بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هفتاد و چهارم
قال صاحب العروة:
«(مسألة 97): الظاهر وجوب المبادرة إلى الاستيجار في سنة الموت.
خصوصاً إذا كان الفوت عن تقصير من الميّت.
و حينئذٍ فلو لم يمكن إلّا من البلد وجب و خرج من الأصل.
و لا يجوز التأخير إلى السنة الأُخرى و لو مع العلم بإمكان الاستيجار من الميقات توفيراً على الورثة.
كما أنّه لو لم يمكن من الميقات إلّا بأزيد من الأُجرة المتعارفة في سنة الموت وجب، و لا يجوز التأخير إلى السنة الأُخرى توفيراً عليهم[1].
قال السید الحکیم:
«كما في كشف الغطاء. و الظاهر أنه مفروغ عنه عندهم، لأنه دين- كما في النص- فيجري عليه حكمه، من وجوب المبادرة إلى أدائه، عملا بقاعدة السلطنة و للنصوص المتضمنة: أن حبس الحقوق من الكبائر.
أو لأن اللام في قوله تعالى: (وَ لِلّٰهِ عَلَى النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ..) لام الملك، فيكون الحج مملوكاً له تعالى، فيكون ديناً حقيقة، فيجب أداؤه، كما عرفت.
أو لأن ما دل على وجوب المبادرة إليه في حال الحياة يدل عليها بعد الوفاة أيضاً، لأن ما يفعله النائب هو ما يجب على المنوب عنه بماله من الاحكام. فتأمل»[2].
وافاد فی توجیه قول صاحب العروة: « خصوصاً اذا کان الفوت عن تقصیر من المیت.»
«كأن وجه الخصوصية: أن المبادرة حينئذ تكون منجزة على المنوب عنه فتكون من أحكامه الفعلية لا الاقتضائية.»[3]
وافاد السید الخوئی (قدس سره)
« و ذلك لان المال باق على ملك الميت و هو أمانة شرعية بيد الورثة أو الوصي و لا يجوز فيه التصرف أو إبقائه إلا بدليل، فالواجب صرفه في الحج في أول أزمنة الإمكان.
و أما وجه الخصوصية بفرض التقصير:
فهو لأجل رفع العقاب عن الميت لأنه إذا قصر في إتيان الحج يعاقب فإذا بادر إلى الاستئجار يرتفع العقاب عنه.
و بالجملة: لو وجب المبادرة إلى الاستئجار ففي صورة التقصير اولى بالوجوب.
و مما ذكرنا ظهر انه ليس للوصي أو الورثة تأخير الاستيجار توفيرا للورثة و جلبا لمنفعتهم بل تجب المبادرة و لو استلزم زيادة الأجرة[4].
وافاد المحقق العراقی (قدس سره) فی حاشیته فی ذیل قول صاحب العروة:
(الظاهر وجوب المبادرة الی الاستیجار فی سنة الموت ....)
« مع عدم انصراف كلام الموصي إلى الفوريّة في وجوب المبادرة نظر و وجوب أداء الدين الجامع بين الأقلّ و الأكثر لا يقتضي لزوم المبادرة إلى الأكثر و إلى هذه الجهة أشرنا في الحاشية السابقة.
نعم لو قلنا بفوريّة الحجّ على الميّت نظير زمان حياته أمكن المصير إلى ما أفيد لكن في ثبوت الفوريّة في زمان حياته فضلًا عن بعد مماته نظر جدّاً كما أشرنا إليه في الحاشية السابقة»[5]
ونظره فی الحاشیة السابقة ما افاده فی ذیل مسألة 91:
« و يحتمل كون المدار على أقرب الأماكن و البلدان إلى الميقات لأنّه المتيقن من صرف المال في الوصيّة بعد الجزم بعدم وجوب الاحتياط في المقام لمكان الضرر بل الحرج خصوصاً مع وجود الصغار في الورثة الموجب لمراعاة حقوقهم مهما أمكن في التركة.»[6]
وافاد السید الخوانساری فی ذیل قول الماتن فی المقام:
«فیه تأمل»[7]
وأفاد السید الشیرازي فی ذیل قوله: (كما أنّه لو لم يمكن من الميقات إلّا بأزيد من الأُجرة المتعارفة في سنة الموت وجب[8].
«ما لم یکن مجحفاً »[9].
ويمکن أنْ يقال:
انه قد مرَّ الکلام حول وجوب الحج، انه ليس لنا دليل علی وجوب الفورية في الحج بعنوانها وان القول بکون الحج واجباً في السنة الاولی من الاستطاعة ومع العصيان يجب في السنة الثانية بدلاً عن السنة الاولی وهکذا لا مثبت له في النصوص.
