بسم الله الرحمن الرحیم
جلسه چهل و هفتم
واستدل له - كما قيل - :
بأن حق الزوج واجب ، فلا يجوز تفويته بما ليس بواجب.
وبموثق إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم قال :
سألته عن المرأة الموسرة قد حجت حجة الاسلام ، تقول لزوجها حجني مرة أخرى ، أله أن يمنعها ؟ قال ( عليه السلام ) : نعم يقول لها : حقي عليك أعظم من حقك علي في هذا»[1].
لكن في المدارك : وقد يقال :
إن الدليل الأول إنما يقتضي المنع من الحج إذا استلزم تفويت حق الزوج ، والمدعى أعم من ذلك.
والرواية إنما تدل على أن للزوج المنع ، ولا يلزم منه التوقف على الإذن .
ويشكل :
بأن ما دل على سقوط نفقة الزوجة بالخروج من بيتها بغير إذنه - وهو خبر السكوني عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : «قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أيما امرأة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها فلا نفقة لها حتى ترجع»[2].
وصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في حقوق الزوج على الزوجة :
«ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه»[3].
ونحوه : خبر العزرمي[4]
وخبر ابن جعفر عن المرأة :
ألها أن تخرج بغير إذن زوجها ؟ قال ( عليه السلام ) : لا»[5].
يدل على أن من حقوقه الاستيذان منه في السفر ، فلا يجوز لها تفويته. نعم دلالة الموثق على وجوب الاستيذان غير ظاهرة .
على أن سوق السؤال فيه وفي غيره من النصوص - المتقدمة في حج الاسلام - يقتضي أن وظيفة الزوجة الاستيذان ، لا عدم المنع . فلاحظ .
وأما ما ذكر في كلام غير واحد ، من أن حق تعيين المسكن للزوج ، فهو متفرع على مطالبة الزوجة بنفقة الاسكان ، لا ما إذا أسقطت حقها من ذلك»[6]
وافاد السيد الخوئي (قدس سره) في ذيل قول صاحب العروة: (واما في الحج المندوب فيشترط اذنه):
« بلا كلام لأن الخروج من بيتها بدون إذن الزوج محرم وعليها الاستيذان منه في الخروج من البيت .
لا لما ورد في بعض الروايات جواز منع الزوج زوجته عن الحج المندوب لأن ذلك أعم من اعتبار الإذن من الزوج.
بل لعدة من النصوص[7]:
منها : صحيحا محمد بن مسلم وعلي بن جعفر الدالان على اعتبار الإذن وإنه لا يجوز لها الخروج إلا بإذنه ولا سيما إذا كان الخروج منافيا لحق الزوج.»[8]
ومنها:
ما رواه الشيخ قدس سره في التهذيب باسناده عن موسي بن القاسم عن ابن جبلة ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال:
سألته عن المرأة الموسرة قد حجت حجة الاسلام تقول لزوجها : أحجني من مالي ، أله أن يمنعها من ذلك ؟ قال : نعم، ويقول لها : حقي عليك أعظم من حقك على في هذا .
ورواه الصدوق بإسناده عن إسحاق بن عمار مثله ، إلا أنه قال : تقول لزوجها احجني مرة أخرى.
ورواه الكليني عن أبي علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار مثله.
أما جهة الدلالة فيها:
اما الأخيرة.
فظاهرها ان الزوجة انما يتمنى عن الزوج ان يهيأ لها اسباب الحج من مالها.
ومورد السؤال في كلام الراوي الحج الندبي من المرأة الموسرة وانه هل للزوج عدم القبول ونهيها عن الاتيان به.
وجواب الامام(ع) من ناحية الزوج بقوله(ع): ان للزوج ان يقول: حقي عليك أعظم من حقك عليّ في هذا.
وظاهرها ان للزوج نهيها عن ذلك ووجّهَه(ع) بان نفوذ نهي الزوج في ذلك، وان كون النهي عنه من حق الزوج، انما يكون من جهة رعاية حق الزوج، وانه حقه أعظم من حق الزوجة عليه فيما يتمنى منه.
فجعل الامام (ع) النهي مانعاً عن الحج الندبي، وهذا لا دلالة فيه على اشتراط اذنه في ذلك، بل فيه دلالة على مانعية النهي وتوجيه الامام(ع) ذلك بان نفوذ النهي انما كان لأجل ان الاتيان به انما يوجب تضييع حق الزوج.
فالمستفاد منها عدم اشتراط الاذن، بل اشتراط عدم نهيه أو فقل عدم رضائه. هذا اعم من اشتراط الاذن.
مع ان مع التسلم ورجوع اشتراط عدم نهيه أو عدم رضاه الى اشتراط اذنه، فان المستفاد منها اشتراط الاذن لا مطلقاً، بل من جهة ان الذهاب الى الحج الندبي يستلزم تضييع حق الزوج.
ومعه فيمكن تصوير ان الاتيان به اذا لم يستلزم تضييع حقه فلا يشترط الاذن.
بل لا ينفذ نهيه، لان النهي ليس نافذاً في الرواية مطلقاً.
للتوجيه المذكور.
هذا بالنسبة الى رواية اسحاق بن عمار.
واما الاستدلال بما دل على المنع عن خروج المرأة عن بيتها الا باذن زوجها وان الحج التطوعي بما انه يستلزم الخروج من البيت فيلزم اشتراط الاذن.
اما بالنسبة الى رواية محمد بن مسلم عن ابي جعفر (ع) بقوله:
جاءت امرأة الى النبي (صلى الله عليه وآله) فقالت: يا رسول الله: ما حق الزوج على المرأة؟
فقال: ان تطيعه ولا تعصيه ولا تصدق من بيته الا باذنه ولا تصوم تطوعاً الا باذنه، ولا تمنعه نفسها وان كانت على ظهر قتبٍ، ولا تخرج من بيتها الا باذنه، وان خرجت بغير اذنه لعنتها ملائكة السماء....
فان الصدقة من بيت الرجل وماله فانه لا شبهة في اشتراطه باذن الزوج لانه تصرف في ماله، ولا يجوز التصرف في مال الغير وان كان زوجاً للشخص وان كان زوجة، ويستثنى ما صرفها في نفقتها.
[1] الوسائل باب : 59 من أبواب وجوب الحج ملحق حديث : 2 .
[2] . الوسائل باب : 6 من أبواب وجوب النفقات حديث : 1 .
[3] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج20، ص 158 باب : 79 من أبواب مقدمات النكاح حديث : 1 .
[4] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج20، ص 159 باب : 79 من أبواب مقدمات النكاح حديث : 2.
[5] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج20، ص 159 باب : 79 من أبواب مقدمات النكاح حديث : 5 .
[6] . السيد الحكيم، مستمسك العروة الوثقى، ج10، ص228.
[7]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج20، ص 158-159، باب 79 من أبواب مقدمة النكاح ح 1 - 5 .
[8] السيد الخوئي، كتاب الحج، ج1، ص278.