بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه شصت
3 - ثبوت اهتمام الشارع بمراعاة تكاليفه ولو كانت محتملة.
افاده صاحب الكفاية في مقام الجواب عن شبهة، ان مع عدم تنجز العلم الاجمالي للزوم الاقتحام في بعض الاطراف كان العقاب على مخالفة بعض اطرافه – على تقدير المصادقة – عقابا بلا بيان.
فأجاب (قدس سره): بأن هذا انما يلزم اذا لم يعلم بايجاب الاحتياط وقد علم به بنحو اللم حيث علم اهتمام الشارع بمراعاة تكاليفه، بحيث ينافيه عدم ايجابه الاحتياط للزوم المراعاة بالالتزام ببعض المحتملات.
ويمكن ان يقال:
ان ما افاده (قدس سره) في المقام راجع الى لزوم الاهتمام بمحتمل التكليف حتى مع عدم اقتضاء العلم الاجمالي الموافقة القطعية، بل جاز الاقتحام في بعض الاطراف.
وأساسه راجع الى ان العقل يدرك حسن استيفاء اغراض المولى ولو كانت محتملة فإن احتمال وجود الغرض الملزم للمولى يكفي في لزوم المبادرة الى استيفائه والتحفظ عليه. لأن عدم استيفاء غرضه ظلم له.
وقد مر ايضاً حكمه بلزوم دفع الضرر المحتمل.
وهذا المعنى وإن كانت تامة في نفسها الا ان مع ثبوت الامان من الشارع بمقتضى البرائة لجاز ذلك خصوصاً بعد الالتزام بعدم اقتضاء العلم الاجمالي لزوم الموافقة القطعية، فإن تمام المانع عن جريان حديث الرفع العلم الاجمالي المانع عن جريان البرائة في الشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي، ومع فرض حصر اقتضاء العلم المذكور في الموافقة الاحتمالية، وعدم تنجيزه بالنسبة الى المخالفة الاحتمالية، فإنه لا مانع من ثبوت الامان المذكور من الشارع، ولا دليل على الالزام برعاية المحتمل.
نعم في موارد ثبوت وجوب الاحتياط كما في مثل الدماء والفروج، فإنما يثبت اهتمام الشارع برعاية المحتمل، فلا يثبت معه الامان المذكور في ارتكابه، ولكنه يختص بموارد خاصة لا وجه لاسرائه الى تمام موارد المشتبه.
4 - استلزام الرجوع في جميع تلك الوقائع الى نفي الحكم للمخالفة الكثيرة المعبر عنها في لسان جمع من مشايخنا بالخروج عن الدين.
افاده الشيخ (قدس سره) بتقريب ان المقتصر على التدين بالمعلومات التارك للاحكام المجهولة جاعلاً لها كالمعدومة يكاد يعد خارجاً عن الدين، لقلة المعلومات التي اخذ بها وكثرة المجهولات التي اعرض عنها، وهذا امر يقطع ببطلانه كل احد بعد الالتفات الى كثرة المجهولات.
ويمكن ان يقال:
ان تصوير الخروج عن الدين بترك التعرض للمحتملات، والاهمال فيها انما يتحقق مع ثبوت الدين وثبوت احكامه.
وثبوتها انما يكون بطريق العلم او العلمي، فالمفروض في المقام انسداد باب طريق العلم، فلو فرض انسداد باب العلمي ايضاً، فإنه لا يوجد الطريق لثبوت الاحكام.
نعم ان اصل الدين ثابت بالضرورة والعلم، واما احكامها فإن الالتزام بامتثالها يتوقف على ثبوتها بالعلم او العلمي، فبالمقدار الذي تثبت هذه الاحكام للمكلف بهما يلزم التزامه بامتثالها، وأما فيما لا يثبت منها فلا دليل على تعرضه لامتثالها، لأنه لا موضوع معه للامتثال حتى لو كانت الاحكام الغير الثابتة اكثر الاحكام للشريعة في الواقع، ومعه كيف يمكن القول بخروجه عن الدين بعد عدم الموضوع للامتثال.
وفي المقام ان الاحكام في الشريعة انما يثبت بالعلم ولكن هذا العلم طريق اجمالي باكثرها لأنه يعلم بالضرورة ثبوتها بين الطرق الموجودة من الاخبار وغيرها من الروايات، فيلزمه الخروج عن عمدة هذا العلم، ولا يخرج الا بالتعرض لامتثال اطراف العلم تحفظاً علي الواقع المعلوم في البين.
وبالجملة، ان محذور المخالفة القطعية الكثيرة او ما يعبر عنه بالخروج عن الدين انما يلزم بعد فرض ثبوت العلم الاجمالي المذكور، وأما مع قطع النظر عنه فإنه لا موضوع لتعرضه امتثال ما لا طريق له اليه، ومع ثبوت العلم الاجمالي فإنه يكفي للزوم تعرضه لامتثال الأحكام نفس العلم الاجمالي والتنجيز الحاصل منه واقتضائه لوجوب الاهتمام لمحتملاتها، وعليه فإن المخالفة القطعية الكثيرة او الخروج عن الدين لا يكون الا نفي تنجيز العلم، ومع ثبوت العلم الاجمالي المذكور و تنجيزه وعده من مقدمات دليل الانسداد لا حاجة الى الاستناد لمحذور المخالفة القطعية او الخروج عن الدين لاثبات عدم جواز الاهمال في امتثالها لأن عدم جواز الاهمال انما يثبت بنفس العلم الاجمالي، وأنه لا معنى لتنجيز العلم الا عدم جواز الاهمال، فلا وجه لعده مقدمة مستقلة لدليل الانسداد مضافاً الى العلم الاجمالي، ومع فرض عدم ثبوت العلم الاجمالي لا وجه لتحقق موضوع الاهمال حسب ما عرفت.
والحاصل: انه لا اثر لهذه المقدمة بعنوانها في دليل الانسداد بعد عد العلم الاجمالي من المقدمات، وإن كان لا شبهة فيها اي لا يلتزم احد بجواز الاهمال في امتثال معظم الاحكام.