بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه بیست و سوم
وعد الشيخ الحسن بن محمد بن سماعة الكندي من اصحاب الكاظم في رجاله وافاد في الفهرست: الحسن بن محمد بن سماعة الكوفي واقفي المذهب الا انه جيد التصانيف نقي الفقه حسن الانتقاد....
وهو من الطبقة السادسة.
وهو رواه عن ابن محبوب.
وهو بقرينة نقله عن علي بن رئاب هو الحسن بن محبوب السراد وثقه الشيخ في كتابيه وابن ادريس والعلامة وهو من أصحاب اجماع الكشي ومن الطبقة السادسة.
وهو رواه عن علي بن رئاب، وقد مرَّ انه وثقه الشيخ وقال في فهرسته: ثقة جليل القدر ومثله العلامة وهو من الطبقة الخامسة.
وهو رواه عن زرارة بن أعين. وثقه الشيخ في رجاله وقال النجاشي: صادق فيما يرويه اجتمعت فيه خصال الفضل والدين، ووثقه العلامة وهو من الطبقة الرابعة.
وعليه فان الرواية بطريق الشيخ موثق بالحسن بن محمد بن سماعة.
ثم إنَّ للكليني طريقاً آخر وهو ما رواه عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمد المذكور وحميد بن زياد بن عماد بن زياد بن دهقان وثقه الشيخ في الفهرست والنجاشي والعلامة وابن شهرآشوب. وهو من الطبقة الثامنة.
والرواية موثقة بهذا الطريق ايضاً من جهة الحسن بن محمد
ويمكن ان يقال:
ان هذه الرواية تدل على التقسيم بالحصص بين غرماء المفلس بلا كلام، ولكن الاستدلال بها لتقسيم ما تركه الميت بين الدين الشخصي وغيره كالحج والخمس والزكاة وغيرها من التكاليف المستقرة التي يلزم في قضائها الى صرف المال ربما لا يستقيم.
وذلك: لان التكاليف على ما مرَّ اما ان يتعلق بالافعال، وإما أنْ يتعلق بالأموال ففيما يتعلق بالافعال فانه ليس دين حقيقة وان عبر عنه مثل الحج بالدين، ولكنه تنزيل وهو لا يدل على اشتراكه مع المُنَزل له في جميع الأحكام.
وهذا مع ان مثل الحج ليس بواجب مالي بالاصالة بل واجب متعلقه الفعل وان يستلزم صرف المال في مقام الاتيان به، وأما التكاليف المتعلقة بالأموال فانها تفترق عن الدين الشخصي بان متعلقها بالاموال انما يكون بواسطة الجعل الشرعي والزام الشارع المكلف بدفع المال كالخمس والزكاة، ولو لا جعل الشارع لا تشتمل ذمة المكلف به، وهذا بخلاف ديون الاشخاص، فان تعلقها بالذمة ليس بمقتضى الجعل والتكليف، بل أمر وضعي وان كان ربما يتبعه التكليف بلزوم الاستيفاء، ولكن قبل ذلك كان بالدين ما كان من أموال المديون مضموناً له وهذا أمر وضعي. وقد مرَّ في الرواية أنَّ ما في يد العبد ونفس العبد للغرماء بموت المديون قبل ان يعطي الأموال المذكورة للغرماء من ناحية الورثة.
وعليه فانه يشكل الاستدلال بالرواية في غير مورد غرماء المفلس كمن اشتغلت ذمته بالحج أو الخمس والزكاة من الواجبات المالية، لان الاستدلال بها لهذه الأُمور يحتاج الى تنقيح المناط واسراء الحكم من الموضوع المنصوص الى غيره وهو يتوقف على عدم وجود خصوصية في الموضوع المنصوص أوجبت افتراقهما في الحكم. وهذه الخصوصية موجودة في المقام حسب ما عرفت ومعه يشكل تنقيح المناط واسراء الحكم منها الى المورد.
هذا مع ان بالنسبة الى ما تركه الميت وان كانت التكاليف المالية والمنتهية الى المالية كقضاء الحج انما تتتعلق بأعيان الأموال بعد الموت لانتفاء الذمة القابلة للتكليف كما مرَّ في حاشية المحقق النائيني(قدس سره) الا أنَّه بعد التأمل فيه بانها ليس مع الدين الشخصي في رتبة واحدة، لان الدين صرف وضع، وأما التكاليف المالية تكاليف منتهية الى الوضع حسب ما عرفت.
