بسم الله الرحمن الرحیم
جلسه چهل و سوم
وقد استدل لعدم انعقاد نذر الزوجۀ بدون اذن زوجها:
بما رواه الصدوق في الفقيه باسناده عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ليس للمرأة مع زوجها أمر في عتق ولا صدقة ولا تدبير ولا هبة ولا نذر في مالها الا بإذن زوجها الا في حج أو زكاة أو بر والديها أو صلة رحمها. وباسناده عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان مثله الا أنه قال : أو صلة قرابتها.
وباسناده عن الحسن بن محبوب عن عبدالله بن سنان مثله، الا انه قال: أو صلة قرابتها. ورواه الشيخ باسناده عن الحسن بن محبوب مثله<[1]
ومدلولها:
اشتراط اذن الزوج في النذر فيها:
والجملة الثانية كان مدلولها انه لا ينعقد نذر الزوجة في مالها الا باذن زوجها الا في الموارد الاربعة الحج، والزكاة وبر والديها وصلة رحمها.
وعدم العمل من ناحية الاصحاب انما يكون في الفقرة الاولى دون الثانية، واما بالنسبة الى الحج التطوعي، فان من الممكن القول اما بعدم اعتبار اذنه او رفع اليد عن خصوصه من هذه الجهة.
وهذا الوجه انما ورد في دفع ما التزم به السيد الخوئي (قدس سره) والسيد الاستاذ من كون المستثنى منه هو العنوان العام الذي كان جميع المذكورات حتى النذر من مصاديقها. وعليه فانما يضر بالاستدلال بالرواية عدم العمل من ناحية الاصحاب بمقتضاها.
وهذا الوجه مع كمال دقته يستبعد استظهاره من الرواية وان كان غير بعيد ايضاً.
وبالجملة كان من الصعب الاستدلال بها لاعتبار اشتراط اذن الزوج في النذر.
مع انه لو تم لدل على عدم اعتباره في خصوص نذر الحج.
وربما اورد على دلالتها:
بان هذه الرواية ليست مورداً لعمل الاصحاب في بعض فقراتها في المستثنى منه وفي المستثنى.
أما المستثنى منه فان تصح العتق والصدقة والتدبير والهبة من مال الزوجة بغير اذن الزوج عندهم.
وفي المستثنى، لا يلتزمون بعدم اعتبار الاذن في مطلق الحج، بل يعتبر عندهم ذلك في الحج التطوعي.
ويمكن الجواب عنه:
بانه يمكن التفكيك بين فقرات رواية واحده في الاعتبار والحجية، كما ثبت ذلك في كثير من الموارد.
وفي المقام انما نرفع اليد عن الموارد التي ليس العمل على طبقها كمورد العتق والصدقة وغيرهما من مالها، واما النذر فهو داخل في العنوان وخروج بعض العناوين بعروض ما يمنع عن اعتبارها لا يضر ببقاء بعضها الآخر تحت العنوان الا أنْ نلتزم بالدلالة السياقية وانه ليست للرواية الا دلالة واحدة، ولا يتم تجريد الفقرات بحسب الاعتبار والحجية.
وربما يدفع ذلك:
بان استثناء الحج والزكاة وما تبعهما في الرواية لا يستقيم بتقدير حكم عام يكون ما ذكر من العتق والصدقة بياناً لمصاديقه، اذ الاستثناء من نفس هذه الامور لا معنى له لان المستثنى ليس بعضاً من المستثنى منه، بل هو حقيقة اخرى في قباله.
فصحة الاستثناء تتوقف على تقدير عام، بان يكون المراد: «ليس للمرأة مع زوجها في كل شيء أمر..» أو يكون ما ذكر من العتق و الصدقة وغيرهما بياناً لمصاديق العام في الجملة، فليس لدينا سوى جملة واحدة تتكفل الحكم المتعلق بالعام لا جمل متعددة.
ومن الواضح انه لم يعمل الاصحاب بها بهذا النحو، ولم يلتزموا بوجود كلية كذلك، فتطرح الزواية لعدم عمل الاصحاب بها وهي ذات مدلول واحد، لا مداليل متعددة كي لا يضر فيها التفكيك او تحمل على بيان اخلاقي بين الزوج والزوجة.
هذا ما اختارة السيد الاستاذ (قدس سره) في نفي الاستدلال بالرواية وبنى عليه السيد الخوئي (قدس سره) في المعتمد[2].
وربما أُورد عليه:
بان الظاهر ان الاستثناء في الرواية بقوله (ع): «الا في حج او زكاة...» كان من النذر في المال، ولا اقل من احتمال ذلك.
وبمقتضاه يرفع اليد عن ظهور قوله (ع) في المستثنى منه: «امر في عتق و...».
في كونه هو موضوع الحكم بما هو لا بما هو بيان للعموم.
ولعله مما يؤيد ذلك ان قوله: «الا باذن زوجها» لا يتناسب مع ارجاعه الى كل أمر، لانه مستفاد من نفي الامر مع الزوج كما صرح به السيد في لا يمين للولد مع والده، فلا يتجه ذكره، فيتعين رجوعه الى النذر ويكون قوله:
«ولا نذر» جملة مستأنفة فلاحظ.
