بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه شش
ثم انه بناء على تمامية القول بجواز التصرف مع الضمان وصحة التضمين حسب ما مر تقريره بمقتضى النصوص والسيرة وغيرهما فان القدر الثابت بها جواز التصرف في العين الخمسية بعد الحول مشروطاً بضمانه في الذمة، وهذا انما يتم اذا كانت الذمة قابلة لتحمل مالية العين، والمراد منه تمكنه من اداء الخمس فيما بعد التصرف على نحو لايكون تضيياً لحق ارباب الخمس عرفاً كما هو المتعارف في جميع المبادلات والمعاوضات، وان لايكون الشخص ممتنعا من الاداء ضرورة ان مع الامتناع لا تصوير للتضمين الا صوريا فيلزم ان يكون عازماً وقاصداً للاداء.
ولو فرض عزمه على الاداء وعدم تمكنه من ذلك بحيث يتوقف دفعه على زمان غير متعارف في مثله لزمه الاستيذان من ارباب الخمس او من قام مقامهم للتاخر والامهال للاداء.
والعين الخمسي التي وقعت المعاوضة والمبادلة عليها لامانع من التصرف فيها لمن اشتراها في فرض جعل الخمس في الذمة وتضمينه من ناحية البايع.
ولعل شرط الاستيذان من الحاكم في بعض الكلمات في المقام انما كان لاجل عدم استلزام التاخير في الدفع، تضيع حقوق ارباب الخمس .
وكذا ما اكّد عليه بعض منهم بضميمة قيد «اذا لم يتمكن من ايصاله الى اهله فعلاً»
اوكان عازماً على الاداء عند التمكن وامثاله انما هو بيان لما هو المتعارف من التضمين في مثله وتعارفه في مبادلات الناس.
قال صاحب العروة (قدس سره):
و لو أتلفه بعد استقراره ضمنه و لو اتجر به قبل إخراج الخمس كانت المعاملة فضولية بالنسبة إلى مقدار الخمس فإن أمضاه الحاكم الشرعي أخذ العوض.
و إلا رجع بالعين بمقدار الخمس إن كانت موجودة و بقيمته إن كانت تالفة و يتخير في أخذ القيمة بين الرجوع على المالك أو على الطرف المقابل الذي أخذها و أتلفها[1]
اذا اتلف الخمس فانه مع تحقق موضوع الاتلاف لاشبهة في ضمانه بالنسبة اليه بلا فرق بين القول بكونه ملكاً لارباب الخمس او حقاً لهم لانه مال الغير ومن اتلف مال الغير فهو له ضامن.
نعم لايشمل الحكم صورة التلف اذا لم يكن عن افراط او تفريط كما هو الشان في الامانة.
وافاد السيد الخوئي (قدس سره):
مراده قدس سره من الإتلاف مطلق الصرف و لو في المؤنة لا خصوص الإتلاف إسرافا كيف و الضمان متحقق حينئذ حتى قبل الاستقرار أي في أثناء السنة لما عرفت من ان الخمس متعلق من الأول. غايته بشرط عدم الصرف في المؤنة، فلو أتلفه سرفا و في غير المؤنة ضمن من غير فرق بين أثناء الحول و ما بعده. فمراده من الصرف أعم، و لذا عبر بالاستقرار فلو أتلف يضمن لأنه أتلف ما ليس له كما هو ظاهر.[2]
ويمكن ان يقال:
ان الضمان بمقتضى قاعدة الاتلاف انما يترتب بعد استقرار الخمس، وهو يكون بعد مضي الحول واما قبل مضي الحول فبما ان الخمس انما يتعلق بالارباح حين حصولها الا ان وجوب الدفع مراعى بعدم صرفها في المؤونة فما في يد الربح لم يستقر فيها الخمس حتى كان اتلافه اتلافاً لمال الغير ليورث الضمان.
نعم حيث ان الربح صار متعلقاً للخمس وان لم يستقر فيه وجوبه فانه يلزمه حفظ الموضوع للخمس من غير جهة المؤنة، فلو تعلل في ذلك او افرط في مؤونته فانما يضمنه من هذه الجهة وفي هذا الحد لان الرعاية انما وردت في خصوص المؤونة التي تليق بشانه.
[1] . العروة الوثقي (المحشي)، ج4، ص296.
[2] . السيد الخوئي، كتاب الخمس، ص284.