ان التكليف بقضاء الحج وكذا أداء الخمس أو الزكاة التي تعلقت بأموال المكلف، وان تعلقت باعيان الأموال الا ان ما يلزم الدقة فيه أنها تعلقت بأموال الميت غير المرهونة أي ما كان للميت وتحت اختياره في حال الحياة، وأما اذا كانت مرهونة كما اذا كان له دار أو أرض مرهونة، فانه لا يتعلق هذه التكاليف بعينه، وفي الدين الشخصي كان أموال الشخص باعيانها مرهونة للدين، ولذا ليست تحت يد الورثة وإنما وظيفتهم ردها الى صاحبه، وعليه ففي فرض عدم وفاء المال الذي تركه الميت بالدين وغيره من الحج والخمس والزكاة، فانه ليس للميت عين مال مملوك له غير مرهون ليتعلق به هذه التكاليف بعد الموت كما تتعلق بذمته حال حياته، فان المتعلق لها بعد الموت بدل الذمة أعيان الأموال، ولكن الأعيان التي كانت حرة وكانت تحت اليد والقابل للتصرف ولو من ناحية الورثة، وأما مع الدين وقصور التركة ليس ما تركه الميت قابلاً لتعلقها لكونها مرهونة، ولذا لو كان للميت دين فانه لايجوز للورثة التصرف في الأموال الا بعد اذن الدائن أو تضمين الدين من ناحيتهم كما مر في الموثقة. ـ موثقة زرارة عن أبي جعفر (ع) ـ
اذا عرفت هذا:
فقد ظهر ان نفس مانعية الدين لتحقق الاستطاعة على ما مرَّ في بحث الاستطاعة انما تجري في المقام الثاني من البحث وهو صورة استقرار الحج ووجوب الاتيان بها مع الدين، حيث أنَّ الدين مانع عن تمكنه من الإتيان بالحج حتى مع استقراره عليه، لان المال الموجود عنده مرهون بالدين، وكذلك البحث في المقام الثالث وهو صورة موته بعد استقرار الحج عليه، وكونه مديوناً بدين الاشخاص، فان الدين انما يمنع عن جواز التصرف في المال الذي يستلزمه الاتيان بقضاء الحج.
وبالجملة:
ان الدين مانع عن التمكن العرفي للاتيان بالحج بلا فرق بين كونه مانعاً عن تحقق الاستطاعة أو مانعاً عن الاتيان بالحج بعد فرض الاستقرار.
وعليه فلا تصل النوبة الى التزاحم في المقام الاول أي مقام تحقق الاستطاعة كما التزم به السيد الخوئي، ولا في المقام الثاني أي استقرار الحج مع الدين في حياته كما التزم به السيد الخوئي (قدس سره) وقبله المحقق النائيني والسيد الاستاذ (قدس الله اسرارهم) ولا في المقام الثالث أي استقرار الحج مع الدين بعد مماته بمناط واحد وهو مانعية الدين عن التمكن الوجب للاتيان بالحج بالتقريب الذي عرفت.
وما أفاد وأبان من استقر عليه الحج لزمه الاتيان به ولو متسكعاً فهو تام لو لم يستلزم الحرج، وأما في صورة استلزامه الحرج فانما يسقط التكليف به وإن أثم بتركه الواجب في وقته، واذا استلزم الدين المنع عن الاتيان بالحج الغير المستلزم للحرج، فكان حكم المديون حكم ما لا يتمكن من الاتيان بالحج الا حرجياً.
نعم قد استثنينا في المقام الأول عن مانعية الدين صورة ما كان الدين غير معجل غير مطالب، وكان له التمكن من العرفاء به في وقته، وان ما صرفه في الحج لا يمنع عن هذا التمكن. ولكن هذا المعنى منتفي بالنسبة الى صورة الموت.
الا ان يقال:
انه لو كان دين الميت غير معجل وان لإدائه توقيت مشخص نظير ما يؤخذ من البنوك لشراء الدار أو المكان التجاري أو الشركات وكان يؤخذ الدين المذكور بالاقساط وكان للميت من المال ما يفي لدفعه، فان الدين المذكور لا يمنع عن الاتيان بالحج.
ولكنه يقال:
هذا خارج عن فرض المسألة، وإنما يرجع الى وفاء ما تركه الميت بالديون والحج وغيره من التكاليف الفائتة، كما انه يرجع الى صورة تضمين الورثة لإداء الدين، فانه في هذه الصورة جاز لهم التصرف فيما بقي عنده ولا يمنع الدين عن الإتيان بغيره.
فتحصل:
انه لا شبهة في فرض المسألة في تقدم الدين، ولكن لا من باب التزاحم وأهمية الدين أو كونه محتمل الاهمية، بل من جهة مانعيته عن التصرف في الاموال الباقية من المتوفي المرهونة به، وهذا بحسب القاعدة لولا قيام النص أو الإجماع على تقدم الحج، وقد عرفت انتفاء النص كما انه ليس في كلمات الاصحاب ادعاء الاجماع، بل المذكور في كلماتهم خلافه.
ثم إنَّ القول بالتوزيع بالحصص والتقسيم بالنسبة كما أفاده صاحب العروة (قدس سره) وهو المذكور في كلمات جمع، بل الاكثر فقد مر انه لا دليل عليه، بل هو ممنوع كبروياً وصغروياً.
فالوجه في المقام مانعية الدين عن الاتيان بغيره في فرض المسألة وانه يصير المديون كمن لا مال له لأداء الحج أو غيره من الواجبات المالية.
ولو سلم عدم مانعية الدين بالتقريب الذي اخترناه فالوجه التزاحم بين الدين والحج وتقدم الدين لأهميته.
ولا وجه للالتزام بالتوزيع بالحصص. الا ان تقوم الشهرة من قدماء الأصحاب على ذلك الكاشف عن تلقي الحكم من أصحاب الائمة واشتهار الحكم بينهم، وهذا غير ثابت عندنا الى الحال لأن المسألة غير مذكورة في كثير من كتبهم.