بسم الله الرحمن الرحیم
جلسه بیست و دوم
ثم انه افاد صاحب العروة (قدس سره) في ذيل كلامه.
«وهي قوله تعالى: { مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ..} وهذه الآية تدل على قبول توبة المرتد الفطري فما ذكره بعضهم من عدم قبولها منه لا وجه له»
وقد مرَّ الاشكال فيما افاده من عدم تمامية هذه الدلالة في حاشية من السيد البروجردي (قدس سره)، وكذا من السيد السبزواري وغيرهما.
قال السيد الحكيم (قدس سره)
«في الدلالة خفاء ، إذ مفادها ليس إلا عدم حبط عمل من لم يمت وهو كافر . وذلك أعم من قبول التوبة في الآخرة ، لجواز أن يكون عدم الحبط موجبا لتخفيف العذاب ، ولا تدل على ثبوت الثواب - فتأمل - فضلا عن قبولها في الدنيا ، من حيث الطهارة والنجاسة ، والتوارث ، ونكاح المسلمة ، وغير ذلك من أحكام المسلمي»[1]
ونظره (قدس سره) الى ان عدم حبط العمل في المقام لازم اعم لقبول التوبة اذ لا ينافي عدم حبط العمل مع عدم قبول توبته.
لان من المراد من التوبة ان كان ترتب الآثار الدنيوية حسب ما التزم به فهو جار له حتى لو تاب.
وان كان المراد التوبة الاخروية فمن الممكن عدم شمول الغفران الشامل للمؤمن له وان كان العمل الصالح الذي اتي به لا يعرض عليه الحيط وكان يوثر في تخفيف العذاب له.
وهذا الاشكال قوي، وان الترديد في دلالة الآية في حاشية العلمين يحتمل رجوعه الى ذلك وان عدم ثبوت الحبط في المقام لازم اعم من قبول توبته.
مع انهما (قدس سرهما) التزما بقبول توبة المرتد الا ان اشكالهما في دلالة هذه الاية على قبولها.
هذا تمام الكلام في المسألة 76.
قال صاحب العروة:
«مسألة 77:
لو أحرم مسلما ثم ارتد ثم تاب لم يبطل إحرامه على الأصح.
كما هو كذلك لو ارتد في أثناء الغسل ثم تاب، وكذا لو ارتد في أثناء الأذان أو الإقامة أو الوضوء ثم تاب قبل فوات الموالاة.
بل وكذا لو ارتد في أثناء الصلاة ثم تاب قبل أن يأتي بشئ أو يفوت الموالاة على الأقوى من عدم كون الهيئة الاتصالية جزء فيها.
نعم لو ارتد في أثناء الصوم بطل وإن تاب بلا فصل»[2]
قال السيد الحکيم (قدس سره) فی المستمسک فی ذيل قوله: «لم يبطل احرامه علی الأصح...»
«كما في الشرائع وغيرها.
وقال الشيخ (قدس سره) في المبسوط:
فإن أحرم ثم ارتد ثم عاد إلى الاسلام جاز أن يبني عليه ، لأنه لا دليل على فساده . إلا على ما استخرجناه في المسألة المتقدمة في قضاء الحج ، فإن على ذلك التعليل لم ينعقد إحرامه الأول أيضا . غير أنه يلزم عليه إسقاط العبادات التي فاتته في حال الارتداد عنه ، لمثل ذلك . لأنا إذا لم نحكم باسلامه الأول فكأنه كان كافرا في الأصل ، وكافر الأصل لم يلزمه قضاء ما فاته في حال الكفر. وإن قلنا بذلك كان خلاف المعهود من المذهب : وفي المسألة نظر . ..
وقال في المدارك :
«وهذا لايراد متوجه ، وهو من جملة الأدلة على فساد تلك القاعدة . . .»
لكن الايراد غير ظاهر:
لأن المراد من الكافر الأصلي ما لا يعم ذلك ، فلا يترتب عليه حكمه . وليس عندنا دليل على تنزيله منزلته كي يؤخذ باطلاق التنزيل .
نعم:
قد تشكل لو كان الارتداد في أثناء الاحرام ، لأنه عبادة ، ومع الارتداد في الأثناء يبطل منه الجزء المقارن للارتداد . نظير الارتداد في أثناء الصوم ، كما سيأتي . وفيه :
أن الصوم من الأفعال الاختيارية القارة، نظير الأكل والشرب ونحوهما ، فيجب أن تكون عبادة حدوثا وبقاء . وليس الاحرام كذلك ، بل هو من الصفات ، نظير الطهارة والحدث ، فإذا وقع عن النية حصل ، وبقاؤه لا يعتبر فيه النية . فبطلانه بالكفر يتوقف على أن يكون الكفر محللا ، كما أن بطلان الطهارة بالكفر يتوقف على كونه حدثا . ولأجل ذلك لا يبطل الاحرام بالرياء في الأثناء ، كما لا تبطل الطهارة بالرياء بعد حصولها ، وإن كان الصوم يبطل بالرياء في أثنائه . ومثله : الاعتكاف . وكأنه إلى ذلك أشار في الجواهر - في تعليل ما في المتن - بقوله:
«لما عرفت في الحج ، من الأصل وغيره ، بعد عدم دخول الزمان في مفهومه ، كي يتجه بطلانه بمضي جزء ولو يسير...»[3]
[1] . السيد الحكيم، مستمسك العروة الوثقى، ج10، ص222.
[2] .السيد اليزدي، العروة الوثقى، ج4، ص449.
[3] .السيد الحكيم، مستمسك العروة الوثقى، ج10، ص222.