بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هشتاد و دوم
ويمکن ان يقال:
ان وظيفه کل شخص مکلف الاتيان بتکاليفه الشرعية عن اجتهاد او تقليد ومعناه انه يلزم ان يکون عمله مستنداً الی حجة فعلية بالنسبة اليه.
وهذا في التکاليف المتعلقة به باصل الشرع واضح لا کلام فيه.
واما اذا وجب عليه الاتيان بها لا باصل الشرع، بل بمقتضی الولاية عن الميت کما في الوارث حيث يجب عليه اخراج الحج والواجبات المالية ودين الاشخاص عن اموال الميت التی کانت تحت يده وکانت ذمة الميت مشغولة بها مما يتعلق التکليف فيها بعد الموت باموال الميت.
او بالوصاية، بان يکون وصاياً لميت في العمل بما اوصی به.
او نائباً، بان يجب عليه الاتيان بفعل نيابة عن الميت، فان في جميع هذه الموارد يلزمه العمل مستنداً الی الحجة، والحجة التی يلزم الاستناد بها هي الحجة الفعلية بالنسبة اليه، دون الحجة بالنسبة الی غيره.
والحجة الفعليه بالنسبة الی الوارث اي ولي الميت، والوصی والنائب هو ما يصل اليها نفسه عن اجتهاد او تقليد.
ومعه فلا عبرة بتقليد الميت او اجتهاده، لان العامل بالفعل هو الوصي والولي والنائب، والواجب عليه الاتيان بالعمل صحيحاً ولا نصف العمل بالصحة الا اذا کان مستنداً الی حجة فعلية، وما لا يکون صحيحاً بنظره بل يکون باطلاً، فانه لا يوجب تفريغ ذمته عما اشتعلت بها بمقتضی الولاية او الوصاية او النيابة.
وعليه، فان المدار علی تقليد الوارث والوصی دون الميت خلافاً لما افاده صاحب العروة قدس سره بلا فرق في ذلک بين اختلاف الميت معهما في اصل وجوب الحج کما في اعتبار الرجوع الی الکفاية في ثبوت الاستطاعة، او في کيفية الحج کاعتبار البلدية والميقاتية.
واما ما افاده السيد الخوئي قدس سره في المقام في خصوص الوصي:
بان الوصية نافذة بالنسبة الی الثلث ويجب علی الوصي تنفيذها حسب وصية الميت ونظره ولا اثر لنظر الوصي.
ان المال مال الميت، لان بالوصية بقي الثلث من امواله في ملکه ولا يخرج عن ملکه بالموت فيحب علی الوصي صرفه فيما عينه الميت ولا يجوز له التبديل والتغيير.
ان الوصی کالوکيل، الا انه وکيل في افعاله بعد الموت فيلزمه العمل علی طبق نظر الميت.
فيمکن ان يقال فيه:
بان الوصية نافذة بالنسبة الی الثلث ويجب علی الوصی تنفيذها حسب وصية الميت ولکن صحيحاً، بمعنی ان تنفيذ الوصية انما يکون بالاتيان بالاعمال التی وصى بها صحيحاً لا باطلاً، والعمل الصحيح انما يتحقق اذا کان مستنداً بالحجة الفعلية، والحجية الفعلية بالنسبة الی الوصي هو اجتهاد او نظر مقلده، واما ما کان حجة للميت في اعماله عند اختلاف الاجتهاد او التقليد ليست فعلية بالنسبة الی الوصي، والوصي ملزم بالاتيان بالصحيح عن الميت.
اما قياس الوصي بالوکيل فهو غير تام.
وذلک:
لان الوکيل انما هو بمنزلة يد الموکل والوکاله انما يعتبر في حال الحياة وتبطل بالموت. فلو اراد الموکل دفع الخمس الواجب عليه فامر الوکيل باخراجه من ماله، وايصاله الی من اراده، فانما يعمل الوکيل کالوسيلة والالة له، والعمل الواجب وهو دفع الخمس انما يصدر من الوکيل فله قصد القربة مع انه لا يلزم علی الوکيل المتصدي له هذا القصد، ففي الحقيقه ان الفعل يصدر عن الموکل والوکيل آلة ووسيله في مقدماته او ملحقاته.
واما الوصي: فشأنه التصدي لما اراده وقصد الموصي مما يتعلق به من امواله بعد موته. فهو المتصدي لإصدار الفعل بخلاف الوکيل، ولذا يلزمه قصد القربة فيما اشترط فيه ذلک من الاعمال کدفع الخمس او الزکاة وکذا الاستنابة للحج، فانه لو کان الواجب عنده الحج البلدي فانه لا يصح الاستنابة للحج الميقاتي عن الميت وان اوصی به لعدم صحته وکفايته عنده.
وهکذا الامر في النائب، فانه هو المتصدي للفعل، فلو استنابه الوصي للحج البلدي او الميقاتي، فانه يلزمه قصد التقرب في افعاله ولا يکفي قصد القربة من الوصي، بل هو مکلف بالاتيان بالفعل الصحيح حسب استنابته، وما يمکن ان يصدر منه من القواطع او المنافيات لاعماله فهو مکلف له يجب عليه العمل طبق تقليده ولذا لو اتی بما يوجب فانما يخرج من ماله دون المنوب عنه.
الفرع الثاني:
... واذا علم ان الميت لم يکن مقلداً في هذه المسألة فهل المدار علی:
1 ـ تقليد الوارث.
2 ـ تقليد الوصي
3 ـ العمل علی طبق فتوی المجتهد الذي کان يجب عليه تقليده ان کان متعيناً، والتخيير تعدد المجتهدين ومساواتهم وجوه:
وعلی الاول ـ اي کون المدار علی تقليد الوارث ـ:
فمع اختلاف الورثة فی التقليد يعمل کل علی تقليده.
فمن يعتقد البلدية يؤخذ من حصته ـ بمقدارها بالنسبة ـ فيستأجر مع الوفاء بالبلدية بالاقرب فالاقرب الی البلد.
ويحتمل الرجوع الی الحاکم لرفع النزاع، يحکم بمقتضی مذهبه ينظر:
ما اذا اختلف الوالد الاکبر مع الورثة فی الحياة...
قال السيد الحکيم في ذيل قول الماتن وجوه:
«قد عرفت أن اللازم لكل عامل أن يعمل على تقليده لا تقليد غيره.
لكن لو بني على الثاني في الصورة الأولى ـ ای العمل على طبق المجتهد ـ يتعين في هذه الصورة الرجوع إلى المجتهد- الذي كان يجب على الميت تقليده- إذا كان متعيناً.لأن رأيه حجة عليه.
أما إذا كان متعدداً فيشكل التخيير: بأنه مع التعدد لا يكون رأى أحدهما حجة إلا إذا اختاره. نظير: ما لو تعارض الخبران، فإنه لا يكون أحدهما حجة إلا في حال الاختيار، فمع عدم الاختيار لا حجة و لا حجية.
و اختيار الوارث لا أثر له في الحجية على الميت.
و حينئذ يتعين الرجوع إلى تقليد نفسه، لا التخيير بين المجتهدين. فاللازم حينئذ التفصيل بين ان يكون المجتهد متعيناً فيلزم العمل على تقليد الحي نفسه.»[1]
[1] مستمسك العروة الوثقى، ج10، ص: 273.