English | فارسی
یکشنبه 17 آذر 1398
تعداد بازدید: 1035
تعداد نظرات: 0

تنبیهات الاستصحاب/ التنبیه السادس / جلسه سی و نهم

صوت درس:

بسم الله الرحمن الرحيم

جلسه سی و نهم

 

ثم قرر المحقق النائینی قدس سره:

 وأما الشك في بقاء الحكم الكلي: فهو يتصور على أحد وجوه ثلاثه:

الأول:

الشك في بقائه من جهة احتمال النسخ، كما إذا شك في نسخ الحكم الكلي المجعول على موضوعه المقدر وجوده، فيستصحب بقاء الحكم الكلي المترتب على الموضوع أو بقاء سببية الموضوع للحكم، على القولين في أن المجعول الشرعي هل هو نفس الحكم الشرعي؟ أو سببية الموضوع للحكم؟ وقد تقدم تفصيل ذلك في الأحكام الوضعية.

وعلى كلا الوجهين المستصحب إنما هو المجعول الشرعي والمنشأ الأزلي قبل وجود الموضوع خارجا إذا فرض الشك في بقائه وارتفاعه لأجل الشك في النسخ وعدمه، ولا إشكال أيضا في جريان استصحاب بقاء الحكم على موضوعه وعدم نسخه عنه. ونظير استصحاب بقاء الحكم عند الشك في النسخ استصحاب الملكية المنشأة في العقود العهدية التعليقية، كعقد الجعالة والسبق والرماية، فان ملكية العوض المنشأة في هذه العقود غير الملكية المنشأة في عقد البيع والصلح، إذ العاقد في عقد البيع والصلح إنما ينشأ الملكية المنجزة.

 وأما في العقود التعليقية: فالعقد ينشأ الملكية على تقدير خاص، كرد الضالة في عقد الجعالة وتحقق السبق وإصابة الرمي في عقد السبق والرماية، فكانت الملكية المنشأة في هذه العقود تشبه الاحكام المنشأة على موضوعاتها المقدرة وجودها.

فلو شك في كون عقد السبق والرماية من العقود اللازمة التي لا تنفسخ بفسخ أحد المتعاقدين أو من العقود الجايزة التي تنفسخ بفسخ أحدهما يجري استصحاب بقاء الملكية المنشأة إذا فسخ أحد المتعاقدين في الأثناء قبل تحقق السبق وإصابة الرمي، كما يجري استصحاب بقاء الملكية المنشأة في العقود التنجيزية إذا شك في لزومها وجوازها.

وقد منع الشيخ قدس سره  في مبحث الخيارات من المكاسب عن جريان الاستصحاب في العقود التعليقية، مع أنه من القائلين بصحة الاستصحاب التعليقي في مثل العنب والزبيب، ويا ليته ! عكس الامر واختار المنع عن جريان الاستصحاب التعليقي في مثال العنب والزبيب والصحة في استصحاب الملكية المنشأة في العقود التعليقية، فلان حال الملكية المنشأة فيها حال الاحكام المنشأة على موضوعاتها  وكما يصح استصحاب عند الشك في نسخه ولو قبل فعليته بوجود الموضوع خارجاً  كذلك يصح استصحاب بقاء الملكية المعلقة عند الشك في بقائها ولو قبل فعليتها بتحقق السبق وإصابة الرمي خارجا.

الوجه الثاني:

الشك في بقاء الحكم الكلي على موضوعه المقدر وجوده عند فرض تغير بعض حالات الموضوع، كما لو شك في بقاء النجاسة في الماء المتغير الذي زال عنه التغير من قبل نفسه، ولا إشكال في جريان استصحاب بقاء الحكم في هذا الوجه أيضا، وهذا القسم من استصحاب الحكم الكلي هو الذي تعم به البلوى ويحتاج إليه المجتهد في الشبهات الحكمية ولا حظ للمقلد فيها.

 والفرق بين هذا الوجه من الاستصحاب الكلي والوجه الأول، هو أنه في الوجه الأول لا يتوقف حصول الشك في بقاء الحكم الكلي على فرض وجود الموضوع خارجا وتبدل بعض حالاته، لأن الشك في الوجه الأول إنما كان في نسخ الحكم وعدمه، ونسخ الحكم عن موضوعه لا يتوقف على فرض وجود الموضوع.

وأما الشك في بقاء الحكم الكلي في الوجه الثاني: فهو لا يمكن إلا بعد فرض وجود الموضوع خارجا وتبدل بعض حالاته، بداهة أنه لولا فرض وجود الماء المتغير بالنجاسة والزائل عنه الغير لا يعقل الشك في بقاء نجاسته، فلابد من فرض وجود الموضوع ليمكن حصول الشك في بقاء حكمه عند فرض تبدل بعض حالاته.