هذا ما افاده السيد المقرر (رضوان الله عليه) في حاشية المرتقى.
ومراده:
إن الرواية تشتمل على أمرين:
1 ـ قوله (ع): «ليس للمرأة مع زوجها امر في عتق ولا صدقة ولا تدبير ولا هبة «على وزان» لا يمين للولد مع والده».
2 ـ قوله (ع): «ولا نذر في مالها الا باذن زوجها الا في حج او زكاة او بر والديها، او صلة رحمها».
وعليه فان الأوّل سواء كان المراد منه كل فرد من المذكورات بعنوان الموضوعية، أو عنوان العام الذي كانت المذكورات مصاديق له بيان مستقل مدلوله، انه لا أمر بين الزوجين في المذكورات بنفس المعنى الذي صرح بها بعد ذلك بقوله: «الا باذن زوجها».
والرواية صحيحة من حيث السند.
لان اسناد الصدوق الى عبدالله بن سنان صحيح في المشيخة.
وعبدالله بن سنان.
هو عبدالله بن سنان بن طريف قال النجاشي:
«...كان خازنا للمنصور والمهدي والهادي والرشيد، كوفي، ثقة من أصحابنا ، جليل ، لا يطعن عليه في شئ ، روى عن أبي عبد الله عليه السلام.
و قيل : روى عن أبي الحسن موسى عليه السلام وليس بثبت . له كتاب الصلاة الذي يعرف بعمل يوم وليلة ، وكتاب الصلاة الكبير ، و كتاب في سائر الأبواب من الحلال والحرام . روى هذه الكتب عنه جماعات من أصحابنا لعظمه في الطائفة وثقته و جلالته . أخبرني الحسين بن عبيد الله قال : حدثنا أحمد بن جعفر قال : حدثنا حميد عن الحسن بن سماعة ، عن عبد الله بن جبلة عنه»[3]
وقال الشيخ في الفهرست:
«عبدالله بن سنان ثقة وله كتاب.»[4]
وعده في رجاله من أصحاب الصادق (ع) وعنوانه عبدالله بن سنان الكوفي[5].
وكذا من اصحاب الكاظم (ع) بعنوان عبدالله بن سنان[6].
ووثقه العلامة في الخلاصة وقال: «وكان كوفياً ثقة من أصحابنا جليلا ، لا يطعن عليه في شئ».[7]
وروي الكشي: «انه من ثقات ابي عبدالله (ع)»[8]
ووثقه ابن شهرآشوب.
وهو من الطبقة الخامسة.
فالرواية صحيحة بهذا الطريق من الصدوق اي باسناده عن عبدالله بن سنان ولهذه الرواية طريق آخر للصدوق وهو نقله باسناده عن الحسن بن محبوب واسناده الى الحسن بن محبوب صحيح ايضاً.
وهنا طريق ثالث للرواية وهو نقل الشيخ لها في التهذيب باسناده الى الحسن بن محبوب عن عبدالله بن سنان.
واسناد الشيخ الى الحسن بن محبوب صحيح في مشيخة التهذيب.
والحسن بن محبوب وهو الحسن بن محبوب السراد ويقال له الزراد.
لم يذكره النجاشي في رجاله.
وقال الشيخ في الفهرست:
«... كوفي ثقة روى عن ابي الحسن الرضا (ع) ...»
وعده في رجاله من أصحاب الكاظم(عليه السلام) وقال: >ثقة ويقال له الزراد، كوفي ثقة.»[9]
وعده ايضاً من اصحاب الرضا وقال: «الحسن بن محبوب السراد... كوفي ثقة»[10].
وقال العلامة في الخلاصة:
«.... كوفي ، ثقة ، عين ، روى عن الرضا ( عليه السلام ) وكان جليل القدر ، يعد في الأركان الأربعة في عصره . قال الكشي : أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصح عن هؤلاء وتصديقهم ، وأقروا لهم بالفقه والعلم ، وذكر الحسن بن محبوب من الجماعة ، قال : وقال بعضهم موضع الحسن بن محبوب : الحسن بن علي بن فضال. ومات الحسن بن محبوب رحمه الله في آخر سنة أربع وعشرين ومائتين ، وكان من أبناء خمس وسبعين سنة»[11]
وكلما ذكر في السند ابن محبوب بنحو مطلق يعضر ينصرف اليه والى محمد بن علي محبوب الاشعري القمي الواقع في طبقة بعده اي الطبقة السابعة لروايته عنه.
وهو من الطبقة السابعة.
فالرواية صحيحة بطرقها الثلاثة.
[1] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج23، ص 315، الباب 19 من ابواب النذر والعهد، الحديث1.
[2] . السيد الخوئي، معتمد العروة الوثقى، ج1، ص375.
[4] . الشيخ الطوسي، الفهرست، ص161.
[5] . الشيخ الطوسي، الرجال، ص191.
[6]. الشيخ الطوسي، الرجال، ص339.
[7] . العلامة الحلي، خلاصة الاقوال، ص192.
[9] . الشيخ الطوسي، الرجال، ص334.
[10] . الشيخ الطوسي، الرجال، ص334.
[11] . العلامة الحلي، خلاصة الاقوال، ص97.