاً بمالية العين، فقد مر انه جاز التصرف في العين، ولو بالاتجار بعد استقرار الخمس، وجعلها عوضاً او معوضاً فضلاً عن كون المعاملة واقعة في الذمة حسب الفرض بلا فرق بين ان يكون الدافع قاصداً لابراء ذمته بالعين المتعلقة للخمس او لم يكن قاصداً، ولكنه اتفق ذلك بعد تحقق المعاملة في الذمة .
قال صاحب العروة مسألة (76):
يجوز له أن يتصرف في بعض الربح ما دام مقدار الخمس منه باق في يده مع قصده إخراجه من البقية إذ شركة أرباب الخمس مع المالك إنما هي على وجه الكلي في المعين. كما أن الأمر في الزكاة أيضا كذلك و قد مر في بابها.[3]
وحاصل ما افاده الالتزام بصحة التصرف في العين المتعلقة للخمس مقيدة ببقاء مقدار الخمس في يده وقصده لاخراجه من الباقي.
وما افاده تام حسب ما اختاره من المبنى من تعلق الخمس بالعين على نحو الكلي في المعين.
واما القائل بالاشاعة والشركة الحقيقية لا يمكنه الالتزام بما سلكه في المقام لانه يرى عدم جواز التصرف فيها مطلقاً لشركة ارباب الخمس في كل جز من العين وقد مر تفصيلاً عدم تمامية المبنيين، وكان اختيارنا كون الخمس حقاً متعلقاً بمالية العين تبعاً لما افاده المحقق النائيني (قدس سره) في حاشيته.
ومقتضى هذا المبنى على ما عرفت جواز التصرف في العين مع ضمانه في ذمته بخصوصيتها.
وقد كان اختيارنا في الزكاة ذلك ايضاً بلا فرق بين البابين من هذه الجهة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] مستمسك العروة والوثقى، ج9، ص557.
[2] العروة الوثقى (المحشي)، ج4، ص298.
[3] العروة الوثقى (المحشي)، ج4، ص298.