 نعم:

لا يتوقف الشك فيه على فعلية وجود الموضوع خارجا، فان فعلية وجود الموضوع إنما يتوقف عليه حصول الشك في بقاء الحكم الجزئي، وأما الشك في بقاء الحكم الكلي: فيكفي فيه فرض وجود الموضوع وتبدل بعض حالاته.

فهذا الوجه يشارك الوجه الأول من جهة وهي كون المستصحب فيه حكما كليا، ويفارقه من جهة أخرى وهي توقف حصول الشك فيه على فرض وجود الموضوع، بخلاف الوجه الأول.

نعم:

المستصحب في كل منهما لا يخلو عن نحو من التقدير والتعليق، فان المستصحب عند الشك في النسخ هو الحكم الكلي المعلق على موضوعه المقدر وجوده عند إنشائه وإن كان لا يحتاج إلى تقدير وجود الموضوع عند نسخه واستصحابه.

 والمستصحب في غير الشك في النسخ هو الحكم الفعلي على فرض وجود الموضوع وتبدل بعض حالاته، فيحتاج إلى تقدير وجود الموضوع عند استصحابه وعلى كل حال: لا مجال للتأمل في صحة الاستصحاب عند الشك في بقاء الحكم الكلي في كل من الوجهين.

الوجه الثالث:

من الوجه المتصورة في الشك في بقاء الحكم الكلي، هو الشك في بقاء الحكم المرتب على موضوع مركب من جزئين عند فرض وجود أحد جزئيه وتبدل بعض حالاته قبل فرض وجود الجزء الآخر.

كما إذا شك في بقاء الحرمة والنجاسة المترتبة على العنب على تقدير الغليان عند فرض وجود العنب وتبدله إلى الزبيب قبل غليانه،فيستصحب بقاء النجاسة والحرمة للعنب على تقدير الغليان، ويترتب عليه نجاسة الزبيب عند غليانه إذا فرض أن وصف العنبية والزبيبية من حالات الموضوع لا أركانه، وهذا القسم من الاستصحاب هو المصطلح عليه بالاستصحاب التعليقي.

 وبعبارة أوضح:

 نعني بالاستصحاب التعليقي استصحاب الحكم الثابت على الموضوع بشرط بعض ما يلحقه من التقادير فيستصحب الحكم بعد فرض وجود المشروط وتبدل بعض حالاته قبل وجود الشرط، كاستصحاب بقاء حرمة العنب عند صيرورته زبيبا قبل فرض غليانه.

وفي جريان استصحاب الحكم في هذا الوجه وعدم جريانه قولان،

أقواهما: عدم الجريان.

لان الحكم المترتب على الموضوع المركب إنما يكون وجوده وتقرره بوجود الموضوع بما له من الاجزاء والشرائط، لان نسبة الموضوع إلى الحكم نسبة العلة إلى المعلول، ولا يعقل أن يتقدم الحكم على موضوعه، والموضوع للنجاسة والحرمة في مثال العنب إنما يكون مركبا من جزئين، العنب والغليان من غير فرق بين أخذ الغليان وصفا للعنب، كقوله: العنب المغلي يحرم وينجس، أو أخذه شرطا له كقوله: العنب إذا غلى يحرم وينجس، لان الشرط يرجع إلى الموضوع ويكون من قيوده لا محالة، فقبل فرض غليان العنب لا يمكن فرض وجود الحكم، ومع عدم فرض وجود الحكم لا معنى لاستصحاب بقائه، لما تقدم: من أنه يعتبر في الاستصحاب الوجودي أن يكون للمستصحب نحو وجود وتقرر في الوعاء المناسب له، فوجود أحد جزئي الموضوع المركب كعدمه لا يترتب عليه الحكم الشرعي ما لم ينضم إليه الجزء الآخر.

نعم:

الأثر المترتب على أحد جزئي المركب هو أنه لو انضم إليه الجزء الآخر لترتب عليه الأثر، وهذا المعنى مع أنه عقلي مقطوع البقاء في كل مركب وجد أحد جزئيه، فلا معنى لاستصحابه، وقد تقدم في مبحث الأقل والأكثر: أنه لا يمكن استصحاب الصحة التأهلية لجزء المركب عند احتمال طرو القاطع أو المانع، لان الصحة التأهلية مما لا شك في بقائها، فإنها عبارة عن كون الجزء على وجه لو انضم إله الجزء الآخر لترتب عليه الأثر.

