بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه صد و شانزده
هذا تمام الكلام في الخمس.
وقد ظهر ان المستفاد من الوجوه والادلة كون تعلقه بالاعيان على وجه ان للشارع نصيب في مالية الاعيان المتعلقة للخمس اما على نحو الملكية او الحقيقة.
ثم انه يمكن الاستناد لاثبات المدعى بما ورد في ابواب الزكاة، وادعاء اشتراكهما مع الخمس في كيفية التعلق.
قال السيد الحكيم (قدس سره) في المستمسك بعد ذكر بعض نصوص الباب نظير قوله (عليه السلام): «ان فيما سقت السماء العشر»، وامثاله مما ان اطلاق الشركة فيه يقتضي الاشاعة وامثاله.
هذا و يمكن الإشكال في جميع ما ذكر. أما في الأول فلأن التعبير بالعشر و نصفه لم يرد مثله في زكاة الانعام، و لا في زكاة النقدين، و إنما ورد فيهما شاة، و بنت لبون، و بنت مخاض، و حقة، و تبيع، و مسنة، و خمسة دراهم، و نصف مثقال، و نحو ذلك. و الجميع ظاهر في غير الجزء المشاع.[1]
وافاد (قدس سره) بالنسبة الى النصوص الدالة على الزكاة المشتملة على حرف (في) مثل قوله (عليه السلام)« في كل اربعين شاة شاة»:
أن الظاهر من ملاحظة النصوص كون الظرف لغواً، و كون كلمة «في» متعلقة بفعل مقدر مثل: يجب، أو فرض، أو نحو ذلك، فيكون مدخولها ظرفاً لذلك الفعل، لا مستقراً متعلقاً بكائن... فهذه النصوص تشهد بأن المراد من قولهم (ع): «في الأربعين شاة شاة» هو المراد من قولهم (ع): في القتل خطأ الدية» ف «في» فی مثل هذه الموارد للظرفية، لكن ليس المظروف هو الزكاة بل فرضها وجعلها...[2]
وافاد (قدس سره)
إن كثيراً من النصوص قد تضمن أن الزكاة على المالك، و مقتضى قياسه بالاستعمالات العرفية أن تكون الزكاة في ذمة المالك و إن كان لها تعلق بالعين، فيكون تعلقها بالعين نظير حق الرهانة. اللهم إلا أن يكون المراد من الزكاة فيه المعنى المصدري- أعني: تزكية المال- لا نفس المقدار المفروض على النصاب، فيكون مفاد النصوص حينئذ التكليف بالأداء لا غير كما هو الظاهر مما قرن فيه الزكاة بالصلاة، فيكون تعلقها بالعين نظير تعلق حق الجناية ليس له تعلق بذمة المالك.[3]
ورجح الثاني وقرره الاقرب الى الذهن.
وقد مر من الشيخ محمد رضا آل ياسين في حاشيته على متن المصنف في كتاب الزكاة ما يقرب ذلك:
« لا يخلو عن بعد كالإشاعة لا سيّما فيما كانت زكاته من غير جنسه و لا يبعد أن تكون حقّا متعلّقاً بالعين يشبه حقّ الجناية في بعض آثاره. [4]
وحق الجناية الذي تكرر في الكلمات ذكره في المقام، هو الحق المتعلق بالعبد الجاني خطأً حيث انه لا يشتغل ذمة المولى فيه بشيء، ولا يخرج العبد ايضاً عن ملك مولاه بالجناية.
نعم يتخير المولى بين دفع نفس العبد وبين دفع القيمة. فيكون حق ولي المقتول الجامع بين نفس العبد وقيمته. وبعبارة اخرى ان الحق ليس قائماً بشخص العين بل بماليتها الجامعة بين العين والقيمة، وان ولي المقتول او اولياءه لا يملكون بالجناية شيئاً بالفعل وانما يملكون ما يملكه مولى العبد من العين او القيمة فان لهم اخذ العبد واسترقاقه، ولكن لو دفع المولى القيمة فلا يمكنهم اخذ العبد.
ونظر السيد الحكيم في المقام ان تعلق الزكاة بالعين من قبيل حق الجناية الذي لا تعلق له بشخص العين، بل بماليته.
[1] مستمسك العروة الوثقى، ج9، ص177.
[2] مستمسك العروة الوثقى،ج9، ص179.
[3] مستمسك العروة الوثقى،ج9، ص184.
[4] العروة الوثقى (المحشى)، ج4، ص 85.