بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه بیست و نهم
الاشكال الرابع علي استصحاب عدم الجعل.
ما اورده المحقق النراقي علي نفسه:
وهو انه يعتبر في الاستصحاب اتصال زمان الشك بزمان اليقين لقوله (ع) «لأنك كنت علي يقين من طهارتك فشككت...» فإن الفاء يدل علي التعقيب واتصال الشك باليقين، ولازم ذلك عدم جريان استصحاب عدم الجعل، لأن الشك في حرمة الوطيء بعد انقطاع الدم متصل باليقين بالحرمة، فلا مجال لجريان استصحاب عدم جعل الحرمة بالنسبة الي ما بعد الانقطاع.
وأجاب عنه:
بأن اليقين بعدم الحرمة ـ بالنسبة الي ما بعد الانقطاع ـ لم ينتقض باليقين بالحرمة.
نعم. اليقين بعدم الحرمة ـ بالنسبة الي زمان وجود الدم ـ قد انتقض باليقين بالحرمة، وأما اليقين بعدم الحرمة بالنسبة الي ما بعد الانقطاع فهو باق بحاله حتي بعد اليقين بالحرمة حال رؤية الدم، فالشك في الحرمة متصل باليقين بعدم الحرمة، فلا مانع من جريان استصحاب عدم جعل الحرمة بالنسبة الي ما بعد الانقطاع.
واعترض عليه المحقق النائيني قدس سره:
بأنه لا يعتبر اتصال زمان الشك باليقين، وإنما المعتبر اتصال زمان المشكوك فيه بالمتيقن، وفي استصحاب عدم الجعل ليس المشكوك فيه متصلاً بالمتيقن، لفصل المتيقن الآخر بينهما، فإن المتيقن الاول هو عدم الحرمة، والمتيقن الثاني هو الحرمة والمشكوك فيه متصل بالمتيقن الثاني دون الأول، فيجري الاستصحاب في الحرمة دون عدمها، نظير ما اذا علمنا بعدم نجاسة شئٍ ثم علمنا بنجاسته ثم شككنا في نجاسته، فلا مجال لجريان استصحاب عدم النجاسة، لانفصال زمان المشكوك فيه عن المتيقن، ويجري استصحاب النجاسة بلا معارض.».
وأفاد السيد الخوئي قدس سره في مقام الايراد عليه
«اقول:
اما ذكره من جهة الكبري وهو عدم اعتبار اتصال زمان نفس الشك بزمان اليقين نفسه ، فهو حق كما ذكره ، فانا لو علمنا بعدالة زيد مثلا ثم غفلنا عنها يوما أو أزيد ، ثم شككنا في بقائها ، فلا إشكال في جريان الاستصحاب مع عدم اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، بل يمكن جريان الاستصحاب مع وحدة زمان الشك واليقين على ما ذكرنا سابقا في بيان الفرق بين موارد الاستصحاب وقاعدة اليقين ، فالمعتبر هو اتصال زمان المشكوك فيه بالمتيقن لا اتصال زمان الشك باليقين .
وأما ما ذكره من حيث الصغرى ، فيرد عليه :
أن زمان المشكوك فيه متصل بزمان المتيقن في المقام ، لان لنا شكا ويقينين ، والمشكوك فيه متصل بكلا المتيقنين لا بأحدهما فقط ، لان اليقين بعدم جعل الحرمة واليقين بالحرمة مجتمعان معا في زمان واحد ، فلنا يقين بعدم جعل الحرمة لما بعد الانقطاع في زمان ، ويقين بالحرمة حال رؤية الدم ، وشك في الحرمة بعد الانقطاع ، ومن المعلوم أن اليقين بالحرمة حال روية الدم لا يوجب نقض اليقين بعدم جعل الحرمة لما بعد الانقطاع . وهذا هو مراد الفاضل النراقي بقوله : إن اليقين بعدم الحرمة لم ينتقض باليقين بالحرمة»[1] .
ويمكن ان يقال:
ان المشكوك فيه في المقام وهو الحكم بالحرمة في المثال لا يتصل بكلا اليقينين، بل متصل باليقين بالحرمة قبل انقطاع الدم، وأما اليقين بعدم جعل الحرمة قبل حدوث الحيض فهو انما ينتقض باليقين بالحرمة بعد حدوثه، وأما بعد انقطاع الدم فالمفروض انه ليس لنا يقين بعدم جعل الحرمة قبل الاغتسال، بل انما يشك في جعلها وعدمه ولذلك تمسك المحقق النراقي باستصحاب عدم جعل الحرمة وموضوعه الشك في الجعل دون اليقين بجعل الحرمة.
ولا شبهة في ان زمان المشكوك في المقام وهو بين انقطاع الدم والاغسال لا اتصال له بزمان المتيقن المراد منه عدم جعل الحرمة، بل هو متصل بزمان اليقين بالحرمة في الظرف الزماني بين رؤية الدم وانقطاعه، ولا يمكن تصوير اتصال بين زمان المشكوك وزمان اليقين بعدم جعل الحرمة لفرض انتقاض هذا اليقين.
نعم، لنا يقين بعدم جعل الحرمة بعد الاغتسال ولكنه ليس مفروض البحث فيه.
فما افاده قدس سره بأن لنا شكاً ويقينين والمشكوك فيه متصل بكلا اليقينين لا بأحدهما. لا يمكن تصويره بعد التزامه باعتبار اتصال زمان المشكوك بزمان المتيقن.
واليقين بالحرمة حال رؤية الدم يوجب نقض اليقين بعدم جعل الحرمة، ولا معني لتصوير اتصال زمان المشكوك وهو عدم جعل الحرمة في الزمان الواقع بين الانقطاع و الاغتسال.
نعم لنا اليقين بعدم جعل الحرمة بعد الاغتسال ولكن ذلك ليس من جهة اتصال زمانه، بل الموضوع المبحوث فيه اي المشكوك فيه وهو ما بين انقطاع الدم والاغتسال لا اتصال له بزمان عدم الجعل كما قرره المحقق النائيني قدس سره، وأنه يجري هنا استصحاب حرمه الوطيء بلا معارض.
[1] البهسودي، مصباح الاصول تقرير البحث السيد الخوئي، ج3، ص40ـ41.