ففي ما نحن فيه ليس للعنب المجرد من الغليان أثر إلا كونه لو انضم إليه الغليان لثبتت حرمته وعرضت عليه النجاسة، وهذا المعنى مما لا شك في بقائه، فلا معنى لاستصحابه.

وحاصل الكلام:

أن الشك في بقاء الحرمة والنجاسة المحمولين على العنب المغلي إنما يمكن بوجهين - أحدهما: الشك في رفع الحرمة والنجاسة عنه بالنسخ.

ثانيهما: الشك في بقاء الحرمة والنجاسة عند تبدل بعض الحالات بعد فرض وجود العنب المغلي بكلا جزئيه، كما إذا شك في بقائهما عند ذهاب ثلثه. ولا إشكال في استصحاب بقاء الحرمة والنجاسة للعنب في كل من الوجهين، كما تقدم. وليس هذا مراد القائل بالاستصحاب التعليقي.

ونحن لا نتصور للشك في بقاء النجاسة والحرمة للعنب المغلي وجها آخر غير الوجهين المتقدمين.

فالاستصحاب التعليقي بمعنى لا يرجع إلى استصحاب عدم النسخ ولا إلى استصحاب الحكم عند فرض وجود الموضوع بجميع أجزائه وقيوده وتبدل بعض حالاته، مما لا أساس له ولا يرجع إلى معنى محصل.

وما يقال:

من أنه يمكن فرض بقاء النجاسة والحرمة في المثال بوجه آخر لا يرجع إلى الوجهين السابقين، بتقريب: أن العنب قبل غليانه وإن لم يكن معروضا للحرمة والنجاسة الفعلية لعدم تحقق شرط الموضوع، إلا أنه معروض للحرمة والنجاسة التقديرية، لأنه يصدق على العنب عند وجوده قبل غليانه أنه حرام ونجس على تقدير الغليان، فالحرمة والنجاسة التقديرية ثابتتان للعنب قبل غليانه، فيشك في بقاء النجاسة والحرمة التقديرية عند صيرورة العنب زبيباً  بعدما كان عنوان العنبية والزبيبية من حالات الموضوع لا من مقوماته، فعدم حصول الغليان إنما يمنع عن الشك في بقاء الحرمة والنجاسة الفعلية واستصحابهما، لا عن الشك في بقاء الحرمة والنجاسة التقديرية واستصحابهما.

فهو واضح الفساد:

فان الحرمة والنجاسة الفرضية التقديرية لا معنى لاستصحابهما، إذ ليست الحرمة والنجاسة الفرضية في العنب الغير المغلي إلا عبارة عن  أن العنب لو انضم إليه الغليان لترتبت عليه النجاسة والحرمة  وهذه القضية التعليقية  مضافا إلى أنها عقلية لأنها لازم جعل الحكم على الموضوع المركب الذي وجد أحد جزئيه  مقطوعة البقاء لا معنى لاستصحابها، كما تقدم وأما حديث كون عنوان العنب والزبيب من حالات الموضوع لا مقوماته فهو أجنبي عما نحن بصدده، فإن اعتبار كون الخصوصية المنتفية من الحالات لا المقومات إنما هو في مرحلة الحكم ببقاء المتيقن بعد الفراغ عن ثبوته وحدوثه.

والكلام في المقام إنما هو في مرحلة الثبوت والحدوث، لما عرفت: من أنه لم يحدث الحكم المترتب على الموضوع المركب إلا بعد وجود جميع أجزائه، والعنب قبل الغليان جزء الموضوع فلم تحدث فيه النجاسة والحرمة حتى يقال: إن خصوصية العنبية والزبيبية من الحالات لا المقومات.

وبعبارة أوضح:

حديث أخذ الموضوع من العرف واتحاد القضية المشكوكة للقضية المتيقنة إنما هو باعتبار مفاد أخبار الاستصحاب، يعني أن المشكوك فيه في قوله - عليه السلام - " لا تنقض اليقين بالشك " لابد وأن يكون متحدا مع المتيقن السابق اتحادا عرفيا، لا عقليا. وليس معنى أخذ الموضوع من العرف أخذ موضوع الدليل الذي رتب الحكم فيه على الموضوع من العرف، فإنه لو كان المراد منه ذلك لكان ثبوت الحكم على الموضوع الذي تبدل بعض حالاته مما يفيده نفس دليل الحكم، ولا يبقى موقع لاثباته بالاستصحاب.

کلیه حقوق این سایت متعلق به دفتر حضرت آیت الله علوی بروجردی می باشد. (1403)
دی ان ان