بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه نود و چهار
دون ثبوته التعليقي الثابت عند حصول الربح.
وعليه فيمكن ان يقال أن بمجرد حصول الربح يتعلق به الحكم بوجوب الخمس، وهذا الحكم مطلق منجز من جميع الجهات الا جهة اخراج المؤونة، فإن بالنسبة اليه مشروط معلق مراعىً حتى انتهاء السنة، توضيح ذلك:
ان الاطلاق في الحكم امر نسبي يلاحظ بالنسبة الى كل قيد يتصور دخله في الحكم، فربما يكون الحكم مطلقاً بالنسبة الى قيد وحيثية، في حال كونه مقيداً بالنسبة الى قيد وحيثية اخرى، وكذلك الكلام في التنجيز والتعليق، وكونه مراعى وغير مراعى، فإن جميع هذه العناوين تعبيرات مختلفة عن الاطلاق والتقييد لباً وحقيقةً.
وفي المقام ان الحكم بوجوب الخمس في الارباح والمنافع موضوعة حصول الربح وهو مطلق من جميع الجهات، الا ان ما ورد بلسان ان الخمس بعد المؤونة يوجب تقييد هذا الاطلاق بالنسبة الى اخراج المؤونة، وهذا اللسان لسان الرخصة دون الالزام، بمعنى ان له اخراج مؤونة سنته منها وجاز له ذلك، وحيث ان الصرف في المؤونة امر تدريجي غير قابل للمحاسبة دقيقاً في متعارف الناس، فإن هذه الرخصة باقية الى نهاية السنة، فوجوب الخمس ذا اطلاق بالنسبة الى جميع الجهات الا هذه الحيثية الخاصة المستفادة من ادلة كون الخمس بعد المؤونة، وهذه الحيثية توجب تقييد الاطلاق بها.
وقد احترز صاحب العروه (قدس سره) عن التعبير بالاشتراط اي اشتراط وجوب الخمس بتمام الحول او اخراج مؤونة السنة، حيث صرح في كلامه (قدس سره): (( «وليس تمام الحول شرطاً في وجوبه، وإنما هو ارفاق بالمالك لاحتمال تجدد مؤونة اخرى زائدا على ما ظنه»)).
ونظره (قدس سره) الى ان معنى الاشتراط عدم تحقق المشروط الا مع حصول الشرط ولازمه عدم تعلق الوجوب ـ اي وجوب الخمس ـ بالارباح قبل تمام السنة او قبل اخراج مؤونة السنة، وهذا مما لا يمكن الالتزام به، لأن ظاهر ادلة وجوب الخمس في الارباح تعلق الحكم بها بمجرد حصولها، وهو ينافي عدم تعلقه الا بعد حصول الشرط اي مضي السنة.
وعلله (قدس سره) في كلامه بأن جواز اخراج المؤونة في السنة ارفاق بالمالك.
وتوضيحه: انه وإن ورد ان الخمس بعد المؤونة الا انه ليس معناه عدم وجوب الخمس اي عدم تشريع الحكم الا بعد المؤونة، فإن من لا يُخرج مؤونته من الارباح، بأن لا يريد اخراجه منها، او تبرع متبرع بمؤنة سنته، لا يكون معناه عدم وجوب الخمس في ارباحه، بل يجب عليه الخمس كما في غيره، فإن الحكم بأن الخمس بعد المؤونة بيان رخصة وارفاق للمكلف، بأنه مع كونه ما حصل له من الربح متعلقاً للخمس الا انه يجوز مع ذلك اخراج مؤونة سنته، وهذا المعنى ينافي الاشتراط بمعنى عدم تعلق الحكم الا بعد اخراجها، او عدم تشريعه.
هذا، ولكنه يمكن ان يقال: انه كما مر ان القول بكون الخمس بعد المؤونة تخصيص المؤونة بخصته خاصة، فلا محالة يقيد اطلاق الحكم في الارباح والمنافع بها، وأن الحكم متحيث به بحيثية خاصة، فلا مناص عن التقييد، والالتزام بالتقييد يلازم الاشتراط، فلا محيص عن الاشتراط في المقام.
