درس خارج فقه السابع: ما يفضل عن مؤنة سنته ومؤنة عياله جلسه پنجاه و چهار
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه پنجاه و چهار
وقال السيد الخوئي (قدس سره):
«وذهب جماعة ومنهم الشهيد إلى أن الاعتبار بظهور الربح مطلقا وفي جميع الموارد فلا تستثنى المؤن المصروفة قبل ذلك من غير فرق بين الكاسب وغيره. وهذا هو الصحيح.
والوجه فيه:
أن المشتق وما في حكمه من الجوامد ظاهر في الفعلية ولا يستعمل فيما انقضى إلا بالعناية، والوارد في النصوص لو كان عنوان ( عام الربح ) أو سنة الربح لأمكن أن يقال بأن اطلاقه على الكاسب يفترق عن غيره كما ذكر، ولكن لم يرد حتى لفظ السنة فضلا عن عام الربح وإنما الوارد فيها استثناء المؤونة. فقد ذكر في صحيحة ابن مهزيار - من بعد مؤونته ومؤونة عياله - وفي بعض النصوص غير المعتبرة - ما يفضل عن مؤونتهم - والمؤونة بحسب ما يفهم عرفا المطابق للمعنى اللغوي كل ما يحتاج إليه الانسان في جلب المنفعة أو دفع الضرر وقد عرفت أن هذا ظاهر في المؤنة الفعلية دون ما كان مؤنة سابقا.
إذا فالمستثنى عن الربح إنما هو المؤن الفعلية لا ما صرفه سابقا وقبل أن يربح، إذ لا يطلق عليها فعلا أنها مؤنة له وإنما هي كانت مؤنة سابقا فلا مقتضي لاخراجها عن الأرباح، كما لا وجه لاخراج المماثل من ذلك عن الربح واحتسابه عوضا عما صرفه سابقا لعدم الدليل عليه.
وعلى الجملة: فما صرفه سابقا لم يكن مؤنة فعلية ولا دليل على اخراج المماثل فإن ثبت هذا - ولا ينبغي الشك في ثبوته - فهو وإلا فيكفينا مجرد الشك في ذلك للزوم الاقتصار في المخصص المنفصل الدائر بين الأقل والأكثر على المقدار المتيقن وهو المؤن المصروفة بعد ظهور الربح. وأما اخراج المؤن السابقة عن الربح المتأخر فهو مشكوك فيرجع إلى اطلاق ما دل على وجوب الخمس في كل ما أفاد من قليل أو كثير. »
ويمكن ان يقال:
ان صدق المؤونة على ما صرفه الشخص في زراعته او صناعته او تجارته من بدو الشروع فيها، و كذا ما يصرفه في معاشه من هذا الحين الى زمان حصول الربح صدق فعلي في متعارف الناس فان الزارع من ابتداء السنة الزراعية انما يصرف المال رجاءً لحصول الربح واخراج المؤنة منها، فلو اخرج المؤونة من ربحه في سنته الزراعية لا يقال ان ما صرفه فيها من ابتداء السنة تحصيلاً للربح المذكور ليست مؤونة فعليّة. بل يقال ان في سنته الزراعية كان ما يربح كذا، وما يصرف كذا فيحاسب الفائدة والربح الباقي بعد اخراج المؤونة عما حصل له من الربح، فان الربح ربح فعلي و كذا المؤونة المصروفة في سبيل تحصيله.
وعليه: فان اختصاص المؤونة بالفعلية بما يصرف من الربح بعد حصول الربح دون ما صرفه في سبيل تحصيله اول الكلام.
وقد ان الفعلية في هذه الموارد امر نسبي وليس ما صرفه في تحصيل الربح ما انقضى عنه المبدأ اي كونه مؤونة في متعارف الناس، بل لا يحاسبون الفائدة التي تصدق على فاضل المؤنة الا بعد اخراج هذه المؤونات عن الربح.
وقوله (عليه السلام): «... الخمس بعد مؤونته ومؤونة عياله...» لا ظهور فيه في خصوص ما يصرفه في المؤونة بعد حصول الربح، بل ظهوره العرفي الشمول للمؤنة المصروفة في سنته المالية على ما عرفت.
وبالجملة انه لا تصل النوبة الى الشك في صدق المؤونة حتى يلزم الاخذ بالمتيقن في المخصص المنفصل بين الاقل والاكثر. وعمدة الوجه فيما اوجب هذا المعنى، توهم عدم صدق عنوان المؤونة على ما يصرف قبل حصول الربح رجاء حصوله. وهذا غير تام جداً لان المتعارف بين الناس خصوصاً المشتغلين في الزرع اخراج الديون التي وقعت فيه في سبيل تحصيل الربح ابتداءً ولا شبهة في تعارف ذلك وصدق المؤنة عندهم على جميع ما يصرف في سنته وانها مؤنته الفعلية.
نعم يمكن هذا التصوير فيما افاده صاحب العروة(قدس سره) فيمن لم يكن مكتسباً بانه ليس له شغل خاص، وانما حصلت له الفائدة اتفاقاً، بانه يحاسب السنة في موردها بحسب حصول الربح، وكان ذلك لجهة انه ليست له سنة مالية في متعارف الناس مع انه يمكن تصوير ذلك ايضاً اذا كانت محاسبته المالية بلحاظ السنة الجعلية التي تداول اخذها بين الناس حتى غير الباذلين للخمس من انهم يحاسبون ما يربحون ولو اتفاقاً وما يصرفون فيها من المؤونة.