بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هفتاد و سه
قال صاحب العروة (قدس سره):
( مسألة 65 ): المناط في المؤنة ما يصرف فعلا لا مقدارها، فلو قتر على نفسه لم يحسب له، كما أنه لو تبرع بها متبرع لا يستثنى له مقدارها على الأحوط، بل لا يخلو عن قوة. [1]
وظاهر ما افاده ـ من عدم احتساب ما لو صرفه في المؤونة يحسب له ـ موافق لما قواه في الجواهر تبعاً لكاشف الغطاء بقوله: «لا اعرف فيه خلافاً»
وفي القبال القول باحتساب ما قتر على نفسه صرح به العلامة والشهيدان والمحقق الثاني وعن السيد المجاهد في المناهل عدم الخلاف فيه.
قال في المناهل:
«الظاهر عدم الخلاف فيه من انه اذا قتر حسب له»
قال الشيخ في الرسالة:
«ثم إنك قد عرفت أنه لو أسرف في المؤونة احتسب عليه، لأن المستثنى هي المؤونة المتعارفة، فما أتلفه أو أضاعه، فعليه ما فيه من حق السادة. وقد صرح العلامة والشهيدان والمحقق الثاني بأنه لو قتر حسب له، بل استظهر في المناهل عدم الخلاف فيه، ولعله لما مر في الاسراف من أن المستثنى هي المؤونة المتعارفة، فالخمس إنما يتعلق بما عداها، فمن كانت مؤونته المتعارفة مائة فالمستثنى من الربح هي المائة، سواء أنفقها أم زاد عليها، أم نقص منها. العبرة بما يصرف فعلا وفيه إشكال، لأن الظاهر من المؤونة في الأخبار ما أنفق بالفعل على غير وجه الاسراف، وليس المراد منه مقدار المؤونة المتعارفة حتى لا يتعلق بها الخمس، سواء صرفت أم لم تصرف، فقولهم في فتاويهم ومعاقد إجماعهم: « ما يفضل عن مؤونة السنة» ما يبقى بعد صرف ما صرف في المؤونة المتعارفة، لا ما عدا مقدار المؤونة المتعارفة، لأن المؤونة المتعارفة تختلف باختلاف الانفاقات، وليس أمرا منضبطا حتى يلاحظ استثناؤه، فكل ما وقع منها في الخارج فهو منها.
نعم، لو أراد وضع المؤونة قبل صرفها، فله وضع ما يعلم أو يظن أنه سينفق بالمتعارف هذا المقدار، فإن اتفق أنه لم ينفق الجميع - ولو تبرع متبرع كما سبق - فنقول بوجوب الخمس في الباقي، فالمؤونة هنا نظير مؤونة التحصيل في الأرباح وغيرها، فكما أن العبرة بما يصرفه فعلا ولو على وجه الدقة والمضايقة، ولا يحسب له التفاوت الحاصل بينه وبين المتعارف الوسط، ولا يوضع له ما يقابل تبرع المتبرع، فكذا هنا.
ولذا تأمل في ذلك المقدس الأردبيلي ، وبعده جمال الدين الخوانساري، بل صرح في كشف الغطاء باختيار العدم، وهو الأقوى.
مضافا إلى عموم أدلة الخمس فيما يستفاد، والمتيقن خروج ما بذل فعلا، وحينئذ فالتقييد بالاقتصاد للاحتراز عن الاسراف في الانفاق.» [2]
والمستفاد منه: ان المراد من المؤونة بحسب المفهوم ما أنفقه بالفعل، و حدُّهُ ان لايبلغ حد الاسراف، وحدّ ما استثني منها من ادلة وجوب الخمس هذا المعنى.
فاذا لم ينفق من الربح ما يتعارف منه صرفه بحسب شانه في ذلك باي جهة وسبب كما اذا اقتر في صرف المؤونة على نفسه او عياله او تبرع متبرع ببعض مؤونتهم وقَبِلَهُ وليس له اي محذور في قبوله، فلا محالة لايستثنى من عمومات وجوب الخمس الا ما صرفه بالفعل في اعاشته، وفي الحقيقة ان المستثنى جواز اخذ المؤنة من ارباح سنته، وليس المراد منها الا المؤنة الفعلية اي ما صرفها بالفعل. دون المقدار الذي ينبغي لمثله صرفه فيها، وعليه فلا وجه لاحتساب ما زاد عما صرفه بالفعل في المستثنى.
وبعبارة اخرى: ان مفهوم المؤونة الموضوع في الاخبار الواردة في المقام ما انفقه في معاشه على غير وجه الاسراف لامقدار ما ينبغي منه صرفه بحسب المتعارف له.
هذا هو عمدة الدليل للماتن ومن وافقه من الاعلام في المقام.
ومع فرض الشك فيه بانه اذا لم يعلم ان المؤونة هي المؤونة الفعلية او هي اعم من الفعلية والتقديرية فان المرجع فيه اطلاقات الخمس، لان مادل على تخصيصها من قوله (عليه السلام): «الخمس بعد المؤونة» مخصص منفصل فاذا كان محتملاً ودار امره بين الاقل والاكثر فانما يوخذ فيه بالاقل، واما ما زاد عن الاقل وهي المؤونة التقديرية فيرجع فيه الى عمومات الخمس.
[1] العروة الوثقى، ج4، ص288
.[2] الشيخ الانصاري، كتاب الخمس، ص207ـ 208.