بسم الله الرحمن الرحیم
جلسه نود و سوم
وحاصل ما افاده قدس سره:
انه يتصور في القسم الثالث من اقسام استصحاب الكلي اقسام ثلاثة.
1 ـ ما لو حصل لنا العلم بوجود الفرد ثم حصل لنا العلم بارتفاعه الا انه يشك في حدوث فرد آخر مقارناً لوجود ما نتيقن ارتفاعه كما اذا حصل لنا العلم بوجود الحيوان في ضمن فرد قصير العمر ثم علمنا بارتفاعه الا انه وقع الشك في انه هل وجد حيوان آخر مقارناً لحياة الاول حتي بقي الكلي ببقائه ام لا.
2 ـ لو حصل لنا العلم بوجود فرد من افراد الكلي وعلمنا بارتفاعه الا انه وقع الشك في حدوث فرد آخر مقارناً لارتفاع الفرد الاول ـ بخلاف القسم الاول حيث حدث الشك في حدوث فرد آخر مقارناً لحياة الفرد الاول بحيث يفرض لهما الوجود في زمان واحد ـ كما اذا علم بوجود الانسان في الدار بالعلم بوجود زيد فيه ثم علم بذهابه وشك بأنه حين ذهابه هل جاء عمرو مكانه ام لا بحيث لو جاء عمرو لكان كلي الانسان باقياً في الدار في ضمنه.
3 ـ ان يعلم بوجود الكلي في ضمن فرد منه وعلم بانتفاء الفرد وشك في انه حين انتفائه هل يبدل الفرد المفروض زواله بفرد آخر او لا، كما اذا علم بوجوب شئٍ وعلم بعد ذلك بانتفائه وقد شك في انه هل تبدل الوجوب بعد انتفائه بالاستحباب ام لا تبدل مرتبة بمرتبة اخري، وهذا القسم ايضاً يمكن تصويره علي نحوين.
الاول: كون المرتبة المشكوكة فرداً مبانياً للفرد المرتفع عرفاً كتبدل الاحمرار بالاصفرار الذين هما متباينان عرفاً وإن كان بالدقة العقلية من مراتب حقيقة واحدة.
الثاني: كونهما من مراتب حقيقة واحدة عرفاً كتبدل السواد الشديد بالسواد الضعيف.
وظاهر صاحب الكفاية قدس سره التأمل في جريان الاستصحاب في جميع الاقسام الثلاثة سوي النحو الثاني من القسم الثالث اي تبدل مرتبة الي مرتبة اخرى مع كونهما من مراتب حقيقة واحدة عرفاً.
وأفاد في وجهه:
ان وجود الكلي في ضمن الفرد المعلوم حدوثه في المقام مقطوع الارتفاع ووجوده في ضمن فرد آخر مشكوك الحدوث، فإنما تعلق اليقين بوجود ليس مشكوك البقاء، وتعلق الشك بوجود لا يعلم حدوثه.
ومن المعلوم ان وجود الكلي في ضمن فرد غير وجوده في ضمن فرد اخر.
كما صرح قدس سره بأن وجود الطبيعي وإن كان بوجود فرده، الا ان وجوده في ضمن المتعدد من افراده ليس من نحو وجود واحد له، بل متعدد حسب تعددها.
وبالجملة:
ان اساس نظره قدس سره هو ان في المقام ليس لنا عنوان معلوم الحدوث ومشكوك البقاء، لأن الكلي لو فرض كونه في ضمن الفرد المشكوك حدوثه، فإنه ليس ذلك من بقاء الكلي في ضمن فرده لفرض تبدل الافراد.
وفيما افاده قدس سره تعريض لكلام الشيخ قدس سره حيث انه فصل بين ما اذا كان الشك في حدوث الفرد الآخر مقارناً لوجود الفرد الاول فالتزم بجريان الاستصحاب في الكلي.
وبين ما اذا كان الشك في حدوث الفرد الآخر مقارناً لانتفاء الاول فاختار عدم جريان الاستصحاب فيه.
قال في الرسائل:
«وأما الثالث:
وهو ما اذا كان الشك في بقاء الكلي مستندا إلى احتمال وجود فرد آخر غير الفرد المعلوم حدوثه وارتفاعه - فهو على قسمين:
لأن الفرد الآخر:
إما أن يحتمل وجوده مع ذلك الفرد المعلوم حاله.
وإما أن يحتمل حدوثه بعده، إما بتبدله إليه وإما بمجرد حدوثه مقارنا لارتفاع ذلك الفرد.
وفي جريان استصحاب الكلي في كلا القسمين:
نظرا إلى تيقنه سابقا وعدم العلم بارتفاعه، وإن علم بارتفاع بعض وجوداته وشك في حدوث ما عداه، لأن ذلك مانع من إجراء الاستصحاب في الأفراد دون الكلي، كما تقدم نظيره في القسم الثاني.
أو عدم جريانه فيهما:
لأن بقاء الكلي في الخارج عبارة عن استمرار وجوده الخارجي المتيقن سابقا، وهو معلوم العدم.
وهذا هو الفارق بين ما نحن فيه والقسم الثاني، حيث إن الباقي في الآن اللاحق بالاستصحاب هو عين الوجود المتيقن سابقا.
أو التفصيل بين القسمين:
فيجري في الأول، لاحتمال كون الثابت في الآن اللاحق هو عين الموجود سابقا، فيتردد الكلي المعلوم سابقا بين أن يكون وجوده الخارجي على نحو لا يرتفع بارتفاع الفرد المعلوم ارتفاعه.
وأن يكون على نحو يرتفع بارتفاع ذلك الفرد، فالشك حقيقة إنما هو في مقدار استعداد ذلك الكلي، واستصحاب عدم حدوث الفرد المشكوك لا يثبت تعيين استعداد الكلي.
وجوه، أقواها الأخير.