الا ان يقال:
ان الاشتراط والتقييد ليس معناه الا عدم تشريع الحكم الا بعد حصول القيد، او عدم تعلقه الا بعد تحققه، وهذا مما لا يمكن الالتزام به في المقام، وذلك:
لأن ما ورد في ان الخمس بعد المؤونة رخصة في دفع الخمس الى نهاية السنة، ومعنى الرخصة والارفاق غمض العين عما يستحقه الشرع، فلا يتحقق الارفاق والرخصة الا بعد تعلق الخمس، وأما مع عدم تعلقه فلا ارفاق ولا رخصة، فالوجه في المقام ان الحكم بوجوب الخمس ثابت ومحقق بمجرد حصول الربح من دون اي اشتراط، وإنما هو مرخص في دفعه الى نهاية السنة.
والحق ان يقال:
ان الرخصة والارفاق كما يمكن تصويره في عدم دفع الخمس بعد ثبوته كذلك يمكن في اصل تشريع الحكم، بمعنى كون تشريعه على اساس الارفاق والرخصة، فالاشتراط في المقام قابل للتصوير، الا ان مقتضى التحقيق ان في المقام لنا دليلان:
احدهما يقتضي ثبوت الخمس عند حصول الربح مطلقاً.
وثانيهما يقتضي جواز اخراج مؤونة السنة.
وهو ظاهر في رخصة المكلف في ذلك، كما ان انفصال الدليل المذكور عما دل على وجوب الخمس في الارباح مطلقاً يقوى ظهوره في كون الرخصة والارفاق في الدفع لا في اصل التشريع، وعليه فإن تعلق الخمس بالارباح بعد حصولها ثابت لا نقاش فيه، وإن ما ورد في جواز اخراج مؤونة السنة رخصة وارفاق بالنسبة الى المكلف.
ولكن ما تلزم الدقة فيه هو ان اعتبار الشارع الرخصة في دفع الخمس بعد اعتباره تعلق الخمس فيه حيثية خاصة ملحوظة في الحكم، ولحاظ هذه الحيثية نحو من التقييد، فإنه ربما تصل رعاية هذه الحيثية الى حد لا يبقى موضوع للخمس فيما اذا صرف كل ما ربحه في مؤونة سنته.
وعليه فلا شبهة في وقوع هذا التقييد ولحاظ هذه الحيثية، الا ان المهم تحقيق حد هذه الحيثية وشأنها، وهذا الشأن وإن لا يصح التعبير عنه بالشرط بقول مطلق كما نفاه صاحب العروة لعدم تمامية الالتزام فيه بما يلتزم في شروط التكليف، الا انه لا يتم الالتزام بنفيه مطلقا، لأنها حيثية ملحوظة في التشريع.
وما يتم الالتزام به في معرفة هذا الحد، ظهوره في ترخيص المكلف في ذلك لا دخله في ثبوت الوجوب وتعلقه، فوجوب الخمس بل وجوب دفعه لوحظ فيه ترخيص المكلف في اخراج مؤونة السنة، فوجوب الخمس مطلق منجز بالنسبة الى جميع الجهات الا جهة اخراج مؤونة السنة، فإنه بالنسبة الى هذه الحيثية ذا تقييد، او ذا لحاظ خاص، فإذا لم يتم الالتزام بتعبير الاشتراط لزم التعبير عنه ببيان اخر، وقد مر في كلام الشيخ ان الحكم مراعى بالنسبة الى هذه الحيثية، وفي كلمات بعضهم التعبير عنه بالتعليق، وإن مر انه عبارة اخرى عن الاشتراط.
والسيد الخوئي (قدس سره) التزم فيما مر من كلامه بالاشتراط، الا انه قرر الشرط عدم الصرف في المؤونة دفعاً للاشكالات الواردة على الاشتراط في المقام.
وعليه فإما نلتزم بأن وجوب الخمس في المقام له نحو تقييد وتعلق بالنسبة الى خصوص اخراج المؤونة، بمعنى ان الوجوب انما يتعلق بالارباح اذا لم يصرف في المؤونة، فما صرف منها فيها فلا يتعلق به وجوب الخمس، فيكون متعلق الوجوب في الواقع والحقيقة فاضل المؤونة كما هو المصطلح في عبارتهم، وصرفها في المؤنة الى نهاية السنة يكشف عن عدم تعلق الحكم به واقعاً وفي الحقيقة، وهذا المعنى يرجع الى الاشتراط في الوجوب من غير ان يستلزم المحاذير المذكورة في الكلمات، مثل رخصة في صرف الارباح في غير المؤونة او فيها مع الصرف، او المصارف السفهية لما مر من ان الحكم بوجوب الخمس مطلق بالنسبة الى جميع الجهات غير حيثية الصرف في المؤونة، والصرف فيها محصور بما يتعارف بين الناس من المؤونة وهو لا يشمل ما تبلغ حد الصرف او السفه.