بل ان الحج واجب موسع يجب للمکلف المستطيع الاتيان به مرة واحدة في عمره، وفي کل سنة بعد حصول الاستطاعة أتی به کفی وتفرغ ذمته.
نعم يحسن الفورية فيه، بل ان مقتضی النصوص کونها أفضل نظير الاتيان بالصلاة الموسع وقتها في أول الوقت.
بل کان النظر الی فضل التعجيل في النصوص أکثر لأن الانسان في معرض الحوادث وربما يعرض له ما يمنع عن الإتيان به کموت أو مرض أو فقر.
ولکن مع ذلك لا يثبت العصيان في تأخيره عن سنة الاستطاعة کما انّه قد مرَّ ان مع عدم الاتيان بالحج في سنة الاستطاعة لعذر موجه أو غير موجه لزمه حفظ استطاعته.
ولکن هذا اللزوم ليس وجوباً تعبدياً مستلزماً للعصيان عند التخلف بل وجوب ارشادي ورد في مقام التحفظ علی التمکن من الاتيان به، ولکن لو فرض کونه قادراً علی الإتيان بالحج لتمکنه من مال آخر قوة أو فعلاً فانه ليس التحفظ علی المال الموجود واجباً تعبدياً لعدم کونه مقدمة منحصره، بل کان من قبيل ما کان الواجب مما يمکن الاتيان به بمقدمات متعددة ومختلفة وترك مقدمة لا يوجب سلب القدرة علی الاتيان بالواجب.
فان الوجوب في المقدمة انما يستقر اذا کان ترکها مستلزماً لترک ذي المقدمة.
وبالجملة: ان تأخير واجب الحج عن سنة الاستطاعة لا يستلزم عصياناً بعنوانه خصوصاً اذا کان عن عذر عقلائي.
وکذا ان التحفظ علی الاستطاعة انما يجب لمن لا يتوقع له حصولها في السنة القابلة عقلائياً.
ولذا لو صرف مؤونة الحج في مصرف آخر کبيع دار أو أرض فلا تکون المعاملة باطلة ولا يکون التصرف فيه تصرفاً عدوانياً. وذلک لان واجب الحج في حال الحياة لا يتعلق بنفس أعيان المال کالخمس، بل انما يتعلق بالذمة کما مرَّ عن المحقق النائيني (قدس سره).
واما بعد الموت فان الواجب يتعلق بأموال من استقر عليه الحج ولم يأت وأما في صورة الوصية فانها تتعلق بالميت، وکان التصدي لصرف للحج للوصي. فالمال امانة الغير عند الوصي، ويلزمه صرفه لما أراده الموصي.
ففي الصورتين کان المال متعلقاً بالغير ويلزم رد مال الغير عاجلاً وعليه فيلزم المبادرة اليه عاجلاً.
ولکن الحکم بالفورية في المقام ليس الزاماً تعبدياً يستلزم العصيان بمخالفته بأي وجه.
فاذا فرض عدم حصول ولي الميت أو وصيه علی النائب المعتمد أو العارف باحکام الحج فله التأخير لتحصيله الی السنة القادمة، أو لو کان الواجب الحج الميقاتي ولا يمکنه الاتيان به عاجلاً، بل لو أراد الفورية يلزمه الاتيان بالحج البلدي مع کونه أکثر مؤونة ويلزم أخذ الزائد من الورثة أو من غير الحج من مصارف الثلث فانه يشکل جداً الالتزام بوجوب الفورية کما أفاده المحقق العراقي.
نعم: مع الامکان وعدم المانع عقلائياً يلزم تفريغ ذمة الميت عاجلاً مهما أمکن، والتأکيد علی الفورية هنا أکد من الفورية حال الحياة لأنه رد لمال الغير ولا يجوز التأخير فيه بلا عذر شرعي أو عقلائي.
[1] السيد اليزدي، العروة الوثقى (المحشى)، ج4، ص: 468.
[2] . السيد الحكيم، مستمسك العروة الوثقى، ج10، ص270- 271.
[3] . السيد الحكيم، مستمسك العروة الوثقى، ج10، ص: 271.
[4] السيد الخوئي، معتمد العروة الوثقى، ج1، ص: 330.
[5] . السيد اليزدي، العروة الوثقى (المحشى)، ج4، ص: 468.
[6] .السيد اليزدي، العروة الوثقى (المحشى)، ج4، ص: 466.
[7] . السيد اليزدي، العروة الوثقى (المحشى)، ج4، ص: 468.
[8]. السيد اليزدي، العروة الوثقى (المحشى)، ج4، ص: 468.
[9] . السيد اليزدي، العروة الوثقى (المحشى)، ج4، ص: 468.