بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه شانزدهم
و قال السيد الخوئي:
« لا ريب أن المستفاد من النصوص الآمرة بالحج وإخراجه من صلب المال واصلة ونحو ذلك إنما هو وجوب الإحجاج عنه إذا كان له مال ، وأما إذا لم يكن له مال يفي للحج فلا يدل شيء من هذه النصوص على وجوب الحجّ عنه.
وما ورد في صحيح ضريس من قضاء الولي له محمول على ما إذا كان له مال بقرينة سائر الروايات.
مضافاً:
إلى أن موردها من خرج حاجّاً حجّة الإسلام وكان مستطيعاً ومات في الطريق ، وفصّل ( عليه السلام ) بين من مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجّة الإسلام وبين من مات دون الحرم فليقض عنه وليه حجّة الإسلام
فالأمر بقضاء الولي عنه إنما هو فيما إذا كان المنوب عنه ممن وجب عليه حجة الاسلام ولا اطلاق له يشمل من مات مفلسا لا مال له.»[1]
و یمکن ان یقال:
ان مقتضی صحیحه ضریس و ان کان الامر بالقضاء مطلقا بظاهرها الا ان مقتضی الجمع بینها و بین مادل علی أنَّ الحج یلزم ان یکون من صلب مال المکلف کموثَّق سماعة و صحیح المجلسی و صحیح معاویة بن عمار الصريحتان بأنَّ الحج یلزم ان یکون من جمیع المال، أنَّ من لا مال له لا يجب القضاء عنه فیحمل الأمر فی صحیح ضریس علی الاستحباب.
الَّا أنْ یقال:
أنَّ الروایات المذکورة کانت فی مقام بیان أنَّ مؤونة الحج یکون من أصل المال کالدین لا الثلث و أنَّ القضاء لا یختص بحال الوصیة و أما من کان استقر علیه الحج و لم یأت بها و لا مال له، فلا دلالة فی هذه الأخبار علی نفی القضاء عنه من ناحیة المولی، أی وجوبه علیه. و هذا مما یشکل حمل صحیحة ضریس علی الاستحباب.
نعم: إنَّ فی صحيحة ضريس الأمر بالقضاء من ناحیة الولی بالنسبة الی من کان له مال و اقدم علی الاتيان بالحج و مات فی الطريق، و لم يصل الی الحرم فإنَّ المستفاد منه تمکن المتوفی.
و عليه، فالأمر فیها مقید بوجود الترکة کما أفاده السید الحکیم و تبعه السید الخوئی.
کما انه یمکن تأیید هذا الوجه أی التقیید بالترکة بصحيحة بريد المجلسي السابقة قال:
سألت أبا جعفر(ع) عن رجل خرج حاجا ومعه جمل له ونفقه وزاد فمات في الطريق؟ قال: إن كان صرورة ثم مات في الحرم فقد أجزأ عنه حجة الإسلام.
وإن كان مات وهو صرورة قبل أن يحرم جعل جمله وزاده ونفقته وما معه في حجة الإسلام»[2].
حيث ان الإتيان بالحج عنه، أی قضاء حجه کان بصرف زاده و نفقته في ذلک و هذا يوهم إن القضاء عن الميت موقوف علی صورة کونه ذا مال و أما من مات مفلساً فلا اطلاق فی الأمر الوارد فی صحيحة ضريس بقوله(ع): «فلیقض عنه ولیه...» یشمل القضاء حتی مع افلاسه.
فما افاده السید الخوئی (قدس سره) و قواه السيد الحکيم من تقیید الأمر فی الصحیحة بالترکة تام.
و أمَّا قول السيد الحکيم: نعم إنَّ الاعتبار يساعد علی الندب، فلا نعرف وجه هذا الاعتبار سوی الجمع العرفی بین صحیحة ضریس و الروایات الدالة علی ان القضاء یلزم ان یکون من أصل المال أو تمامه و قد مرَّ أنَّه لا وجه له للإشکال فی اطلاق هذه الأخبار فی شمولها للقضاء مع عدم المال لما مرَّ من عدم تمامية احراز و رودها في هذا المقام وأنَّها وردت فی بيان لزوم کون القضاء من أصل المال کالدين دون الثُّلث المتوقف على الوصية.
[1] . السيد الخوئي، مستند العروة كتاب الحج المجلد 1 ص 238-239.
[2] . الوسائل الباب 26 من ابواب وجوب الحج الحدیث 2.