درس خارج اصول مبحث الحجيت خبر الواحد جلسه هفتاد
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هفتاد
الوجه الثاني من الوجوه التي استدل بها لعدم وجوب الاحتياط: لزوم العسر والحرج،
قد مر من صاحب الكفاية (قدس سره):
«وأما المقدمة الرابعة: فهي بالنسبة إلى عدم وجوب الاحتياط التام بلا كلام، فيما يوجب عسره اختلال النظام، وأما فيما لا يوجب، فمحل نظر بل منع، لعدم حكومة قاعدة نفي العسر والحرج على قاعدة الاحتياط...[1]»
وأفاد في وجه ذلك، ان مفاد دليل لا ضرر وكذا لا حرج نفي الحكم، ولكن بلسان نفي الموضوع، وكان في مقام بيان ان متعلق الحكم اذا استلزم الاتيان به في مقام الامتثال ضرراً او حرجاً على المكلف يرفع الحكم عنه. وأفاد بأن على ذلك لا حكومة لدليلهما على ادلة التكليف في المقام، لأنه لا يلزم العسر من الاتيان بتعليق الحكم، بل اللازم العسر في الجمع بين محتملاته. والحاكم بالجمع العقل مقدمة علمية للتحفظ في الواقع المعلوم في البين.
وحاصل ما افاده: اختصاص دليل العسر في المقام، بما يستلزم اختلال النظام، فلا يتكفل للمنع عن وجوب الاحتياط فيما لا يستلزم الاختلال.
وقال الشيخ (قدس سره) في تقريب هذا الوجه:
« الثاني: لزوم العسر الشديد والحرج الأكيد في التزامه، لكثرة ما يحتمل موهوما وجوبه خصوصا في أبواب الطهارة والصلاة، فمراعاته مما يوجب الحرج، والمثال لا يحتاج إليه، فلو بنى العالم الخبير بموارد الاحتياط فيما لم ينعقد عليه إجماع قطعي أو خبر متواتر على الالتزام بالاحتياط في جميع أموره يوما وليلة، لوجد صدق ما ادعيناه. هذا كله بالنسبة إلى نفس العمل بالاحتياط. وأما تعليم المجتهد موارد الاحتياط لمقلده، وتعلم المقلد موارد الاحتياط الشخصية، وعلاج تعارض الاحتياطات، وترجيح الاحتياط الناشئ عن الاحتمال القوي على الاحتياط الناشئ عن الاحتمال الضعيف، فهو أمر مستغرق لأوقات المجتهد والمقلد، فيقع الناس من جهة تعليم هذه الموارد وتعلمها في حرج يخل بنظام معاشهم ومعادهم.[2]»
هذا ما افاده الشيخ (قدس سره)، وحاصله لزوم العسر والحرج مع الالتزام بالاحتياط في مقام امتثال الاحكام المعلومة بالعلم الاجمالي.
هذا ولكن المشكل هنا، انه لا شبهة في استلزام الاحتياط في جميع المحتملات من الموهومات و المشكوكات و المظنونات العسر والحرج كما افاده الشيخ (قدس سره).
وأما اذا التزم احد بانحلال العلم الاجمالي المذكور بالعلم الاجمالي بثبوت احكام في الشريعة في دائرة المظنونات والشك في غيرها، او ثبوت الاحكام المذكورة في ما بأيدينا من الاخبار، فإن الطريق للامتثال فيها الاحتياط ايضاً، الا انه تضيق دائرته بوجه ربما يدعى عدم استلزامه العسر. فهل يكون الطريق المنحصر في الامتثال مع الالتزام بالانسداد حجية الظن المطلق؟ او ان لنا فيه طريقان:
1 - التبعيض في الاحتياط بالالتزام به في دائرة المظنونات، او دائرة المظنونات والمشكوكات دون الموهومات، او في دائرة الاخبار الموجودة في أيدينا.
2 - التنزل بالامتثال التفصيلي الظني، بعد عدم امكان الامتثال التفصيلي العلمي بالالتزام باعتبار الظن وحجيته.
ثم يقع البحث بعد ذلك في ان اي واحد منهما ارجح.
وللشيخ (قدس سره) كلمات في هذا المقام.
.[2] فرائد الأصول، ج1، ص404.