بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهل و چهارم
و افاد السيد الخوئی (قدس سره) فی المقام فی ذيل قول صاحب العروة:
(فالظاهر هو کونها للورثة و لايجب صرفها فی وجوه البر عن الميت).
« لأن المانع عن الانتقال إلى الوارث هو الحج والمفروض عدم امكان الحج به فلا مانع وينتقل ما ترك إلى الوراث حسب الاطلاقات ولا يقاس الحج بالدين لأنه انحلالي غير ارتباطي بخلاف الحج فإنه واجب ارتباطي لا يمكن فيه التبعيض . ولا دليل على وجوب التصدق بالمال المتروك إذا لم يف المال للحج.
نعم: ورد النص بالتصدق في باب الوصية ولكنه ضعيف السند مضافا إلى أنه مختص بمورد الوصية ولا يشمل المقام والحكم في باب الوصية لزوم الصرف في وجوه البر إذا تعذر العمل بها لأن الوصية بنفسها تقتضي صرف المال بعد تعذر صرفه في الجهة المعينة من قبل الميت في جهات أخر الأقرب فالأقرب إلى غرضه فإن الوصية تمنع من انتقال المال إلى الورثة وتوجب بقاء المال على ملك الميت فلا بد من صرفه في شؤونه وجهاته .
وبعبارة أخرى:
إذا تعذر ما عينه الميت لا يوجب انتقال المال إلى الورثة لأن غرض الميت ايصال الثواب إلى نفسه غاية الأمر عين مصرفا خاصا لذلك ولو تعذر ذلك ينتقل الأمر إلى نحو آخر من ايصال الثواب .
فمرجع الوصية في أمثال هذه الموارد تنحل إلى أمرين وتكون على نحو تعدد المطلوب حسب المتفاهم العرفي والقرينة العامة فلو تعذر أحدهما يتعين الآخر كما هو الحال في غير المقام من موارد الوصية . كما إذا أوصى بصرف المال في بناء حسينية أو مدرسة دينية أو إقامة التعزية في بلد معين وتعذر ذلك لا ينتقل المال إلى الورثة بل يصرف في الأقرب فالأقرب.
وهكذا الحال في الوصية بالحج إذا لم يف المال للتمتع يصرف في الافراد لأنه أقل مصرفا من التمتع وإن لم يف له أيضا يصرف في سائر وجوه البر من التصدق ونحوه مما هو أقرب إلى غرض الميت وهذا بخلاف الحج الثابت في ذمة الميت الذي فرض عدم الوصية به فإنه لو لم يف المال له فلا مانع من انتقال المال إلى الورثة حسب العمومات ولا دليل على الاستثناء .
وإما إذا لم يكن العمل بالوصية كليا فيدخل المقام في كبرى أن المال لا يمكن ايصاله إلى مالكه فيعامل معه معاملة مجهول المالك من التصدق ونحوه.
فتحصل:
أن الحج الواجب على الميت لو تعذر الاتيان به لعدم وفاء المال له ينتقل المال إلى الورثة لأن المانع عنه كان هو الحج والمفروض عدم امكان الاتيان به فيدخل في عمومات الإرث.
وهذا بخلاف باب الوصية سواء كانت على نحو تعدد المطلوب أو وحدته فإنه لو تعذر العمل بها يصرف المال في وجوه أخر ولا ينتقل إلى الورثة لأن المستثنى من الإرث نفس الوصية لا الموصى به والمال باق على ملك الميت فإن أمكن الايصال إليه بصرفه في الجهات المعينة أو القريبة إلى غرضه فهو وإلا يعامل معه معاملة مجهول المالك.
وأما ما ذكره المصنف وغيره:
من صرف المال في التصدق ابتداءا بمجرد تعذر الحج للخبر المتقدم فهو لا ينطبق عليه الخبر المذكور لأن المستفاد منه الحج من مكة الذي هو أقل مصرفا من حج التمتع وإن لم يتمكن من ذلك فيتصدق به»[1].
هذا ما افاده السيد الخوئی (قدس سره) و هو منبی علی ما التزم به من ان مع عدم التمکن من حج التمتع من جهة قصور الترکة فانه يلزمه الاتيان بالأفراد و هذا قد مرَّت المناقشة فيه.
هذا ثم انه افاد المحقق النائينی (قدس سره) فی ذيل قول صاحب العروة: لکن الأحوط التصدق عنه:
« مفاد هذه الرواية هو أنه لو أوصى بما لا يمكن صرف تركته فيه يتصدق بها والقاعدة أيضا تنطبق على ذلك ولا مساس لها بما إذا لم تكن في البين وصية وكانت ذمة الميت مشغولة بذلك ولا موجب لهذا الاحتياط»[2].
و افاد السيد البروجردی:
« هذا الخبر إنما يدل على جواز التصدق بما أوصى به للحج وهو لا يفي به والأقوى في مثله هو صرفه في وجوه البر التي منها التصدق به كما في الخبر بخلاف ما نحن فيه فإن استحقاق الميت لأن يحج عنه لا يمكن تعلقه بمال لا يفي به»[3].
وافاد السيد الخوانساري:
«حيث كان الحكم على خلاف القاعدة في صورة عدم وفاء التركة بالحج، فيقتصر في التصدق على مورده وهو صورة الايصاء بالحج.» [4]
وافاد السيد الاصفهاني:
«الخبر وارد في الوصية بالحج بمال لا يفي به والعمل به في مورده هو الأقوى ولا يقاس به ما إذا كان عليه حجة الإسلام ولم تف تركة الميت بها»[5]
ويمكن أن يقال:
ان الرواية وان كانت معتبرة عندنا بما مر الا ان ما افاده الاعلام والسيد الخوئي (قدس الله اسرارهم) من افتراق باب الوصية مع المورد وان الرواية مدلولها جواز الصدقة في مورد الوصية. تام لا مناقشة فيه.
بل ان انتقال المال الى الورثة في مثل المقام هو مقتضى القاعدة كما مرَّ في كلام السيد الخوئي (قدس سره).
ثم إنه أفاد المحقق العراقي (قدس سره) في ذيل قول صاحب العروة: (نعم، لو احتمل كفايتها للحج بعد ذلك أو وجود مبترع بدفع التتمة لمصرف الحج وجب ابقاءها)
«لا مجال لاستصحاب عدم المتبرع لدفع البقية أو بقائه على عدم الكفاية لأن مثل هذه العناوين ملازمات لعدم القدرة على صرف المال في حجه ولازمه حينئذ حكم العقل بوجوب الإبقاء كما هو الشأن في كلية القدرة العقلية على امتثال التكاليف»[6]
وافاد السيد الخوئي في حاشيته:
«الظاهر عدم الوجوب لكن لو تحقق بعد ذلك كفايتها او وجود متبرع بدفع التتمة كان ضماناً لما أتلفه.» [7]
[1] . السيد الخوئي، مستند العروة الوثقى، كتاب الحج، ج1، شرح ص 316.
[2] السيد اليزدي، العروة الوثقى، ج4، ص462.
[3] السيد اليزدي، العروة الوثقى، ج4، ص462.
[4] .السيد اليزدي، العروة الوثقى، ج4، ص461.
[5] .السيد اليزدي، العروة الوثقى، ج4، ص461.
[6] . السيد اليزدي، العروة الوثقى، ج4، ص 462.
[7] . السيد اليزدي، العروة الوثقى، ج4، ص 462.