وأما ان نلتزم بأن في المقام وجوب متعلق بالخمس في الارباح، وهذا الوجوب مطلق بالنسبة الى جميع الجهات والموارد في مقام التعلق، وليس فيها اشتراط ولا تعليق ولا رعاية ولا غير ذلك.
وتكليف متعلق بالمكلف هو وجوب اداءه الخمس فيها يحصل له من الارباح، وما ورد بلسان ان الخمس بعد المؤونة ناظر الى ما هو الواجب بالنسبة الى المكلف دون اصل الوجوب المتعلق بخمس الارباح، فالوجوب مطلق والواجب مشروط كالحج، حيث ان مع حصول الاستطاعة يجب الحج من غير تقييد ولا تعليق، وأما الواجب وهو الحج فإنما يقيد حصوله وتحققه مع الوصول الى اشهر الحج، ففيه يتعلق بالنسبة الى زمان الحج من غير ان يرجع التعليق المذكور الى الوجوب، فالوجوب تام بمجرد حصول الربح، ويترتب على ثبوته آثار كعدم جواز صرف جميع الأرباح فيما يشاء، ولكن الواجب وهو وجوب الاداء ولزوم دفع الخمس مما ينتفع مقيد ومشروط بعدم صرفه في مؤونته، فما لم يصرفه في المؤونة يلزمه اداء خمسه.
وهذا التصوير يساعد ما ورد في الكلمات من ان الواجب على المكلف اداء الخمس من فاضل المؤونة او ان الارباح متعلق بها الخمس بمجرد حصولها، وأما وجوب دفعه وادائه يكون مراعى الى انتهاء السنة ترخيص المكلف دفع مؤونته منه الى نهاية سنته.
وكلا التصويرين قابل للالتزام في المقام، ومعه يدفع الاشكالات الواردة في الكلمات والمحاذير الجارية، لأن المقيد والمعلق سواء كان الوجوب بالنسبة الى خصوص حيثية اخراج المؤونة. او كان الوجوب مطلقا، وكان المقيد والمعلق خصوص الواجب، فإنه ليس لما حصل له الارباح صرفها فيما يشاء – غير المؤونة، ويدخل فيه ما افاده صاحب العروة بعنوان التمثيل مثل ما لو وهبه اضافة على شأنه، او لمحض الحيلة، او اشترى بعين حيلة في اثناء الحول فراراً من الخمس، هذا وربما قرر التصوير الاخير:
بأن الثابت اولاً حين ظهور الربح الحق والحكم الوضعي، وأما الحكم التكليفي اعني وجوب الاخراج لم يكن الا في آخر السنة، و عند حلول الحول، وإن جاز له الاخراج في الاثناء ايضاً، وأنه لو فعل ذلك لكشف عن تعلق الوجوب به من الاول لتحقق الشرط المتأخر حسبما عرفت. هذا ما افاده السيد الخوئي (قدس سره).
وفيه:
انه مضافاً الى ما مر فيه بالنسبة الى الشرط المتأخر.
ان الثابت اولاً حين ظهور الربح ليس بيان ان ما حصله من الربح فيه حق لارباب الخمس فقط من دون تكليفه بادائه، فإنه لا يساعده ظهور ما دل على وجوب الخمس في الارباح كما قرره (قدس سره) في محله. وليس هنا وضع مستقل في قبال التكليف، بل الحكم الوضعي لو كان لكان منتزعاً عن التكليف بالاداء. وجواز اخراجه في الاثناء انما يكشف عن ثبوت التكاليف له، وإنما الكلام انما يكون في رخصته الى نهاية السنة دون ثبوت التكليف والوجوب.
وبالجملة انه يمكن حل المشكلة في المقام بارجاع الاشتراط الى الواجب دون الوجوب.